عندما تولى عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر خلفا لعبد العزيز بوتفليقة في دجنبر 2019، لم يكن المغرب يأمل في أن يكون نظام أفضل من سلفه بوتفليقة، وكانت التوقعات تشير إلى أن العلاقات بين البلدين ستستمر في الجمود والقطيعة، خاصة أن تبون أعرب عن مواقفه المُضادة للمغرب خلال الحملة الانتخابية. لكن بعد مرور سنتين على قيادة تبون لنظام الجنرالات في الجزائر، يتبين حسب عدد من المهتمين بالشؤون الجزائرية المغربية، أن نظام تبون فاق كل التوقعات التي رسمها المغرب للسياسة المحتملة للأخير، فهو لم يواصل حالة الجمود وشبه القطيعة الديبلوماسية فقط، بل نقل العلاقات بين البلدين إلى القطيعة الكاملة والعداء العلني والتلويح بالحرب، وبالتالي فاق نظام بوتفليقة بمراحل كبيرة. تأثير قرارات نظام تبون، كان لابد أن يكون لها تأثير على وعي القاعدة الشعبية أو الجماهيرية، سواء في المغرب أو الجزائر، وفق ما يرى أصحاب الفلسفة الاجتماعية، وبالخصوص الخبراء في سيكولوجية الجماهير، حيث تحول الاحترام المتبادل والمساندة بين الشعبين، إلى ما يشبه التراشق لدى فئة عريضة منهما، ويظهر ذلك في الاتهامات المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخلال الأحداث الرياضية الأخيرة. وتُعتبر كرة القدم من الرياضات التي تستقطب جماهير عريضة، وتبقى هي من الأمثلة البارزة التي تُظهر التحولات التي طرأت على علاقات الجماهير الشعبية المغربية والجزائرية بعد تولي نظام تبون حكم البلاد في الجزائر، وقد أشار إلى ذلك مؤخرا العديد من الهتمين بالعلاقات الثنائية بين الجارين الشقيقين في شمال إفريقيا. ففي سنة 2019، وقبل شهور من تولي تبون رئاسة الجزائر، فاز المنتخب الجزائري بكأس أمم إفريقيا المقامة في مصر، وقد حظي هذا التتويج الجزائري بتشجيع كبير من الجماهير المغربية الذين أعربوا عن فرحتهم العارمة بهذا الإنجاز الذي حققه منتخب الجزائر، وقد قام الملك محمد السادس بتوجيه تهنئة خاصة للجزائريين بهذا التتويج الذي رفعه رجال المدرب بلماضي. ومباشرة بعد الفرحة المشتركة للجزائريين والمغاربة بفوز منتخب الجزائر بكأس إفريقيا، ارتفعت الكثير من الأصوات الجزائرية والمغربية مطالبة بفتح الحدود بين البلدين وإعادة العلاقات المتينة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، إلا أنه بعد أشهر من ذلك تولى تبون رئاسة البلاد وخفتت كل تلك الأصوات. اليوم تُقام مرة أخرى كأس أمم إفريقيا في الكاميرون، لكن المساندة الجماهيرية التي كانت بين المغاربة والجزائريين، تلاشت لدى فئات عريضة منهما، وتحولت إلى العكس، وهو ما اعتبره الكثيرون، نتيجة لسياسة تبون العدائية تجاه المغرب التي كانت أقل حدة في عهد عبد العزيز بوتفليقة. ومن القرارات التي اتخذتها الجزائر في عهد تبون تُجاه المغرب، قطع العلاقات الديبلوماسية بشكل كامل مع المملكة المغربية، ومنع كافة الطائرات المغربية سواء المدنية أو العسكرية من التحليق فوق الأجواء الجزائرية، وإيقاف العمل بأنبوب الغاز العابر للمغرب نحو إسبانيا، إضافة إلى اتهامات بدون دلائل تتعلق باتهام المغرب بالوقوف وراء حرائق تيزي وزو، والتجسس على المسؤولين الجزائريين ببرنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، ومحاولة زعزعة استقرار الجزائر بمساندة تنظيمات تصفها الجزائرية ب"الإرهابية". وتأتي هذه القرارات والاتهامات في الوقت الذي حاول المغرب إصلاح العلاقات مع الجزائر وإعادة فتح الحدود بين الطرفين، وفق ما جاء في خطاب العرش للملك محمد السادس في غشت الماضي، إلا أن نظام تبون له رأي آخر، وهو الرأي الذي ساهم في توسيع الفجوة بين البلدين بشكل كبير.