محمد عيسى في ليالينا الحزينة كنّا نقف على الجسر و نحصي جروحنا في النّهر و يتدفّق على وجنتينا الاعتراف و تحتوينا طاولة الرياح من أين جئنا؟ من أين يكبر فينا الجمر ؟ يجمّدنا الدّمع تمثالين في الظّلام ويصير النّهر بلا ضفائر حتّى ينام الجسر و يأتينا الغيم من وراء الستائر نحتاج إلى مدن بها أسماء و شوارع بها أسماء نحتاج إلى إعادة ترتيب الأساطير حتى يرقص الماء و تتمايل السّنابل نحتاج إلى تحرير الشّوارع نحو اليسار و نحو اليمين و في الوسط حتى ينتحر الغلمان خلف الأسوار و تنسحب الجواري من الشّرفات مبلّلا بالأمطار يكبر التّاريخ بأحلام الغرباء و في غفلة عن البنادق تنسى الجماهير غصّة حرق الأصابع و يبشّر الجياع بعرش الغنائم و يركض الأطفال في كلّ الشوارع ها أنّك يا وطني تنير في كفّك عشتار و تخلع العتمات و يحضنني الجسر و تبسم في كفّها زهرة الجلّنار و في شعرها تكبر الأنهار و يمتلئ وجهي بكفّيها و تنسى ليالينا تهمها القاتلة كم تكبر هذه البلاد و تصير أحلى و كم تتزيّن هذه الدّروب و ينشر الياسمين بين الماء و الماء آخر بيانات عشتار... في ليالينا الحزينة يشتهينا القلق الافتراضيّ و حديث الأمطار و نكتشف الحنين إلى فنجان قهوتنا و أمنيات الأصداف.