توطئة أصبح التطرّف (Extreme) ظاهرة متفشّية في الكثير من المجتمعات، بما فيها بعض المجتمعات المتقدّمة، وإنْ كان قديمًا قِدَم البشرية، إلّا أنه، بفعل «العولمة»، والثورة العلمية - التقنية والتطوّر الهائل في تكنولوجيا الإعلام والاتصال والمواصلات والطفرة الرقمية (الديجيتل) والمعلوماتية، بات أكثر خطورة وتهديدًا على المستوى العالمي بما لا يمكن قياسه قبل بضعة عقود من الزمان، سواء بعمق تأثيره أم بسرعة انتقاله أم بمساحة تحرّكه، حتى غدا العالم كلّه «مجالًا حيويًا» لفيروساته، الأمر الذي لم يعد تهديده مقتصرًا على السلم الأهلي والمجتمعي فحسب، بل أصبح عالميًا بتهديده للسلم والأمن الدوليين. ويصبح التطرّف فعلًا ماديًا حين ينتقل من التنظير إلى التنفيذ، ومن الفكر إلى الواقع، ومن النظرية إلى الممارسة، فما بالك إذا استُعمل الدين ذريعة للإلغاء والإقصاء وفرض الرأي بالعنف والإرهاب خارج نطاق القانون والقضاء، ولا سيّما من خلال تكفير الآخر بزعم امتلاك الحقيقة وادّعاء الأفضليات. التكفير حكم ليس بالضرورة أن يصدر عن محكمة، بل تصدره أحيانًا جماعة سرّية خارج القانون والقضاء، بحق شخص أو مجموعة من الناس لا تتفق معها بزعم مخالفتها للدين أو العقيدة فتقوم بتأثيمها لفعل ما ومن ثم تحريمها وبالتالي تجريمها، والأمر يشمل الأفكار والأشخاص. وكان من نتائج استشراء ظاهرة التطرّف انتشار ظاهرة العنف والإرهاب، وهو الأمر الذي تفشى في الكثير من البلدان العربية والإسلامية وأخذ يهدّد الدولة الوطنية بالتشظّي والتفتّت، إنْ لم يكن بالانقسام، الذي يتّخذ في بعض الأحيان طابعًا مجتمعيًا، وخصوصًا حين يجد بيئة صالحة لتفقيس بيضه، وتفريخ مجموعات متنوّعة ومختلفة من القوى الإرهابية، ابتداءً من تنظيم القاعدة وفروعها وصولًا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وأخواتها «جبهة النصرة» أو «فتح الشام» بحسب التسمية الجديدة أو غيرها. جدير بالذكر أن ظاهرة التطرّف استفحلت بدرجة مريعة، بعد موجة ما أطلق عليه «الربيع العربي» التي ابتدأت في مطلع عام 2011، والتي كان من أعراضها «الجانبية» تفشي الفوضى وانفلات الأمن واستشراء الفساد المالي والإداري وإضعاف الدولة الوطنية ومحاولة التغوّل عليها من جانب جماعات مسلّحة خارج حكم القانون والقضاء، وأخذت بعض تلك الجماعات على عاتقها تهديم مقوّمات الدولة، سواء بفعل "إرادي" أم عبر سلوك وتصرّف من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة ذاتها. وإذا كان من الوظائف الأساسية لأي دولة حفظ الأمن والنظام العام وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، فإن الجماعات المتطرّفة والإرهابية التي اعتمدت العنف والإرهاب وسيلتين لفض النزاعات بينها وبين الدولة في الأغلب، وبينها وبين المجتمع، قادت من الناحية الفعلية إلى «حروب أهلية»، الأمر الذي أدى إلى تدمير المؤسسات الحكومية والمرافق الاقتصادية والحيوية، وعطّل التنمية وعملية التراكم والتطوّر، ناهيك بالعبث والاستخفاف بالأرواح والممتلكات العامة والخاصة، سواء بشلّ أجهزة الدولة أم بتعويمها وإفقادها القدرة على القيام بمهامها كلًّا أو جزءًا، وخصوصًا في ظل الفوضى وانعدام الأمن. وإذا كان التغيير "فرض عين" مثلما هو "فرض كفاية" كما يُقال، أي أنه خيار واختيار، وفي الوقت نفسه "اضطرار"، لأن ذلك من طبيعة الأشياء، إذْ لا يمكن دوام الحال على ما هي عليه إلى ما لا نهاية، فذلك من المُحال، لكن الوصول إليه يحتاج هو الآخر إلى توافر شروط موضوعية وأخرى ذاتية لإنجازه، وكسب للرأي العام. فحتى البلدان التي حصل فيها التغيير بإرادة شعبية، بانهيار أو تآكل "الشرعيات القديمة" فإن "الشرعيات الجديدة" لم تُبنَ بعد أو لم تستكمل، وواجهتها مشكلات جمّة وتحدّيات كبرى أمام عمليات الانتقال والتحوّل من طور إلى طور. وحسب المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي "فإن الماضي قد احتضر، أما الجديد فلم يولد بعد". وقد أكّدت الأغلبية الساحقة من التجارب العالمية أن التغيير الذي حصل بحكم القوة سرعان ما ارتدّ على أعقابه، وأحيانًا تكون ردود الفعل أقوى وأقسى، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تأخير عملية التطوّر الطبيعي التدرّجي، لأن درجة تطوّر المجتمع والقوانين السائدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومستوى وعي الناس والثقافة عمومًا لم ترتقِ لتحقيقه، والعكس صحيح، كلّما كان التطوّر منسجمًا مع درجة تطوّر ووعي الناس، ناقلًا إيّاها من طور إلى آخر، ولكن دون قفز على المراحل أو حرق لها، كان أكثر رسوخًا وثباتًا ونجاحًا، لأنه تطوّر طبيعي وليس مفروضًا. أولًا: جدلية القانون والسياسة التطرّف ابن التعصّب ووليده العنف، وقد يقود هذا الأخير إلى الإرهاب. ويستهدف العنف في العادة ضحية أو ضحايا بعينهم، في حين أن الإرهاب هو استهداف مجموعة من السكان بهدف إحداث نوع من الرعب والفزع في المجتمع وإظهار الدولة بمظهر الضعيف والعاجز عن حماية الأمن، وإذا كان العنف يخضع للقانون الجنائي الوطني، فالإرهاب يخضع له أيضًا، إضافة إلى القوانين الدولية، وخصوصًا إذا كان للأمر علاقة بجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب. وقد بات هذا الثلاثي (التعصّب والتطرّف والإرهاب) قضية دولية مطروحة على طاولة البحث والتشريح في الأممالمتحدة وعلى صعيد المجتمع الدولي كله، فلم يعد كافيًا منذ أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 الإرهابية التي حصلت في الولاياتالمتحدة وهزّت العالم، وجود قرارات تعالج قطاعيًا وجزئيًا بعض مظاهر التعصّب والتطرّف والإرهاب في العلاقات الدولية، وإنما استجدّت الحاجة الملحّة والماسّة إلى بحث شامل لهذه الظواهر بأبعادها ودلالاتها المختلفة. للتعصّب سبب والتطرّف ثمرة لهذا السبب، أما الإرهاب فهو نتيجة، الأمر الذي سيبقي الحاجة ضرورية لمعالجة أسباب التعصّب والتطرّف، وليس معالجة النتائج فحسب، وحتى النتائج فهناك من يريد تحميل تسديد فواتيرها للآخرين، وإنْ كان الجميع مشمولين بها، لكن القوى المتنفذة والمتسيّدة في العلاقات الدولية تريد تعليقها على شماعة "البعض"، ولتلك الأسباب تتنصّل عن أي محاولة لوضع ضوابط ومعايير لإيجاد تعريف دولي جامع ومتفق عليه لظاهرة الإرهاب. وعلى الرغم من أن الحديث عن الإرهاب يرتفع بوتيرة متسارعة منذ ما يزيد على 5 عقود من الزمان، إلّا أنه يتم الاتفاق على تعريفه، وبالتالي وضع الخطط والوسائل الكفيلة لمواجهته. وكانت الأممالمتحدة قد أصدرت منذ عام 1963 وحتى أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، نحو 13 اتفاقية وإعلانًا دوليًا حول الإرهاب، لكنها لم تتوصل إلى تعريف لماهيته بسبب التفسيرات والتأويلات الخاصة التي تريد القوى النافذة في العلاقات الدولية فرض مفهومها وإملاء استتباعها على الشعوب والأمم، ولا سيما حين تحاول دمغ المقاومة بالإرهاب وتغض النظر عن إرهاب الدولة والجماعات العنصرية الاستيطانية الاستعلائية، وخصوصًا في فلسطين المحتلّة، في حين تتحدّث أحيانًا عن إرهاب فردي أو عمليات عنف محدودة ومعزولة. وعلى الرغم من أن مجلس الأمن الدولي أصدر 3 قرارات بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وفي ما بعد 4 قرارات عقب احتلال "داعش" للموصل في عام 2014، لكن الأمر لم يتغيّر، وظلّ تعريف الإرهاب عائمًا، بل ازداد التباسًا بحكم التفسيرات المختلفة في شأنه، باختلاف مصالح القوى الدولية، لأن القوى المتنفّذة تحاول احتكار العدالة وفرض مفهومها الخاص للإرهاب، وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر بعد يوم واحد من أحداث 11 أيلول/ سبتمبر القرار 1368 في 12 أيلول/ سبتمبر الذي عدّ الحدث تهديدًا للسلم والأمن الدوليين شأنه شأن أي عمل إرهابي وطالب الدول بعمل عاجل لتقديم المرتكبين ورعاتهم إلى العدالة. ثم صدر القرار 1373 في 28 أيلول/ سبتمبر من الشهر ذاته والعام ذاته (2001)، وهو من أخطر القرارات بخصوص الإرهاب الدولي، لأنه أعطى المبرّرات للعودة إلى القانون الدولي التقليدي و"الحق في الغزو" و "شن الحرب"، أنّى شاءت الدولة تحت عنوان حماية مصالحها القومية، أو إذا شعرت أن ثمة خطرًا وشيك الوقوع يهدّدها أو من المحتمل تهديدها أو أن ذلك يلبي مصالحها القومية، وذلك حين رخّص القرار لما سمي "الحرب الاستباقية"، أو "الحرب الوقائية"، الأمر الذي يثير إشكالات وتحفظّات فقهية وسياسية لتعارضاته مع ميثاق الأممالمتحدة. والقرار يتجاوز أيضًا على مضمون المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة التي تجيز للدول "حق الدفاع عن النفس" (فرادى أو جماعات) إلى أن تتم دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد، وذلك حين سمح، لمجرد الشبهات شن الحرب ضدّ دولة أو جهة ما، تصنّف بوصفها "إرهابية" (دول محور الشر وقائمة المنظمات الإرهابية مثلًا)، كما أهمل القرار الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والتربوية والقانونية التي تكمن وراء ظاهرة الإرهاب الدولي، وكذلك وراء ظواهر التعصّب والتطرّف والعنف، مثلما أغفل مبدأ حق تقرير المصير والحق في المقاومة. وكان القرار الثالث هو القرار 1390 الذي صدر في 16 كانون الثاني/ يناير 2002 قد فرض التزامات ومسؤوليات على الدول بشأن مكافحة الإرهاب الدولي وتجفيف منابعه والقضاء على بؤر تمويله وغير ذلك، ودعا هذا القرار إلى تعاون الدول مع الأممالمتحدة وإلّا عُدّت متواطئة أو داعمة للإرهاب في حال عدم انضمامها إلى الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب. وقد صدر هذا القرار بالتوافق وليس بالتصويت، ويتلخص مضمونه وتفسيراته وتأويلاته في أنه أعطى للمرّة الأولى في تاريخ الأممالمتحدة: الحق في اتخاذ عقوبات خارج نطاق حدود الدول وأدرجها ضمن الفصل السابع، حيث نص على تجميد الأموال وحظر توريد الأسلحة ووضع أسماء أشخاص مطلوبين للعدالة ومنظمات كذلك، إضافة إلى ضرورة تعاون الدول وإلّا عُدّت متواطئة أو داعمة للإرهاب في حال عدم انضمامها إلى الحملة الدولية لمكافحته. أما القرارات عقب احتلال داعش للموصل فهي أربعة: الأول، رقم 2170 وصدر في 15 آب/ أغسطس 2014 بشأن التهديدات التي يتعرّض لها السلم والأمن الدوليان نتيجة الأعمال الإرهابية وفيه إدانة للفكر المتطرّف وتنديد بتجنيد المقاتلين الأجانب. الثاني، رقم 2178 الصادر في 24 أيلول/ سبتمبر 2014 وفيه أيضًا إدانة للتطرّف والعنف والإرهاب، ويستعيد القرار 1373. الثالث، رقم 2185 الذي صدر في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر والذي أكّد دور الشرطة كجزء من عمليات الأممالمتحدة لرفع درجة المهنية لمحاربة التطرّف والإرهاب. الرابع، رقم 2195 في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2014، الذي حثّ الدول على العمل الجماعي والتصديق على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وشدّد على العلاقة بين مكافحة الإرهاب والتطرّف المقترن بالعنف ومنع تحويل الإرهاب. يمكن القول إن كل تطرّف ينجم عن تعصّب لفكرة أو رأي أو أيديولوجية أو دين أو طائفة أو قومية أو إثنية أو سلالية أو لغوية أو غيرها، ولكن مهما اختلفت الأسباب وتعدّدت الأهداف، فلا بدّ أن يكون التعصّب وراءها، وكلّ متطرّف في حبّه أو كرهه لا بدّ أن يكون متعصّبًا، ولا سيّما إزاء النظر إلى الآخر وعدم تقبّله للاختلاف، وكل اختلاف بحسب وجهة نظر المتعصّب يضع الآخر في خانة الارتياب، وسيكون غريبًا، وكل غريب أجنبي، وبالتالي فهو مريب، بمعنى هو غير ما يكون عليه المتطرّف. التطرّف يمكن أن يكون دينيًا أو طائفيًا أو قوميًا أو لغويًا أو اجتماعيًا أو ثقافيًا أو سياسيًا، والتطرّف الديني يمكن أن يكون إسلاميًا أو مسيحيًا أو يهوديًا أو هندوسيًا أو غيره، كما يمكن التطرّف أن يكون علمانيًا، حداثيًا، مثلما يكون محافظًا وسلفيًا، فلا فرق في ذلك سوى بالمبرّرات التي يتعكّز عليها لإلغاء الآخر، بوصفه مخالفًا للدين أو خارجًا عليه أو منحرفًا عن العقيدة السياسية أو غير ذلك. أما الإرهاب فإنه يتجاوز التطرّف، أي أنه ينتقل من الفكر إلى الفعل، وكل إرهاب هو عنف جسدي أو نفسي، مادي أو معنوي، ولكن ليس كل عنف هو إرهاب، خصوصًا إذا ما كان دفاعًا عن النفس ومقاومة العدوان. وبحسب نعوم تشومسكي، فالإرهاب هو كل محاولة لإخضاع أو قسر السكان المدنيين أو حكومة ما في طريق الاغتيال والخطف وأعمال العنف، بهدف تحقيق أهداف سياسية، سواء كان الإرهاب فرديًا أو تقوم به مجموعات أو تمارسه دولة، وهذا الأخير هو الإرهاب الأكثر خطورة. وإذا كان هذا التعريف البسيط والعميق الذي يقول به مفكر أمريكي، فإن صعوبات جمّة تعترض المجتمع الدولي للاتفاق على تعريف المقصود بالإرهاب في القانون الدولي بسبب خلفية الجهات والقوى والبلدان التي تنظر إليه كل من زاويتها ومصالحها. وغالبًا ما يحدث التسييس والخلط المتعمّد والمقصود بين الأعمال الإرهابية وأعمال المقاومة المسلحة. تحاول "إسرائيل" ومعها الولاياتالمتحدة وقوى متنفّذة في العلاقات الدولية، حسبان كل عمل عنفي حتى وإن كان اضطرارًا ودفاعًا عن النفس ومن أجل التحرّر الوطني، وهو ما تقرّه المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، «إرهابًا»، علمًا بأن القانون الدولي يعدّ اللجوء إلى الدفاع عن النفس واستخدام جميع الوسائل المشروعة بما فيها القوة، عملًا مشروعًا في حالات النضال من أجل الانعتاق وتحقيق الاستقلال وحق تقرير المصير. وكلّ إرهاب تطرّف، وبالطبع كل متطرّف هو متعصّب، ولا يصبح الشخص إرهابيًا إلّا إذا كان متطرّفًا، ولكن ليس كلّ متطرّف إرهابي، فالفعل سواء كان عنفيًا أم إرهابيًا تتم معالجته قانونيًا وقضائيًا وأمنيًا، لأن ثمة عملًا إجراميًا تعاقب عليه القوانين، أما التطرّف، ولا سيّما في الفكر، فله معالجات أخرى مختلفة، وهنا يمكن قرع الحجة بالحجة ومحاججة الفكرة بالفكرة، والرأي بالرأي، وإنْ كانت قضايا التطرّف عويصة ومتشعّبة وعميقة، وخصوصًا في المجتمعات المتخلّفة، كما أن بعض التطرّف الفكري قد يقود إلى العنف أو يحرّض على الإرهاب، بما فيه من طريق الإعلام بمختلف أوجهه. وإذا كان التطرّف يمثّل نموذجًا قائمًا على مرّ العصور والأزمان، فإن نقيضه الاعتدال والوسطية والمشترك الإنساني بين الشعوب والأمم والأديان واللغات والسلالات المتنوّعة، لأن الاجتماع الإنساني من طبيعة البشر، حيث التنوّع والتعدّدية والاختلاف وهذه صفات لصيقة بالإنسان، وكلّها ينبغي الإقرار بها والتعامل معها كحقوق إنسانية توصلت إليها البشرية بعد عناء، وهي النقيض لفكر التطرّف والتكفير. التطرّف يعني في ما يعنيه ادّعاء الأفضليات، ف "الأنا" أفضل من "الأنت"، و"النحن" أفضل من "الأنتم"، و"ديني" أفضل من الأديان الأخرى، و"قومي" فوق الأمم والقوميات الأخرى إلى درجة الزعم بامتلاك الحقيقة، وتلك البذرة الأولى للتعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب. ثانيًا: في نقيض التطرّف لا يمكن القضاء على فكر التطرّف وجذوره، ما لم يتم القضاء على فكر التعصّب الذي يزعم امتلاك الحقيقة المطلقة، وما سواه إلّا بُطلان ووهم على أقل تقدير. وقد أثبتت التجارب أن الفكر المتطرّف والتكفيري لا يتمّ القضاء عليه بالعمل العسكري أو المسلح، كما لا يمكن القضاء على التطرّف بالتطرّف أو مواجهة الطائفية بالطائفية أو مواجهة الإرهاب بالإرهاب، وإنْ كان "آخر العلاج الكيّ" كما قالت العرب، لكن: عنفان لا يولدان سلامًا، وإرهابان لا يبنيان وطنًا، وظلمان لا ينتجان عدالة، وطائفيتان لا تنتجان مواطنة، الأمر الذي يحتاج إلى معالجة الظاهرة اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وتربويًا ودينيًا وقانونيًا ونفسيًا، وهو علاج قد يكون طويلًا ومتشعّبًا، ولا يقع على الدولة وحدها إنجازه بقدر ما تحتاج إلى طاقات جميع القوى الحيّة والفاعلة في المجتمع التي يهمّها إنجاز التغيير بوسائل سلميّة تدرجية وإحداث التراكم المطلوب. ولعلَّ القضاء على الفقر والأمية والتخلّف ضمن استراتيجية بعيدة المدى يساعد على خلق بيئة مناسبة لنشر قيم السلام والتسامح واللاّعنف وقبول الآخر والإقرار بالتنوّع والتعدّدية، وذلك في إطار المواطنة التي تقوم على أركان متوازية ومتكاملة، تبدأ بالحرية وتمرّ بالمساواة والعدالة، ولا سيّما الاجتماعية لتصل إلى الشراكة والمشاركة، وبذلك يمكن تجفيف منابع ومصادر القوى المتطرّفة والإرهابية، بالقضاء على أسباب التعصّب. لا ينمو التطرّف إلّا إذا وجد بيئة صالحة لنموّه ومثل هذه البيئة بعضها ناجم عن أسباب داخلية وأخرى خارجية، وبهذا المعنى ثمّة دلالات لهذه الظاهرة: 1. أنها ظاهرة راهنة وإنْ كانت تعود إلى الماضي، لكن خطورتها أصبحت شديدة العمق والتأثير، ولها تجاذبات داخلية وخارجية، عربية وإقليمية ودولية، لأن التطرّف أصبح كونيًا، وهو موجود في مجتمعات متعدّدة ولا ينحصر في دين أو دولة أو أمّة أو شعب أو لغة أو ثقافة أو هويّة أو منطقة جغرافية أو غير ذلك، وإنْ اختلفت الأسباب باختلاف الظروف والأوضاع، لكنه في جميع الحالات لا يقبل الآخر ولا يعترف بالتنوّع، ويسعى إلى فرض الرأي بالقوة والعنف والتسيّد إن تطلّب الأمر ذلك. ومع أن منطقتنا وأممنا وشعوبنا الأكثر اتهامًا بالتطرّف، إلّا أنها في واقع الحال الأكثر تضرّرًا منه، حيث دفعت الثمن لعدّة مرّات ولعدّة أضعاف من جرّاء تفشّي هذه الظاهرة، الأمر الذي لا ينبغي إلباس المنطقة ثوب التطرّف تعسفًا أو إلصاق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين بوجه خاص، بحسبان دينهم أو تاريخهم يحضّ على التطرّف والإرهاب، علمًا بأن المنطقة تعايشت فيها الأديان والقوميات والسلالات المختلفة، وكان ذلك الغالب الشائع، وليس النادر الضائع كما يُقال. وإذا كانت البلدان العربية والإسلامية تعاني اليوم ظاهرتَي التطرّف والإرهاب، وتشهد نزاعات واحترابات دينية وطائفية وإثنية، فقد سبقتها أوروبا إلى ذلك وشهدت "حرب المئة عام" بين بريطانيا وفرنسا. مثلما شهدت "حرب الثلاثين عامًا" في عام 1618 – 1648 التي انتهت بصلح وستفاليا. وهناك أوجه جديدة من حروب الإبادة تعود لأسباب دينية أو طائفية أو عنصرية، يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما حدث في البوسنة والهرسك 1992 – 1995، وحرب كوسوفو 1998 – 1999، واحتلال أفغانستان عام 2001، واحتلال العراق عام 2003 وغيرها، وإن كانت أسباب الحروب مختلفة أساسها المصالح الاقتصادية ومحاولات التسيّد وفرض الهيمنة، لكنها تلبس لبوسًا مختلفة. فخلال عقد من الزمان شنّت «إسرائيل» حربًا ضدّ لبنان عام 2006، وفرضت حصارًا على غزّة عام 2007، وقامت بثلاث حروب: أولاها، وأطلق عليها اسم "عمود السحاب" في أواخر العام 2008 وأوائل عام 2009؛ وثانيتها، "عملية الرصاص المصبوب" في عام 2012؛ أما الثالثة، فهي "عملية الجرف الصامد" في عام 2014. وبهذا المعنى فالتطرّف والإرهاب موجودان في جميع المجتمعات والبلدان، وليسا محصورين في منطقة أو دين أو أمة أو غير ذلك. 1. تثير ظاهرة التطرّف ومخرجاتها التباسات نظرية وعملية بعضها يعود إلى القوى الدولية الكبرى، والآخر إلى قوى التطرّف المحلية التي تستند إلى تفسيرات وتأويلات تنسبها إلى "الإسلام" ولا سيّما بالعلاقة بالآخر، بما يمكن تصنيفه ب "الإسلامولوجيا" أي استخدام التعاليم الإسلامية ضد الإسلام، في حين يستخدم الغرب "الإسلاموفوبيا" (الرهاب من الإسلام)، في محاولة لتعميم وربط بعض الأعمال الإرهابية والمتطرّفة، بالإسلام والمسلمين. ولهذا فإن البحث في موضوع التطرّف والإرهاب ينبغي أن يفكّك الظاهرة على المستويين النظري والعملي، ولا بدّ أن يتناول موقف الجماعات والتيارات الفكرية المختلفة، الجديد منها والقديم، والديني وغير الديني، على النطاقين المحلي والدولي، وقد أدت المصالح الدولية والتوظيف السياسي الإغراضي ومحاولات الهيمنة والتسيّد دورًا مهمًّا في انتشار ظاهرة التطرّف. 1. لم تعد الظاهرة تقتصر على جماعات محدّدة أو فئات محدودة كانت الدولة تغضّ الطرف عنها أحيانًا، بل إن تهديدها وصل إلى أساسات الدولة والهويّة، وخصوصًا في مجتمعاتنا التي غالبًا ما تلجأ إلى العنف في حل الخلافات، الأمر الذي يحتاج إلى حوار فكري وثقافي ومعرفي، ليس بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب فحسب، بل بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة، داخل كل بلد وعلى مستوى إقليمي لتحديد ضوابط وأسس توافقية لمواجهة هذه الظاهرة، التي لا يمكن القضاء عليها أو محاصرتها إلّا بنقيضها، ونعني بذلك أفكار التسامح واللاّعنف وقيم العدل والمساواة والتآخي والتضامن بين الأمم والشعوب، واحترام الهويّات الفرعية، وتلبية حقوقها. طبعًا لن يتم ذلك من دون التوصّل إلى تفاهمات واتفاقات في إطار التكامل والتفاعل والتواصل وتعظيم المشتركات والجوامع وتقليص المختلفات والفوارق، وجعل الحوار السلمي الوسيلة المناسبة والفعّالة لحل الخلافات، وصولًا لتحقيق المشترك الإنساني. وإذا كان الحوار مطلوبًا على مستوى دول وأمم المنطقة التي هي بحاجة إلى حوار بين بعضها بعضًا، فإنها أيضًا بحاجة ماسة إلى حوار داخلي في إطار الدولة الوطنية، وهو الأساس الذي يمكن الانطلاق منه، ناهيك بحوار مع المجتمع الدولي حول المشتركات الإنسانية. في المقابل فإن القوى الإرهابية التي هاجر بعض قياداتها إلى الغرب عملت على استغلال أجواء التسامح وفضاء الحرّيات والديمقراطية، فجندت الشباب، وهو ما جاء دورهم بخاصة عقب احتلال أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003 ، وذلك بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولاياتالمتحدة. ثالثا: خطاب جديد وفكر جديد لا ّبد من خطاب جديد، وقبل ذلك لا ّبد من ّف والقضاء عليها لكي يتم تطويق ظاهرة التطر تجديد الفكر، لكي يتم تجديد الخطاب، والأمر يحتاج إلى وضع معالجات طويلة الأمد تقوم على عدد من الدوائر والجبهات: الأولى، الجبهة الفكرية والحقوقية: اعتماد مبادئ المواطنة والمساواة، وهما ركنان أساسيان من أركان الدولة العصرية التي يفترض فيها أن تكون «دولة الحق والقانون» وتستند إلى قواعد العدل والشراكة والمشاركة، إذْ لا يمكن القضاء على التطرّف والإرهاب بوسائل عسكرية أو قواعد أمنية فقط، بل لا ّبد من مواجهة فكرية راهنة مثلما هي متوسطة وطويلة المدى، فالنصر الحقيقي عل التطرّف هو في الجبهة الفكرية أولاً، وخصوصا حين يدير الشباب والناشئة ظهورهم للتطر على التطر ويبنون علاقات ً وجسورا من الثقة والاحترام بينهم وبين الآخر، ً وفقا للمشتركات الإنسانية، مع ّات العامة والخاصة وقيم ّات الفرعية، بما ينسجم مع جوهر الحري احترام الخصوصيات والهوي حقوق الإنسان. الثانية، الجبهة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: وتلك التي تستوجب توفير ظروف مناسبة للعيش الكريم، وفرص عمل متكافئة، ومن دون تمييز لأي سبب كان وتهيئة فرص تعليم. وضمان صحي واجتماعي، الأمر الذي سيقطع الطريق على الفكر التعصبي المتطرّف والإرهابي. الثالثة، الجبهة التربوية والدينية: الأمر ّ يتطلب تنقية المناهج الدراسية والتربوية عن كل ما من شأنه ازدراء الآخر أو تحقيره، لأن ذلك سيؤدي إلى إشاعة مناخ من الكراهية والأحقاد والكيدية، فالجميع بشر ومتساوون في الكرامة الإنسانية، وبحسب قول الفاروق عمر: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" أو قول الإمام علي لعامله في مصر مالك بن الأشتر النخعي: "لا تكن عليهم (أي على الناس) سبعا ًضاريا لتأكلهم، فالناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". وعلى هذا الأساس ينبغي أن تكون مرجعية الدولة فوق جميع المرجعيات التي لا ّبد أن تخضع لها، سواء كانت سياسية أو حزبية أو دينية أو تربوية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو مناطقية أو غير ذلك. ويحتاج الأمر إلى عمل طويل الأمد، ومن دون هوادة لإصلاح المجال الديني بما ينسجم مع سمة العصر والتطور وإدماج المناهج والمدارس الدينية مع المناهج والمدارس التي تعتمدها الدولة، وذلك بالعيش بهدف توحيدها وإشاعة الثقافة المدنية فيها، وجعل الدين في خدمة المجتمع ُ ميسّرا المشترك لأتباع الأديان في إطار دولة تقوم على المساواة وتحترم الجميع وتأخذ في مبادئ الكفاءة والإخلاص للوطن، في تولي الوظائف العامة. الرابعة، الجبهة القانونية والقضائية: لا ّبد من تأكيد مبادئ احترام القانون وعدم التجاوز أحدا»، أي أنه عليه لأي سبب كان، وبحسب مونتيسكيو ف "القانون مثل الموت الذي لا يستثني أحداً" أي أنه ينطبق على الجميع، وبتأكيد استقلال القضاء ونزاهته وتنقية النصوص الدستورية والقانونية عن كل ما يتعلق بالتطرّف والتعصب والتمييز. الخامسة، الجبهة الإعلامية والمدنية: هنا ينبغي أن يؤدي الإعلام دورا ً مهما ومعه المجتمع المدني في نشر ثقافة التسامح واللاعنف والسلام المجتمعي واحترام الهويات والخصوصيات التي هي جزء من تاريخنا بكل ما فيه من مشتركات، ولا سيّما بتأكيد احترام الآخر. السادسة، الجبهة الأمنية والاستخبارية: هي جبهة مهمة وأساسية، وبقدر ما هي جبهة وقائية فهي جبهة حمائية ولا بد أن تكون جبهة رعائية، وإذا كان تحقيق الأمن مسألة جوهرية وأساسية لأي تقدّم وتنمية، وهو الذي عدّه سيغموند فرويد موازياً للكرامة، بل يتفوق عليها ً أحيانا، وخصوصا في ظل الحروب والنزاعات الأهلية وانفلات الفوضى، إذ لا كرامة مع غياب الأمن، مثلما لا أمناً حقيقياً من دون كرامة. ومع استخدام الوسائل العسكرية والحربية ضد الجماعات الإرهابية، فينبغي في الوقت نفسه الحرص على حماية المدنيين وعدم تعريضهم للأذى واحترام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية على هذا الصعيد، ولا سيّما اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقيها بروتوكولي جنيف لعام 1977 ، الأول، الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، والثاني، الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية. ويمكن القول إن تحقيق الأمن وحماية الحقوق الإنسانية والكرامة الفردية والجماعية هي مسؤولية متكاملة للدول والحكومات والقوى الفاعلة والحية في المجتمع، من أحزاب ونقابات ومؤسسات رأي عام ومنظمات مجتمع مدني وإعلام، ً وخصوصا بالبحث عن المشتركات ومحاولة فك الاشتباك الذي يحصل أحياناً بالممارسة، وبتقديري، فإن ذلك أحد أركان الخطاب الجديد لمواجهة التطرّف والإرهاب، وخصوصا بتوسيع دائرة الحقوق والحريات وتعزيز الهويّة الوطنية المشتركة. يعتمد نجاح الدول على قدرتها على الموازنة بين سبل المواجهة وسبل الحماية، إضافة إلى سبل الرعاية، ولا بدّ من اعتماد تشريعات وآليات جديدة أكثر قدرة على استقطاب الشباب وامتصاص طاقاتهم عبر نوادي أدبية وأنشطة ثقافية ورياضية وفنية من رسم وموسيقى وغناء ومسرح وغيرها. وهذا يعني إشراك مؤسسات المجتمع المدني في عملية التنمية بوصفها مكمّلة ومتمّمة لاتخاذ القرارات وتنفيذها، وهي بهذا المعنى يمكن أن تكون «قوة اقتراح»، وليس «قوة احتجاج» فحسب. ويعّد الحفاظ على الدولة الوطنية واحداً من المهمّات الجديدة، التي تواجه مجتمعاتنا، والتي تقع في صلب استراتيجيات مواجهة التطرّف، إذ لا يمكن إحداث التنمية من دونها، فالدولة الوطنية وإن كانت هي نتاج اتفاقية سايكس - بيكو ( 2016 ) أصبحت اليوم مهددة في ظلّ التطرّف في ومحاولات التديين والتطييف والإثنية ّ والتشظي، والهدف هو تجزئة المجزّأ وتذرير المذرّر. إن حزمة الاستراتيجيات تلك التي تواجه التطرّف على المستوى الداخلي، يمكنها، في ظل تعاون وطني شامل وإدارات سليمة، مواجهة التحديات الخارجية، سواء بالسعي مع غيرنا من شعوب الأرض وأممه لإعادة صوغ نظام العلاقات الدولية، ليصبح أكثر عدالة وأشد قرباً إلى التعبير عن المصالح المشتركة بين الدول والأمم والجماعات الثقافية، الأمر الذي يحتاج إلى توازن قوى دولي من نوع جديد، لا بدّ من العمل عليه. وإذا كان نظام القطبية الثنائية قد انتهى وبوجه خاص (1945 - 1989 )، فإن نظام الأحادية القطبية بدأ يتفكك ويتآكل، ولم تعد الولاياتالمتحدة المتحكم الوحيد في نظام العلاقات الدولية، وهناك محاور إقليمية ودولية، وخصوصا في ظل صعود روسيا وعودتها المؤثرة في النطاق العالمي والدور الجديد الذي تؤديه الصين بما لها من إمكانيات، ناهيك بدول البريكس الأخرى مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ويمكن القول لا بدّ من إيجاد مواطن قدم للعرب فيها، وخصوصا حين يكون هناك حد أدنى من التنسيق والعمل المشترك، وبقدر ما للمسألة من أفق استراتيجي، فإن لها خطوات أولى تمهيدية يمكن الشروع بها والعمل في إطارها. ولا ّشك أن ثمة مشتركات إنسانية تجمعنا مع شعوب الأرض ، وخصوصا قوى التحرّر والتقدّم في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، لا بدّ من تعزيز التعاون والتنسيق معها سواء في المحافل الدولية أو على الصعيد الميداني، والهدف هو توثيق عرى الصداقة والتفاعل الثقافي والتواصل الحضاري، لأن التطرّف الذي ينجبه التعصب سيلد العنف والإرهاب، وهذه مسألة تشمل جميع شعوب البلدان النامية الأكثر تضرّراً منه، إضافة إلى شعوب العالم أجمع. أكاديمي ومفكر عربي من العراق، ونائب رئيس جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان أونور - بيروت. مجلة المستقبل العربي ، العدد 515 ، كانون الثاني / يناير 2022 .