يعيش الجيش الجزائري حالة من الغليان بسبب واقعة مقتل 3 مواطنين جزائريين داخل المنطقة العازلة في الصحراء المغربية، خاصة بعد نفي الجيش الموريتاني حدوث الأمر على أراضيه وتأكيد الأممالمتحدة أن مكان الواقعة يوجد بالقرب من منطقة بئر لحلو خلف الجدار العازل، وبلغ التجاذب بين قادة الجيش أوجه هذا الأسبوع بعدما شكك أحد أبرز الجنرالات، وهو محمد قايدي، الشهير ب"الجنرال المنجل" في الرواية الرسمية التي روجت لها الرئاسة الجزائرية، ما انتهى بعزله من مهامه. وفي الوقت الذي تلتزم فيه قيادة الجيش الصمت حيال هذا الموضوع، تحدثت عدة تقارير وشخصيات جزائرية معارضة عن أن قايدي أعفي من مهامه كرئيس لدائرة الاستعمال والتحضير يوم الاثنين الماضي، دون الجزم بحيثيات هذا القرار الذي اتخذه رئيس الأركان السعيد شنقريحة، لكن الأخطر كان ما ذكره موقع Algérie Part Plus الناطق بالفرنسية، والذي ربط مباشرة بين الإعفاء وبين اجتماع عاصف حول قضية مقتل الجزائريين الثلاثة داخل مقر القيادة العامة للجيش. ووفق المعطيات التي نشرها الموقع الجزائري فإن قايدي كان أحد الموجودين في الاجتماع الذي جرى في الجزائر العاصمة برئاسة شنقريحة، والذي كان طويلا واستمر إلى غاية الحادية عشرة ليلا، وذلك نتيجة إصرار رئيس مديرية الاستعمال والتحضير على معرفة حيثيات ما جرى، لدرجة أنه صرح بشكل علني وأمام كبار مسؤولي الجيش بمعارضته لرئيس الأركان في طريقة إدارته لهذه الأزمة، وطبيعة "الرد" الذي سيُوجه ضد المغرب. والأهم من ذلك هو أن قايدي طرح العديد من الأسئلة حول الظروف التي توفي فيها الضحايا وكيفية وصولهم إلى المنطقة العازلة في الصحراء، إذ وفق ما جاء في التقرير، لم يتم إبلاغ أي جهة عسكرية داخل منطقة "خطيرة" تبعد ب35 كيلومترا فقط عن الجدار الأمني الذي ينتشر على طوله الجيش المغربي، الأمر الذي دفع الجنرال المذكور إلى محاولة إقناع قادة الجيش بجراء تحقيق شامل لمعرفة حقيقة ما جرى، قبل أن ينتهي الأمر بإسقاطه هو من منصبه. ووفق المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" فإن هذا الإعفاء يمثل أخطر مظاهر صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري، المتفاقم منذ تدخل القوات المسلحة الملكية ميدانيا في "الكركارات" يوم 13 نونبر 2020، وفرضها تغييرات استراتيجية على الجدار الرملي، سواء بمده صوب الحدود الجزائرية شرقا بمنطقة "تويزكي" أو إنهاء تواجد الكويرة والإطلالة الساحلية الأطلسية خلف الجدار، ما كان يعني بالنسبة للعديد من قادة الجيش فشل رهان شنقريحة على فرض الأمر الواقع بالمنطقة عبر دعم عناصر "البوليساريو". وتكمن أهمية إعفاء الجنرال قايدي، البالغ من العمر 60 عاما، في كونه ثالث أهم شخصية في الجيش، كون أن دائرة الاستعمال والتحضير التي يترأسها منذ 2020 هي المكلفة بتنسيق جميع قوات الجيش الجزائري برا وبحرا وجوا، كما أنه يتزعم الجناح القريب لفرنسا في الوقت الذي يميل فيه شنقريحة بشكل واضح إلى روسيا. وقد كان قايدي، الذي أصبح جنرالا في 2014، أحد أهم أذرع رئيس الأركان الراحل، أحمد القايد صالح، وأحد المشاركين البارزين في الإطاحة بالجنرالات عقب حراك 2019، وتحديدا الجنرال محمد الأمين مدين الشهير بتوفيق، المدير السابق لدائرة الاستعلامات والأمن، والجنرال البشير طرطاق، الذي خلف توفيق في المنصب سنة 2015.