قالت وزيرة الدولة لشؤون الطاقة الإسبانية، سارة أغسين، إن إعادة تشغيل أنبوب الغاز "المغاربي الأوروبي" بين إسبانيا والمغرب، من أجل تصدير الغاز نحو المملكة المغربية، لن يكون له ضرر على العلاقات مع الجزائر، لكون أن هذا التشغيل العكسي للأنبوب لن يضم أي قطرة غاز جزائرية. وأضافت الوزيرة المعنية خلال جلسة في البرلمان الإسباني أمس الخميس، وفق وكالة الأنباء "أوروبا بريس"، أن الغاز الجزائري الذي يتم تصديره إلى إسبانيا عبر الأنبوب المباشر "ميدغاز" لم يتوقف في أي وقت من الأوقات، مشيرة إلى أن إسبانيا تعمل على تنويع مزوديها بالغاز الطبيعي من طرف أكثر من 12 دولة. وقالت أغسين في هذا السياق، أن الغاز الذي تستورده إسبانيا من روسيا لا يُمثل سوى 7 بالمائة، مؤكدة على سهولة تعويضه من طرف مزودين آخرين، وبالتالي فإن الاعتماد الإسباني على روسيا أصبح "ضئيل جدا" حسب تعبيرها. وأشارت وزير الدولة لشؤون الطاقة في هذا الصدد، إلى أن دولة قطر، التي قام أميرها تميم بن حمد آل الثاني، بزيارة دولة إلى مدريد بداية الأسبوع الجاري لمدة يومين، بإمكانها أن تُصدر المزيد من الغاز الطبيعي المسال إلى إسبانيا، إلا أنها أشارت إلى كون ذلك يبقى رهينا بالعقود الذي ستُبرمها الشركات المتخصصة في الغاز بإسبانيا. وتجدر الإشارة إلى أن إسبانيا شرعت في الشهور الأخيرة في البحث عن شركات ومزودين جدد بالغاز الطبيعي، وقد كانت الوجهة الأولى هي الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث ارتفعت صادرات الغاز الأمريكي نحو إسبانيا بشكل كبير جعل الغاز الأمريكي يتفوق على صادرات الغاز الجزائري الذي كان هو في المقدمة لعقود طويلة. وتجدر الإشارة إلى أن شركة الغاز الإسبانية "Enagas" كانت قد كشفت مؤخرا أن بيانات لشهر مارس الماضي، سجلت ارتفاعا "تاريخيا" في واردات الغاز الأمريكي المتدفق على إسبانيا متفوقا لأول مرة على واردات الغاز الجزائري، ما يشير إلى تحول مدريد نحو واشنطن للتزود بحاجياتها من الغاز والشروع في تقليص الاعتماد على الجزائر. وحسب صحيفة "أوكيدياريو" الإسبانية، فإن وارادت إسبانيا من الغاز القادم من الولاياتالمتحدةالأمريكية، شكل نسبة 43 بالمائة خلال شهر مارس الماضي، في حين انخفضت نسبة الغاز الجزائري المتدفق على إسبانيا إلى 30 بالمائة فقط، مشيرة إلى أن هذا تحول يحدث لأول مرة في تاريخ قطاع الغاز في إسبانيا. وأضاف ذات المصدر الإعلامي، أن توجه إسبانيا للاعتماد على الولاياتالمتحدة في الفترة الأخيرة، يرجع إلى تكلفة سعره المنخفضة مقارنة بالجزائري، بالرغم من أن المسافة بين الولاياتالمتحدة وإسبانيا تُعتبر أطول بالنظر إلى طول المحيط الأطلسي، لكن ما يجعل الغاز الأمريكي أرخص هو كونه غاز صخري وتكلفة إنتاجه تكون رخيصة. كما أن هذا التحول يأتي تزامنا مع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن زيادة الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 66 بالمائة، من أجل مساعدة هذه البلدان على تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، ما يعني أن إسبانيا ترغب في ضرب عصفورين بحجر واحد، تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، والغاز الجزائري معا. وأشارت الصحيفة الإسبانية، أن من بين الأسباب الأخرى التي تدفع مدريد إلى الرفع من واردات الغاز الجزائري، هو الصعوبات والعراقيل التي تواجه نقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا، وهي الصعوبات التي طفت على السطح بعد إيقاف استخدام أنبوب الغاز "المغاربي الأوروبي" الذي يعبر المغرب بسبب الخلافات السياسية العميقة بين الرباطوالجزائر. وفي هذا السياق، ذكرت "أوكيدياريو" سببا سياسيا آخر، يتعلق بموقف إسبانيا الجديد من قضية الصحراء المغربية الذي لم يُعجب أصحاب القرار في الجزائر، حيث أعلنت مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، وهو ما دفع الجزائر إلى التلويح برفع أسعار الغاز الذي تُصدره إلى إسبانيا، خاصة أن العقود الموقعة بين الطرفين ليست طويلة الأمد مقارنة بالعقود المبرمة بين الشركات الإسبانية ونظيرتها الأمريكية.