أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    الأزمي يتهم زميله في المعارضة لشكر بمحاولة دخول الحكومة "على ظهر العدالة والتنمية"        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    بيت الشعر في المغرب والمقهى الثقافي لسينما النهضة    الزمامرة والوداد للانفراد بالمركز الثاني و"الكوديم" أمام الفتح للابتعاد عن المراكز الأخيرة    اعتقال بزناز قام بدهس أربعة أشخاص    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس الأسد مفتتحاً المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين.. المقاومة سطرت ملحمة خالدة في تاريخ الأمة

أيتها الاخوات والاخوة أعضاء المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين.. أيها السيدات والسادة.. يسعدني أن ألتقيكم في افتتاح أعمال مؤتمركم الرابع.. وأن أتوجه اليكم بالتحية والتقدير.. ومن خلالكم.. الى الصحفيين العرب الشرفاء الذين خاضوا بالامس ويخوضون اليوم حربا اعلامية وثقافية لا تقل شراسة وخطورة عن المعارك العسكرية التي يخوضها اخوان لكم في ساحات الشرف والكرامة.. ومعركتكم هي معركة الامة لصون عقلها وروحها والذود عن هويتها وتراثها ضد ما تتعرض له من غزو منهجي يستبيح كرامتها ويمزق وحدتها ويشوه قضيتها ويضرب ارادة المقاومة فيها من خلال الترويج لثقافة الانهزام والإذعان والانقياد الاعمى في الاتجاهات التي يحدد سمتها العدو ومن يقف في خندقه ويسوق لمشاريعه.
يسعدني أن ألتقي بكم في هذا الشرق الاوسط الجديد بالمعنى الذي نفهمه وبالشكل الذي نريده.. ولو لم يكتمل بعد. جديد بانجازات المقاومة..جديد بفرز القوى الواضح للعيان.. جديد بافتضاح ألاعيبه ومؤامراته..وبانكشاف أقنعته وزيف مصطلحاته بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. هذا الشرق الاوسط الجديد الذي بشرت به سورية مرارا وتكرارا على أنه الامل الوحيد للعرب لكي يكون لهم مكان على هذه الارض بالمعنى السياسي وبالمعنى المادي.. ولا يخفى على أحد منكم أنه لم يكن من السهل أبدا أن نتمكن من اقناع الكثيرين برؤيتنا للمستقبل..بل كان علينا انتظار هذا المستقبل لكي يصبح حاضرا ويتحدث عن نفسه..واليوم تتحدث الوقائع عن نفسها ليس كما تصورناها في الماضي فحسب بل بشكل أكثر وضوحا وتعبيرا. نلتقي اليوم وشرق أوسطهم المنشود المبني على الخنوع والمذلة وحرمان الشعوب من حقوقها وهويتها.. قد أصبح وهما بل انقلب الى نهضة شعبية عارمة على مستوى الساحة العربية موسومة بالعروبة موسومة بالكرامة موسومة برفضها لكل ما قدم لها من أعذار وحجج تبرر بقاءنا أذلاء خانعين نقتل صامتين بنفس الطريقة التي كانت تقدم فيها الاضحية من أجل ارضاء الآلهة واتقاء لغضبها. ولكن تقديم الاضحية في تلك العصور كان يعتبر حكمة.. فهل من المفترض أن نتبع هذه الحكمة اليوم..؟ وهل من معنى للحكمة مفصولة عن الشجاعة والإقدام؟ لو أردنا أن نقتدي بغزو العراق.. هذا الغزو الذي يذكرنا بالعصور الغابرة للبشرية.. ولو أردنا أن نقتدي بنتائج هذا الغزو من تدمير وخراب للعراق.. يذكرنا بالعصور الحجرية للبشرية.. فأنا أعتقد بأن هذه الحكمة مازالت سارية المفعول.. والدليل أن البعض من حكمائنا العرب مازال يتبع هذه الحكمة اليوم. فلكي تتواجد الحكمة لابد من وجود الشجاعة معها لكي تعطي صاحبها الاستقرار الضروري.. لكي يكون حكيما. أما عندما يوجد الخوف فلا مكان إلا للحكمة الزائفة التي تدفع بصاحبها للهزيمة والمذلة تحت عنوان الحكمة.. وفي عالمنا العربي الراهن ربما يتحقق النصر لنا تحت عنوان مزيف آخر هو المغامرة أو التهور. أي اذا كانت الحكمة قد أصبحت في قواميس البعض من العرب هي الهزيمة والذل.. فبشكل بديهي في هذه القواميس نفسها.. سنرى الانتصار يعادل المغامرة والتهور. ولكي لا نغرق في الكلام النظري لنسأل أنفسنا ماذا حقق لنا الانقياد اللاحكيم واللاعقلاني والمتهور خلف بعض حكمائنا الافتراضيين وعقلائنا الشكليين خلال عقود مضت؟ حقق الكثير لكن ضد مصالحنا. ولنأخذ عملية السلام تحديدا كمثال.. ولنتساءل ان كانت فشلت أم لا...؟ نحن نتحدث بشكل مستمر مؤخرا عن موت عملية السلام.. وقبل ذلك كنا نتحدث عن فشل عملية السلام.. وكل هذا الكلام صحيح لاشك فيه.. لكن الاكثر دقة من أن نقول ان عملية السلام فشلت وهي فاشلة وميتة كما يقال.. الاكثر دقة هو أن نقول ان العرب هم الذين فشلوا في عملية السلام عندما لم يفهموا معنى الخيار الاستراتيجي في السلام. أي لم يفرقوا بين خيار السلام الاستراتيجي وخيار السلام الوحيد. عندما يكون هناك خيار استراتيجي ما.. فلا يعني انه لا يوجد خيارات استراتيجية أخرى.. أو أنه لا يوجد خيارات تكتيكية ليس بالضرورة استراتيجية أخرى. نحن العرب خلال مسيرة عملية السلام تبنينا خيار السلام الوحيد وألغينا كل الخيارات الاخرى ومن ثم استبدلنا بمضمون السلام الوحيد خيار السلام الرخيص أو المجاني.. وفي هذا يفترض أن نقدم كل شيء «لاسرائيل» وأن نأخذ القليل. وفي الواقع.. ومن خلال الممارسة قدمنا الكثير وربما قدم البعض كل شيء ولكن حتى القليل لم نحصل عليه بل لم نحصل على شيء على الاطلاق.. ولذلك نرى اليوم أن الفلسطينيين يدفعون ثمن ذلك الواقع في الماضي.. ولهذا السبب رفضت سورية من خلال رؤيتها في ذلك الوقت أن تتنازل عن أي من حقوقها. فعندما نقول اخترنا السلام كخيار استراتيجي فهذا لا يعني أننا ألغينا الخيارات الاخرى بل بالعكس فكلما ابتعد السلام عن التحقيق.. ظهرت أهمية وضرورة البحث عن طرق وحلول أخرى لاستعادة حقوقنا.. وبالمقابل أكدنا في سورية على هذا الخيار.. أي خيار السلام.. منذ بدء عملية السلام مع تمسكنا بخيار المقاومة ما دام السلام لم يتحقق وخصوصا أن الشريك المفترض في السلام هو طرف لا يؤمن بهذه المقولة أصلا وقدم لنا الدليل تلو الدليل بما يؤكد ذلك. بمعزل عن المجازر العديدة في تاريخ «اسرائيل» تجاه العرب.. وغيرها من الادلة الاخرى.. لكن هناك دليل واضح على لسان رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق شامير عند بدء عملية السلام عندما قال في عام 1991: سنجعل هذه العملية تستمر لعشر سنوات.. يعني لن يتحقق السلام. وفعلا صدق الآن وبعد خمسة عشر عاما لم يتحقق السلام. كانت «اسرائيل»تسوّق قبل عملية السلام دائما في العالم أن «اسرائيل»تريد السلام وأن العرب يريدون الحرب.. وكانت مفاجأة لهم أن العرب قبلوا الدخول في عملية السلام فكان رد الفعل هو هذا التصريح العلني. ولكن الحكمة العربية السائدة كانت تقول: انه علينا أن نغمض أعيننا لكي نحرج «اسرائيل» أمام المجتمع الدولي الذي تم اختصاره ببضع دول موالية «لاسرائيل» مهملة ومهمشة كل ما تبقى من دول هذا العالم والتي تقف في معظمها معنا وتدعم قضايانا والنتيجة أننا نحن الذين أصبحنا محرجين أمام شعبنا العربي وفقدنا احترامنا ومصداقيتنا أمام أصدقائنا وخصومنا في آن واحد. هذه كانت المسؤولية العربية في فشل عملية السلام. ولكن ماذا عن مسؤولية الآخرين.. طبعا باستثناء «اسرائيل» والولايات المتحدة في سلة واحدة.. دول العالم بعد حرب 1973 حرب تشرين التحريرية اهتمت بالشرق الاوسط.. ركزت كل اهتمامها على منطقتنا وبدأ الحديث عن السلام واستمر هذا الحديث عن السلام حتى وصلنا الى عملية السلام في مدريد. ومر طبعا هذا الموضوع في مراحل مختلفة. عندما اطمأنت معظم دول العالم المهتمة بأن عملية السلام أقلعت من خلال المفاوضات.. سلمت العملية برمتها للولايات المتحدة وبقيت الولايات المتحدة الراعي الوحيد لهذه العملية.. والتي بدورها سلمتها «لاسرائيل».. وبالتالي كان كل مقترح يأتي للعرب خلال تلك الفترة اما أن يكون مقترحا اسرائيليا أو مقترحا صدق عليه الاسرائيليون. وعندما أدركت معظم دول العالم أن العرب أسقطوا خيار السلام الحقيقي واستبدلوا به خيار سلام استرضاء «اسرائيل» والولايات المتحدة أداروا ظهرهم لعملية السلام ولنا، واليوم فقط في هذه المعارك تذكروا عملية السلام وتذكرونا. طبعا نستبعد «اسرائيل» والولايات المتحدة من موضوع السلام.. لان «اسرائيل» عدو وكما قلت لا تريد السلام، والسلام يفرض على «اسرائيل» اعادة الاراضي المحتلة لاصحابها واعادة الحقوق.. بينما هي عدو بني ولن يتغير على أساس العدوان والتوسع. أما الولايات المتحدة.. فدائماً نقول انها ضرورية لعملية السلام وأساسية من خلال موقعها كقوة عظمى ومن خلال علاقاتها مع الاطراف المختلفة.. لكن ليس أي ولايات متحدة.. هذه الادارة تتبنى مبدأ الحرب الاستباقية وهي حرب مناقضة تماما لمبدأ السلام.. وثبت بعد ست سنوات من مجيء هذه الادارة أنه لا يوجد سلام.. وبالتالي لا نتوقع سلاما قريبا في المدى المنظور. وهنا نتساءل.. هل تذكرونا وتحركوا مؤخرا بسبب القتل والدمار الذي سببه الارهاب الاسرائيلي في لبنان...؟ بكل تأكيد لا.. فسنوات من القتل والتدمير ضد الفلسطينيين لم تجعلنا نسمع عن مبادرات وحلول ونشاط مكثف لمجلس الامن كما هو الحال اليوم. هل تحركوا خوفا من الفوضى أو قلقا على أمن المنطقة الذي يعنيهم مباشرة...؟ أمن المنطقة بكل تأكيد هو سبب كاف لهم لكي يتحركوا.. لكن المنطقة على حافة التفجير والانفجار.. منذ عدة سنوات.. فلماذا لم يتحركوا حتى هذه المرحلة؟. الحقيقة أنهم لا يتحركون الا عندما تتألم «اسرائيل».. و«اسرائيل» لا تتألم إلا عندما نمتلك القوة. هذا يعني بالمحصلة النهائية أن العالم لن يهتم بنا وبمصالحنا ومشاعرنا وحقوقنا الا اذا كنا أقوياء. سوى ذلك فإنهم لا يفعلون شيئا.. إلا أن يدفعونا بأقوالهم باتجاه السلام.. ولكنهم يدفعوننا بأفعالهم باتجاه الحرب.. وهنا يتحملون مسؤولية ما يحصل. أقصد الدول المهتمة بعملية السلام والمعنية وبمعظمها دول أوروبية. وهنا نتساءل ما الدافع الذي يحرك البعض من مسؤولي تلك الدول لكي يرسل الرسائل ويصدر البيانات بشأن شخص دخل الى السجن عندما خالف القانون...؟ ولاحقا نفاجأ بأنهم يرسلون لنا رسائل بأن شخصا موجودا في السجن وهو مصاب بوعكة صحية.. وهم قلقون جدا على الوضع الصحي لهذا الانسان.. يعني ما هذا النبل...؟ ما هذه الانسانية...؟ ما هذه العظمة...؟ الآن نسأل أين هؤلاء من المجازر التي حصلت في لبنان...؟ كل هؤلاء الاطفال والنساء والشيوخ والدمار لم نر منهم شيئا.. لم نسمع أي تحرك.. لم تصلنا أية رسالة.. ولا احتجاج.. إلا بعض البيانات الخجولة. أنا أقول: ان هذا أصاب مصداقيتهم بالصميم.. وهذا يعني أن هناك أهدافا أخرى لهذه الرسائل.. نحن نعرفها ولكن أعتقد بأن الامور الآن أصبحت واضحة. أيضا نسأل ذلك المسؤول الفرنسي المتقد حماسة بشكل دائم ومستمر خاصة باتجاه سورية.. نسأل هل سيطالب بلجنة تحقيق دولية لكي تحقق بمجزرة قانا فقط... ولا نتحدث عن بقية المجازر كما طالبوا بالتحقيق باغتيال الرئيس الحريري...؟ أم أن السبب والدافع كان هو أن المتهم الاول هو سورية وهذا دافع ومبرر والآن المتهم هو «اسرائيل» وهذا مانع...؟ أم أن أطفال قانا والآخرين هم من الفقراء الذين لا يستحقون نظرة من هذا المسؤول؟. نحن مقتنعون بأن الطريق الطبيعي لتحقيق السلام هو المفاوضات ولكن عندما يفشل هذا الطريق أو لا يتوافر أصلا.. فالمقاومة بأشكالها المختلفة هي البديل من أجل استعادة الحقوق.. والمقاومة ليست بالضرورة أن تكون فقط مقاومة مسلحة.. وانما ثقافية وسياسية وممانعة بالاشكال المختلفة. فإذاً دعم المقاومة هدفه السلام وليس الحرب وذلك من خلال الردع لمنع العدوان. وان لم ينفع فمن خلال الحرب لتحرير الارض.. وبالتالي فالمقاومة ليست نقيض السلام ولا بديلا منه بل هي على الاقل في ظروفنا الحالية ضرورية من أجل تحقيقه. وإلا فالنتيجة ستكون خسارتنا معركة الحرب وخسارتنا معركة السلام.. خاصة ان «اسرائيل» ومن خلفها الولايات المتحدة قد انتقلا نهائيا الى اعتماد الخيار العسكري المبني على مذهب الحرب الاستباقية.. بينما بقينا نحن كعرب في مكاننا نتحاور ونتفاوض مع أنفسنا مقتنعين بسلام موعود مع طرف وهمي يحضر نفسه يوميا من أجل عدوانه القادم على المواطنين العرب. هذا الموضوع.. موضوع المقاومة وضرورتها كان محل نقاش طويل وعبر سنوات ولأكثر من عقد من الزمن مع المسؤولين الاجانب والعرب.. وفي المرحلة قبل تحرير القسم الأكبر من الاراضي اللبنانية في عام 2000 كنا نناقش هؤلاء المسؤولين العرب والاجانب.. طبعا لا نستغرب ألا يفهم الاجنبي منطقنا.. ولكن في نقاش مع العرب وهو ما يهمنا كنا نقول لهم ان هذه المقاومة ستحرر لبنان.. كانوا يقولون /طبعا البعض/ بأنها لا تشكل أكثر من خرمشة قط. وفي عام 2000 تحرر لبنان بفضل المقاومة وثبت أنهم كانوا على خطأ وأننا كنا على حق. بعد العام 2000 تكرر هذا النقاش.. بما أننا نحن العرب نحب أن نكرر التاريخ بتفاصيله دون تطوير أحيانا.. تكرر نفس النقاش من خلال الضغوط على سورية في نفس الشأن.. فكان جوابنا: إن المقاومة هي قوة رادعة لأي عدوان اسرائيلي.. فكان أيضا جوابهم الرفض لهذا المنطق. الآن المعارك الاخيرة تثبت نفس الشيء. كانوا على خطأ وكنا على حق. يعني خطأ مربعا بالرياضيات.. ولو أردنا أن نحسب نفس النقاشات السابقة بالنسبة لمواضيع أخرى ابتداء من موضوع الارهاب.. مرورا بالحرب في العراق وايران.. لوضعنا رقما كبيرا. ولقد أثبتت الاحداث الاخيرة في لبنان صحة ذلك.. فالعدوان على لبنان ليس مرتبطا بخطف العسكريين بشكل أساسي.. بل هو محضر قبل ذلك بزمن بهدف استعادة التوازن للمخطط الاسرائيلي الذي أصيب بنكسات عديدة سواء بهزيمة الجيش الاسرائيلي أمام ضربات المقاومة وانسحابه عام 2000 أو بفشل حلفائه في لبنان في القيام بالمهام التي كلفوا بها خلال الفترة القصيرة الماضية. أما الأسر فكان بالنسبة لهم مجرد عذر أمام العالم للبدء بهذا العدوان. ولكن النتيجة كانت عبارة عن مزيد من
الفشل «لاسرائيل» ولحلفائها ولأسيادهم.. والمزيد من الرسوخ للقوى الوطنية الملتفة حول المقاومة.. وتجذر فكر المقاومة في عقول وقلوب مئات الملايين في المنطقة العربية والاسلامية. الكل يعلم الآن أن الخطة كانت محضرة وكتب الكثير عن أن هذه الخطة أي خطة الحرب كانت محضرة قبل ذلك بسنوات.. ويقال في الاعلام الغربي والعربي: أن الاسرائيليين حضروا أنفسهم بشكل جيد لهذه المعارك. ويقال أيضا: ان المخطط انتهى بشكل نهائي في شهر حزيران الماضي وكان منتظرا أن يبدأ التنفيذ في الخريف المقبل. البعض يقول حفاظا على الموسم السياحي.. طبعا من غير الممكن أن تكون «اسرائيل» قلقة على الموسم السياحي ولكن ربما قلقة على مصالح عملائها في لبنان في هذا المجال. هذا يذكرنا بما قلته أنا في خطابي أمام مجلس الشعب في 5 آذار من العام الماضي 2005 عندما قلت ان ما يحصل الآن هو 17 أيار والكثير من الاجيال الحالية لا تذكر ما حصل في 17 أيار الحقيقي في عام 1983، فيما قبل غزو لبنان في 1982 كانت هناك قوى لبنانية عميلة «لاسرائيل» تفشل في مخططاتها لضرب المقاومة الفلسطينية واللبنانية المشتركة في ذلك الوقت فبدأت تحرض وتدعو «اسرائيل» لإنقاذها من خلال الحرب.. وفعلا تمت الحرب وكان الهدف منها ضرب المقاومة وإلحاق لبنان بالركب الاسرائيلي.. وفشل 17 أيار. اليوم تتكرر نفس التداعيات.. مجموعات لبنانية تفشل في تحقيق مخططها لمصلحة «اسرائيل» فتحرض لمجيء «اسرائيل» عسكريا لانقاذها من الورطة ولضرب المقاومة.. وبالتالي إلحاق لبنان بالركب الاسرائيلي. في ذلك الوقت كان هناك غطاء عربي.. وفي هذه المرة أيضا كان هناك غطاء عربي. فأنا أؤكد على فكرة 17 أيار.. وكما قلت.. أنا دائما أقول عن هذه المجموعات.. 17 أيار. لا يهم ما هي التسميات التي يستخدمونها.. مرة يقولون شباط ومرة آذار.. هذه على طريقة عالم الاعمال. في عالم الاعمال عندما يفشل المنتج يعيدون طرحه في السوق بعنوان آخر ومع بعض التبديلات الشكلية. ونحن نؤكد أن المنتج هو منتج 17 أيار وهذا المنتج هو منتج اسرائيلي. طبعا الآن ستسمعون الكثير من الهجوم على شاشات التلفزة.. ولكي نقيم الخطاب ان كان مفيدا أم لا.. كلما كان الهجوم شرسا أكثر.. كان الخطاب جيدا أكثر. وطبعا سنضحك كثيرا لأن هناك الكثير من الكوميديا السياسية الآن في الطبقة السياسية اللبنانية. فإذاً الآن نستطيع أن نقوم بعملية ربط بين القرار 1559 والقرار 1680 والقرار الاخير 1701 واغتيال الحريري والحرب الاخيرة.. ودور هذه القوى اللبنانية ودور بعض القوى العربية. أصبح الربط واضحا. تذكرون منذ سنتين أو أقل طبعا كنا نقول ان القرار 1559 لا علاقة له بالتمديد للرئيس لحود. كان من الصعب تماما اقناع الناس. الآن الشيء نفسه يتكرر.. لا علاقة للحرب بأسر الجنديين.. والآن العالم يعترف بهذا الجانب. فإذاً لاشيء له علاقة بشيء.. هناك مخطط محضر مسبقا ومن لا يرى هذه الحقيقة لديه مشكلة بالرؤيا.. بعد كل هذه الاحداث والوضوح في الامور.. الرؤيا بالالف الممدودة في العقل وليس في العين. فإذاً.. هذه المقاومة ضرورية بمقدار ما هي طبيعية وشرعية.. وشرعيتها تأتي من كون الاعتداءات الاسرائيلية لم تتوقف منذ العام 2000 من خلال الخرق شبه اليومي للطيران الاسرائيلي للاجواء اللبنانية كما أن «اسرائيل» ماتزال تحتل جزءا من الاراضي اللبنانية.. بالاضافة الى استمرار أسر مواطنين لبنانيين في سجونها منذ زمن طويل.. أما ضرورتها فلنتأمل فقط في ما حققته المعارك الاخيرة من انجازات مباشرة على الواقع. كان أعظم ما في هذه المعارك أنها أتت ردا قوميا على الطروحات الانهزامية التي تم الترويج لها في منطقتنا وخاصة بعد غزو العراق. وزادها عظمة رد فعل الشعب العربي بشكل عام والذي أتى جوابه عروبياً خالصاً رداً على الطروحات البغيضة المثيرة للفتنة التي سمعناها مؤخرا وعلى من يقف خلفها.. وكأنه يقول لهؤلاء: نحن عرب وهذه مقاومتنا ومن لا يقف معها فليس منا. هذا يعني أن الشعور القومي بخير وهو لم يتراجع كما يدعي البعض.. بل هو في أوج اندفاعه متجاوزا كل الافكار الهدامة التي تحاول أطراف مشبوهة لا تخفى غاياتها.. تسويقها بين المواطنين العرب. لقد أثبتت المعارك المجيدة التي خاضتها المقاومة بإيمان وكفاءة نادرة عددا من الحقائق.. الحقيقة الاولى أن القوة العسكرية مهما عظمت عندما لا تمتلك عقيدة وأخلاقا ولا تستند الى حقوق مشروعة ولا تبنى على سياسة مبدئية تنتج الهزيمة. الحقيقة الثانية ان المقاومة التي تمتلك الايمان والعزيمة والصمود وتحتضن رؤية ومبادئ وأهداف الشعب.. ويحتضنها الشعب ويتبناها.. تنتج الانتصار. وفي هذه الحالة لا يتعدى انتصار العدو المدجج بالسلاح كونه تدميرا للحجارة وقتلا للمدنيين. وبما أن كل احتلال هو عمل غير أخلاقي فلابد له.. بل يجب أن يفشل ويهزم.. و«اسرائيل» هي النموذج. فالقوة العسكرية ليست كل شيء. والقوة التدميرية للسلاح ليست كل شيء.. و«اسرائيل» لا تمتلك سوى القوة التدميرية على المستوى العسكري وبعض العناصر الاخرى على المستوى الدولي.. ولكنها بالمقابل تمتلك نقطة قوة كبيرة هي ضعف العرب المعنوي قبل المادي. وعندما نقرر.. والقرار بيدنا.. أن نتلافى هذه الثغرة فلا شك أن التوازن هو في مصلحتنا. وهنا تكمن الحقيقة الثالثة التي تؤكد محدودية القوة الاسرائيلية رغم تفوقها.. وتحددها بقوة ايماننا وثباتنا وارادة القتال لدينا. وهذا الامر يجب أن يعزز الثقة في نفوسنا ويمحو كل أثر للهزيمة النفسية التي عززتها الدعاية المعادية والتي يرى أصحابها أن المعركة محسومة مسبقا لمصلحة «اسرائيل».. أو أن الهزيمة قدر محتوم على العرب.. كما يجب أن يدفع «اسرائيل» الى التفكير في عواقب سياستها الارهابية تجاه العرب في المستقبل. هنا نستطيع أن نجري مقارنة ما بين حرب 1982 منذ 24 عاما والحرب الاخيرة في لبنان منذ أيام. في عام 1982 بدأت «اسرائيل» حربها أو دخولها الى لبنان البري في 6 حزيران.. وصلت الى بعبدا المشرفة على بيروت في 13 حزيران.. أي في اليوم السابع كانت «اسرائيل» على مشارف بيروت.. ومن ثم تابعت عملية تطويق بيروت واحتلالها. اليوم بعد خمسة أسابيع تقريبا.. «اسرائيل» تجاهد وتعاني لكي تحتل بضع مئات من الامتار هنا.. وبضع مئات من الامتار هناك. وتحاول أن تصل الى أقرب نقطة من الليطاني وهي ستة كيلومترات ولا تتمكن. وأنا متأكد أنه لو كان هناك نبع لليطاني على الحدود الفلسطينية اللبنانية.. أو كان هناك جدول.. لوضعوا أقدامهم في الماء وقالوا لقد وصلنا الى الليطاني. أصبحوا محل سخرية وفقدوا مصداقيتهم.. وبالاساس لا توجد لديهم هذه المصداقية. يقولون احتللنا موقعا.. ثم يقولون قصفنا الموقع. المفروض بالعكس هذه بديهية أن نقصف بداية ومن ثم نحتل. على كل الاحوال.. ما الفرق بين الحرب الاولى والثانية.. أو لماذا؟ حقيقة في عام 1982 كانت الفجوة التقنية بين «اسرائيل» وبين الطرف المقابل الفلسطيني اللبناني.. كانت اقل من الفجوة اليوم. «اسرائيل» تضاعفت قوتها في هذه المراحل عدة مرات والفرق كبير بينها وبين المقاومة اليوم. لكن الفرق هو ارادة القتال. الحقيقة في عام 1982 كان هناك مقاتلون فلسطينيون ولبنانيون أشداء وقاتلوا فعلا ولكن هذا لا يكفي. ارادة القتال لدى بعض القيادات في 1982 لم تكن موجودة على الاطلاق. أما الآن فهناك ارادة قتال موجودة لدى القاعدة ولدى القمة وهناك احتضان شعبي ساعد هذه المقاومة على هذا النجاح. هذا فرق أساسي يجب أن نعرفه عن الحربين. من الجوانب الأخرى الايجابية أيضا لهذه الحرب أنها عرت الوضع العربي بشكل كامل. طبعا لو سألنا أي مواطن عربي قبل هذه الحرب عن الوضع العربي سيقول الوضع العربي سيئ وهذا الكلام صحيح. ولكن كان المواطن يرى الوضع العربي مع مساحيق تجميلية. الآن يراه صافيا من دون هذه المساحيق كما هو تماما. هذه الحرب منعت استخدام هذه المساحيق لأنها فرزت المواقف بشكل كامل.. لم يكن هناك من امكان لحلول وسط في مثل هذه الحرب.. أسقطت أصحاب أنصاف المواقف أو أنصاف الرجال.. وأسقطت كل المواقف المتأخرة. أي من كان ينتظر ميزان القوى ليرى أين تميل الكفة أو أين ترجح، سقط وسقطت معه مواقفه. فهذه من الميزات المهمة جدا الآن بالنسبة لهذه المعركة. لكل ما سبق.. اعتبرت هذه المعركة بالنسبة «لاسرائيل» معركة حياة أو موت لانها تفقد «اسرائيل» هيبتها وتأثيرها المعنوي علينا.. ومن ثم تفقد دورها التاريخي الذي أنشئت من أجله ووظيفتها بالنسبة للغرب.. لذلك بدأ العمل الحثيث من أجل التعويض عن هزيمتها العسكرية وفشلها في تحقيق أهدافها على الارض بأي انجاز سياسي دولي يبرر بقاء «اسرائيل» ودورها أمام مواطنيها وقيادتها وحلفائها.. وكما هي العادة لم يجدوا سوى مجلس الامن الذي حولته الولايات المتحدة من مجلس لحفظ الامن.. الى مجلس لتقويضه من خلال قيامه باصدار قرار يلبي مطالب «اسرائيل» وينقذها من ورطتها على حساب لبنان مهيئا المناخ للمزيد من الانقسام وعدم الاستقرار. لو عدنا الى قرارات مجلس الامن التي صدرت خلال العامين الماضيين.. القرارات 1559 و1860 و1701 والقرارات المتعلقة بدارفور.. على سبيل المثال.. وغيرها من القرارات.. لفهمنا تماما الى أين يتوجه مجلس الامن بأدائه.. طبعا باتجاه التدخل في الشؤون الداخلية للدول وخلق الاضطراب. البعض يقول إن مجلس الامن عاجز. هذا الكلام غير صحيح. مجلس الامن كان عاجزا عندما كان هناك توازن دولي. أما الآن فلو كان هذا المجلس عاجزا لما اعتمدت عليه الولايات المتحدة لإلحاق الاذى والضرر في أماكن مختلفة من هذا العالم. الحقيقة أن بقية العالم أو معظم العالم هو الذي أصبح عاجزا أمام مجلس الامن. نقول مجتمع دولي. المجتمع الدولي عبارة عن مجموعة دول.. جزء منها موجود في مجلس الامن.. وجزء منها حلفاء لها من خارج مجلس الامن. يحاربوننا من خلال قرارات مجلس الامن أو من دونها.. أي بكل الاحوال سيحاربوننا.. ولكن قرارات مجلس الامن تعطيهم هامش حركة أكثر وسهولة في هذه الحرب. ضعفنا يتجلى بأننا عندما نتحدث عن مجلس الامن.. يقول البعض طبعا ليس فقط في العالم العربي وربما في أماكن أخرى من العالم.. يقولون قرار مجلس الامن.. أو هكذا يريد مجلس الامن.. وكأن مجلس الامن هو مجلس ذو سلطة إلهية وكأن قرارات مجلس الامن هي كلام منزل وهذا الكلام خطير. لذلك الحل يكون كما قلت في السابق عندما تحدثنا عن القرار 1559 في خطابي في مدرج الجامعة.. الحل يكون هو أن القرار الوطني هو دائما أعلى من أي قرار دولي حتى لو أدى هذا الموضوع الى القتال والحرب.. فلا خيار لنا.. وهذا ما قلناه من خلال اتصالاتنا الاخيرة لكل من اتصل بنا واتصلنا به ولكل من التقينا به في هذه المرحلة خلال المعارك.. كنا نقول ان أي قرار سيصدر عن مجلس الامن تحت الفصل السابع أو أي فصل آخر لا يهم.. سيكون أمامه مصيران.. إما عدم التنفيذ وإما عدم الاستقرار.. عندما يحاولون تنفيذه بالقوة وغصبا عن دول المنطقة.. وتحديدا هنا خارج الاجماع اللبناني. عندها.. يتغير الوضع بالنسبة لمجلس الامن.. عندما تقرر كل الدول أن يكون القرار الوطني هو الأعلى لا خوف علينا من مجلس الامن لانه يعكس توازن القوى ونحن قررنا أن نكون ضعفاء.. عندما نقرر أن نكون أقوياء سيتغير هذا التوازن بقرارات ومن دون قرارات. فاذا ًعلينا ألا نضيع الوقت ونتحدث في ظل هذا التوازن الدولي عن قرار جيد وقرار سيئ. وهنا نبتعد عن التعابير الدبلوماسية التي تستخدمها وزارة الخارجية.. كما في البيان الاخير. ونقول هناك قرار سيئ وقرار أسوأ وقرار أقل سوءاً ما دام القرار يخص «اسرائيل» ويخص العرب.. وأميركا هي الحكم والخصم فستكون التقييمات بهذا الشكل. لكن هل هذا يعني أن القرار الاخير لا توجد فيه ايجابيات على الاطلاق...؟ فيه ايجابيات. بالنسبة لنا أهم شيء هو أن تتوقف الحرب وأن يتوقف تدمير لبنان ويتوقف قتل المدنيين الابرياء.. الاطفال والنساء والشيوخ وغيرهم.. هذا هدف أساسي بالنسبة لكل العرب للبنان وسورية ولكل العرب.. وأعتقد للكثير من الدول والشعوب في العالم. لكن التجربة علمتنا أن الايجابيات للشكل والسلبيات للمضمون.. هذه المشكلة الوحيدة في هذا القرار. هذا القرار حمّل المسؤولية للمقاومة.. أنا لا أريد أن أدخل في تفاصيله.. ولكن هذه
النقطة من الاشياء الفاقعة والصارخة التي لا يمكن أن نقبلها، من يتحمل المسؤولية بشكل بديهي؟ أنا لا أعطي موقفا هنا.. هي «اسرائيل» بالنسبة لأي شخص حتى خارج المنطقة العربية والاسلامية.. «اسرائيل» هي من يتحمل المسؤولية.. ولكن علينا أن نضيف عليها من يتحمل المسؤولية هم من شجعوا «اسرائيل» على المجيء الى لبنان ووقفوا معها ودعموها. جماعة 17 أيار يتحملون مسؤولية الدمار والمجازر والحرب من أولها الى آخرها. لذلك أتى هذا القرار كرافعة سياسية لهذه القوى.. طبعا هدفه انقاذ «اسرائيل» سياسيا مما لم تحققه مما خسرته عسكريا ولكن أيضا أتى كرافعة سياسية دولية.. لماذا دولية..؟ لانه لم يعد هناك رافعة وطنية تستطيع أن تحمل هؤلاء فاضطروا لايجاد رافعة دولية.. ستشكل هذه الرافعة الدولية منصة لهم لكي يبدؤوا الهجوم على المقاومة وكلنا رأينا مباشرة قبل أن يجف الدم.. قبل أن يحصل أي شيء آخر.. قبل أن يعود اللاجئون الى ديارهم.. بدؤوا مباشرة بالحديث عن نزع سلاح المقاومة. فإذا من مهامهم المستقبلية الآن بعد الحرب وبعد فشل الحرب هو انقاذ الوضع الداخلي في «اسرائيل» والحكومة الحالية.. اما من خلال ايجاد فتنة في لبنان.. ومن ثم نقل المعارك باتجاه آخر من الداخل الاسرائيلي الى الداخل اللبناني.. وإما من خلال امكانية تحقيق نزع سلاح المقاومة. ولكن أنا أبشرهم بأنهم فشلوا والسقوط لا يبدو لنا بعيدا. أيضا أثبتت هذه المعارك أن كلمة العرب لا قيمة ولا وزن لها في المحافل الدولية.. فهي من المرات النادرة التي نجمع كعرب ونتفق على شيء من ألفه الى يائه.. وذهب الوفد العربي الى نيويورك ممثلاً كل الدول العربية من دون استثناء وقوبل بالرفض وبالاهمال طبعا ليس اهمالا للوفد وانما اهمال لمن يقف خلفه وهو نحن كدول عربية. الحقيقة ما غير وضع القرار السابق المقترح الى الوضع الحالي وهو أقل سوءاً هو الوضع الميداني وصمود الشعب اللبناني وصمود المقاومة وليس الاداء السياسي العربي. هذه نقطة مهمة يجب أن نعرفها. الحقيقة في كل هذه الامور نصل الى نتيجة بأن الاعتماد على الوضع الدولي لا قيمة له ان لم نقم بالبحث عن عوامل القوة كعرب فلا قيمة لنا ولا أداء سياسيا ولا كل هذا الكلام وهو عبارة عن كلام وهمي. وأنا أعتبر أن المعركة الحقيقية ابتدأت الآن.. ليس بالمعركة العسكرية.. الآن المعركة بعد كشف هذه المواقف والفرز الذي حصل بدأت المعركة الحقيقية وبكل تأكيد الآن بدأت المعركة من لبنان ونحن سمعنا كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أرسل لهم الجواب.. من يقرأ الرسائل يفهم المضمون.. ونعتقد بأن ليس فقط في سورية نحن معهم.. وانما كل الشعب العربي الآن موقفه منحاز للمقاومة بشكل كامل فإذاً من الناحية العسكرية حسمت النتيجة لمصلحة المقاومة، و«اسرائيل» هزمت منذ بداية العدوان وليس في نهايته بكل المقاييس العسكرية. ولكن الحرب تحمل معها الويلات ولقد دفع لبنان ثمناً كبيراً مادياً وبشرياً وعلينا أن نقف معه كعرب لبناء ما تهدم.. ولكن هل تذهب دماء الشهداء والابرياء مجانا...؟ علينا بالحد الادنى أن نحول النصر العسكري الى ربح سياسي.. أقله في عملية السلام. فالنتائج الاولية للمعارك على المستوى السياسي كانت عودة الحديث عن ضرورة انجاز السلام وعودة الاراضي والحقوق.. وتمت مشاورتنا كعرب في كل ذلك.. طبعا بعد زمن طويل.. وهذا يعني أن جزءا من هذه القضية عاد لأيدينا..طبعا جزء بسيط كي لا نبالغ.. والفضل كله للمقاومة والوقوف معها الآن ودعمها.. هو ما سيمكننا من امتلاك الجزء الاكبر من هذا الملف وبالتالي يجعل الدول المعنية والمهتمة تأخذ رأينا ومصالحنا بالاعتبار. بمعنى آخر المقاومة والسلام هما محور واحد لا محوران ومن يدعم جزءا منه فعليه أن يدعم الجزء الآخر.. ومن يدع الخبرة وامتلاك الرؤية في السلام فليعرض علينا انجازاته في مجال المقاومة. عدا ذلك فالخبرة ناقصة لكي يؤخذ بها. وبما أننا نعيش الآن ظرفا استثنائيا ومفصليا فلا مكان للمجاملات والمساومات والتسويات وعلينا أن نتحدث بصراحة.. نحن في سورية ولبنان وفلسطين لاتزال لنا أراض لم تحرر.. هذا يعني أننا نحن المعنيون بالحرب وبالسلم.. وفي المقام الاول نحن نريد من أشقائنا العرب أن يقفوا معنا ونرحب بكل من يريد أن يقف معنا ولكن من خلال رؤيتنا وتقديرنا لمصالحنا.. فنحن من عانى في الحرب وفي مفاوضات السلام خلال العقود الماضية.. ومن لا يقتنع برؤيتنا فلا نطلب منه سوى إفساح الطريق لكي نقوم بما يجب علينا القيام به ولن نطلب من أحد أن يحارب معنا ولا نيابة عنا. لانه كلما حصل اضطراب نسمع أن مسؤولا يقول لماذا ورطونا؟ لا أحد يورط أحدا. الحقيقة كل بلد مسؤول عن نفسه. لم يقولوا لنا هذا الكلام طبعا.. قالوه للمقاومة. لكن كمبدأ عام لا أحد يورط أحدا.. كل شخص مسؤول عن بلده كما قلت. لكن عليه بالحد الادنى ألا يتبنى رؤية العدو لقضايانا وألا يكون دوره على حساب مصالحنا.. فكل من لم يختبر الحرب لا يحق له أن يضع نفسه مرشدا ومعلما في السلام.. ومقاومة اليوم هي التي ستحدد الاتجاه السياسي للغد.. والموقف منها اليوم هو الذي سيحدد الادوار التي ستلعب في الغد. بمعنى آخر زمن الاسترزاق السياسي والتطفل السياسي على القضايا انتهى.. خاصة بعد هذه المعارك وبهذا الظرف الجديد انتهى. من يرد أن يلعب دورا لأسبابه الداخلية على حساب قضايانا فهذا الموضوع غير مقبول.. أو من يرد أن يلعب دورا من أجل أن يرضي الخارج أيضا على حساب قضايانا.. فهذا الموضوع أيضا غير مقبول. لم نقرر في سورية بعد أن نعرض قضيتنا للبيع في السوق الدولية ولا في أي سوق. ولا أعتقد بأن الفلسطينيين بعد أوسلو وواي ريفر وواي بلانتيشن وكل هذه التسميات.. قرروا أن يبيعوا القضية ولانرى هذا الشيء في لبنان. دور المقاومة في المرحلة المقبلة سيكون أساسيا على مستوى الساحة العربية ولا أقصد الآن المقاومة اللبنانية.. أقصد المقاومة كفكر بعدما توسع بهذا الشكل الكبير خاصة مؤخرا.. ولكن لنأخذ دورها في لبنان أولا.. دورها على سبيل المثال في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاخير.. قبل هذا الاجتماع في بيروت بثلاثة أسابيع كنا مجتمعين في القاهرة وكانت الاجواء في هذا الاجتماع تشبه تماما الاجواء التي سبقت الغزو الأميركي للعراق.. انقسام شبه مطلق بين الدول العربية. فجأة خلال ثلاثة أسابيع لم يتبدل الوزراء ولا الحكومات وأصبحنا متفقين.. على ماذا... أو لماذا...؟ السبب هو الاجماع اللبناني. الجوهر في الاجماع اللبناني هو موقف المقاومة.. لو أرادت المقاومة أن تقول لن نقبل بهذه النقاط أو نتحفظ على نقطة ما فلا قيمة لهذا الاجتماع.. لن يحصل.. ولو حصل وقالوا بعد الاجتماع الافكار مرفوضة.. لسقطت شرعية الاجتماع وسقط كل شيء. فهذا دور على سبيل المثال نذكره. لكن هناك دور أكبر سيكون جزءا من الوضع الداخلي للدول العربية.. كلنا كمسؤولين عرب نريد الاستقرار لبلداننا.. ولكن لا يمكن للاستقرار أن يتحقق أو أن يستمر في ظل الافتراق المستمر بين المواقف الرسمية والمواقف الشعبية. وفي هذه المرحلة وصل هذا الافتراق الى ذروته. الشعب العربي انحاز بشكل واضح وربما بشكل شبه مطلق.. ليس مطلقا.. لا يوجد شيء مطلق.. وانما بشكل كبير بمعظمه انحاز الى جانب المقاومة وتحدانا كمواقف رسمية.. تحدى صمت البعض منا وتحدى انحياز البعض منا.. وقرر الوقوف في هذا الاتجاه. فأنا أدعو كل الرسميين.. كل مسؤول عربي.. لكي ينحاز لجانب شعبه ولكي ينحاز بالتالي لجانب المقاومة لان هذا الشعب هو أساس الاستقرار الذي نتحدث عنه ونبحث عنه خاصة في هذه الظروف وخاصة بعد الحرب على العراق ومخططات التفتيت المطروحة في المنطقة. والتجربة علمتنا أن القوى الدولية المهيمنة التي ربما يركن اليها البعض هذه القوى تستخدم المسؤولين.. وتستخدم الحكومات لمصالحها الخاصة.. ضد مصالح تلك الحكومات وأحيانا لمصلحة أعداء تلك الحكومات. وتلقي بكل هؤلاء في أول هاوية بعد أن ينتهي استخدامهم.. ويكونون قد خسروا الخارج بعد أن يكونوا قد خسروا الداخل. أيها الاخوة.. لقد أحاط بالحرب الاخيرة الكثير من الطروحات التي تجاوزت في بعض الاحيان حدود المقبول.. بل هي اقتربت أو تطابقت مع حدود المحظور قوميا وأخلاقيا والذي قد يوحي ويشير اما الى خلفيات مثيرة للشك أو الى جهل كبير بحقائق الامور.. فمن الخطأ أن نستسلم في تقييمنا لهذه الحرب الى رؤى ضيقة الافق تفصل هذه المواجهة عن السياق العام لتاريخ الصراع العربي الاسرائيلي وعملية السلام وانتكاساتها وتتعامل معها بعيدا عن تقدير مضامين المخططات الأميركية والغربية وما يحصل في العراق وفلسطين ولبنان خلال السنوات الاخيرة. كل ذلك يؤكد التخطيط المسبق للعدوان ويوضح أن العدوان اسرائيلي في أدواته لكنه أميركي تشاركه بعض الدول الغربية في قراره. أما أن يعتقد البعض أنه رد فعل على خطف الجنديين فهذه سذاجة لا مثيل لها. أغلب هذه الطروحات ورد في بعض الكتابات والتصريحات.. كأن يقال: إن المقاومة يجب أن تأخذ اذنا من الحكومة. الحقيقة أن المقاومات تأخذ غطاء وشرعية من الحكومة ومن الشعب ولكن لا تأخذ اذنا من الحكومة ولو افترضنا أنها ستقوم بهذا الشيء فالجواب سيكون بشكل واضح الظرف لا يسمح الآن.. بمعنى لن يكون هناك مقاومة لو أرادت أن تعتمد على الحكومات. طرحت كلمة مغامرين.. اذا كان المقاومون مغامرين فهل نستطيع أن نقول: إن يوسف العظمة وسلطان باشا الاطرش والخراط وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي.. هؤلاء مغامرون...؟ هل سعد زغلول في مصر وسليمان الحلبي الذي قتل كليبر في مصر أيضا وهو سوري وجول جمال الذي فجر نفسه.. كان أول استشهادي في المنطقة العربية بإحدى السفن الفرنسية.. أيضا هو من سورية.. هل كل هؤلاء أيضا مغامرون..؟ اذا كان الوضع كذلك فلنطلب من وزارات التربية في الوطن العربي أن تغير المناهج ولنطلب أن نغير كل هذه المصطلحات.. طبعا هذا الكلام غير مقبول. طبعا نلاحظ دائما في بعض الطروحات الغربية العنصرية التي لا تزال موجودة تجاه العرب.. يقولون الرد الاسرائيلي غير متكافئ.. أي لو ردت «اسرائيل» بمقدار معين فعدوانها مقبول. هم ليسوا ضد مبدأ العدوان.. هم ضد المقدار. فلابد أن يأتي يوم ويضعوا لنا الجداول ويحددوا لنا فيها ما المقبول بالنسبة «لاسرائيل» أن تحققه من دمار وقتل لكي لا تعتبر متجاوزة ربما للجانب السياسي أو الحد الانساني أو الاخلاقي أو المواثيق الدولية المختلفة. أيضا طرح أنه يحق «لاسرائيل» أن تدافع عن نفسها كرد فعل نتيجة الاعتداء الذي قامت به المقاومة. لو طبقنا وهنا نرى ازدواجية المعايير نفس هذه الفكرة بمعادلة رياضية على الفلسطينيين.. لو أرادوا أن يقوموا برد فعل فكم يحق لهم أن يدمروا.. أن يقتلوا في «اسرائيل». لو طبقناها من الناحية الفعلية.. لما بقي شيء في «اسرائيل». على كل الاحوال ما أظهرته الوقائع الاخيرة بالنسبة للتحقيقات التي تمت مع شبكة العملاء التي ألقي القبض عليها مؤخرا في لبنان.. وربطت هذه المعطيات مع مواقف جماعة 17 أيار قبل العدوان وبعد العدوان.. تؤكد أن هذا المخطط كما قلت محضر مسبقا ونضعه في ثلاثة مسارات.. المسار الاول.. هو القرار 1559 واغتيال الرئيس الحريري والضغوط على سورية والمقاومة من أجل الاذعان. المسار الثاني.. هو فشل الاحتلال الأميركي في العراق. المسار الثالث.. هو دفن عملية السلام والانتقال الى الخيار العسكري لاخضاع العرب ومن ثم كنتيجة طبيعية اعفاء «اسرائيل» من كل التزاماتها تجاه العرب. أمام هذا الواقع المأساوي نشأت المقاومات في الساحة العربية كحل وحيد لاستعادة الحقوق المستلبة. بعد كل هذا الكلام لابد أن تستنتج «اسرائيل» شيئا ويبدو أنهم لا يحللون.. لأنهم لم يحللوا وضع المقاومة ولا قوتها.. ويبدو أن الانسان عندما يصبح قويا جدا يفقد التوازن.. لا يستطيع أن يرى الواقع بشكل دقيق أو بشكل عقلاني. «اسرائيل» حاولت.. أو مازالت تحاول خلال عقود أن تكون جزءا من هذه المنطقة عبر مخطط كان يسمى في السابق الشرق الاوسط الكبير.. لا أعرف ان كان هو نفسه الجديد أو ربما مع بعض التعديلات.. ولكن هذا الطرح قديم.. على أن تكون «اسرائيل» هي القوة المهيمنة في المنطقة العربية والعرب هم عبارة عن مال وعبيد وأقمار صناعية تدور في الفلك الاسرائيلي.
اعتمدوا على فكرة أساسية أن كل جيل من الاجيال العربية التي ستأتي سيكون أكثر قبولا «لاسرائيل» من الجيل الذي سبقه.. وبالتالي أكثر اذعانا. فإذاً القضية قضية زمن والزمن لمصلحة «اسرائيل». لنرى على الواقع.. لو افترضنا بأن الزمن الذي يفصل بين جيلين هو من 15 الى 20 عاما فأنا أعتبر نفسي أمثل الجيل الثالث الذي أتى بعد اغتصاب فلسطين. والان الجيل الرابع موجود جزء منه معنا في هذه القاعة وهو شاب واكتمل وعيه السياسي. الحقيقة ما يجب أن تعرفه «اسرائيل» أن كل جيل يأتي هو أكثر كرها «لاسرائيل» من الجيل الذي سبقه. وكلمة كره ليست كلمة جيدة.. نحن لا نكره ولا نشجع العالم على الكره.. لكن الحقيقة أن «اسرائيل» لم تترك مكانا في منطقتنا إلا للكره.. لم تترك مكانا. على سبيل المثال.. طبعا نحن نقرأ عن مجازر دير ياسين وغيرها من المجازر والاشياء الأخرى التي قامت بها «اسرائيل» ضد العرب.. ولكن ما عشته أنا وجيلي عاش مجازر صبرا وشاتيلا.. عاش مجزرة قانا الاولى.. والان يعيش مجزرة قانا الثانية. الجيل الرابع يذكر مجزرة قانا الاولى ويذكر مجزرة قانا الثانية. الاطفال الآن يسألون لماذا هؤلاء الاطفال يموتون..؟ هم يتكوّن وعيهم للحياة من عبر مجزرة قانا الثانية.. فإذاً يجب أن تعرف «اسرائيل» أن الزمن ليس في مصلحتها.. بل بالعكس.. سيأتي جيل يكون أشد تصميما على ضرب «اسرائيل» وسينتقم من كل ما قامت به في الماضي.. وعندها سيدفّع الثمن أبناؤكم للاسرائيليين. وأنا أريد أن أتحدث من الواقع أيضا.. اذا أرادت «اسرائيل» أن تحلل فعليهم أن يحللوا الحروب العربية الاسرائيلية 1948 1956 1967 1973 1982 والصدام مع المقاومة في 1993 1996 والحرب الاخيرة. هم لو حللوها سيلاحظون. طبعا هذه الحروب تمثل أربعة أجيال.. يلاحظون أن المقاتل العربي قد ازداد تصميما.. فهذه المعارك وهذه الحروب تعكس الوضع العربي تجاه «اسرائيل». فإذاً نقول لهم لقد ذقتم الذل في المعارك الاخيرة في لبنان.. وفي المستقبل أسلحتكم لن تحميكم.. لا الطائرات ولا الصواريخ ولا حتى القنابل الذرية.. الاجيال تتطور والاجيال المستقبلية في العالم العربي ستتمكن من ايجاد الطريقة لهزيمة «اسرائيل» بشكل أكثر شدة مما رأيناه في المعارك الماضية. فإذاً على القيادات الاسرائيلية أن تتخلى عن حماقتها وعن غرورها وتعرف أنها أمام مفصل تاريخي الان.. فإما أن تذهب باتجاه السلام وعودة الحقوق.. أو أن تذهب باتجاه اللااستقرار المستمر حتى يحسم الامر بجيل من الاجيال. أيها الاخوة.. لقد سطرت المقاومة الوطنية اللبنانية البطلة بدمها وتضحيات أبنائها ملحمة خالدة في حياة الامة وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر ودفنت تحت أقدامها سياسة الاستسلام والهوان وبرهنت أن قوة الايمان بالارض والوطن تهزم قوة السلاح مهما عظم وتجبر. وإنني أتقدم بالتحية والتقدير والاكبار لرجال المقاومة وأقف اجلالا لشهدائها البررة وأحيي الشعب اللبناني الشقيق الذي كان بصموده الحاضنة الاساسية لها. ونقول لكل من يتهم سورية بأنها تقف مع المقاومة.. وهذه التهمة قديمة ليست تهمة جديدة أبداً.. نقول لكل من يتهم سورية.. اذا كان الوقوف مع المقاومة تهمة وعاراً.. فهي بالنسبة للشعب السوري شرف وافتخار. هذه المقاومة هي وسام يعلق على صدر كل مواطن عربي.. ليس فقط في سورية.. مع كل قطرة عرق.. مع كل قطرة دم.. مع كل صاروخ يدمر دبابة.. ومع كل جندي اسرائيلي يهزم في أرض لبنان.. فنحن نعتبر أن هناك وساما يعلق على صدر كل مواطن عربي. أما أنت أيها الشعب العربي السوري فكلمة فخور أقل من أن تعبر عما يشعر به الانسان تجاه عظمة وقوفك مع اخوتنا اللبنانيين. لقد كنت كبيرا في حين أرادك البعض صغيراً غارقاً في الاحقاد. والكبير يفاجئ الخصم دائماً بما لا يتوقعه. وجهت صفعة لمن أرادوا خلق شرخ بين سورية ولبنان فكنت رائعا في استيعابك لحجم المؤامرة وقويا بردك عليها. باختصار كنت قلب العروبة النابض بكل ما تحمله هذه الكلمة من حرارة سترتفع ومعنى سيزداد قوة عندما نحرر الجولان بأيدينا وعزيمتنا وتصميمنا. إن قدر سورية هو الاعتزاز بالعروبة والدفاع عنها وصونها لأنها الاساس الوحيد لمستقبل مشرق ومشرف نبنيه من أجل أبنائنا ولنغرس في قلوبنا وعقولنا أن لا مكان في هذا العالم لغير الاقوياء. والقوة تبدأ بقوة العقل وبقوة الارادة وبقوة الايمان وهي أساس المقاومة والطريق الوحيد لتحقيق النصر. أما انتظار الحلول لقضايانا من قبل الآخرين والايمان بقدرة المجتمع الدولي بديلا من الايمان بقدراتنا وتسليم عقولنا للخوف وارادتنا للغير فهو نقيض الحكمة بل هو الجهل بعينه. أكرر تحياتي لكم أيها الاخوة الصحفيون وتمنياتي لمؤتمركم بالنجاح. والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.