"لن أقبل أي وساطة... وزير الخارجية حين ذهب لاجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية، التي ترأسها إنسان طيب جدا ونحترمه هو وزير الخارجية الكويتي، في البداية قال إن هذه النقطة لن تدرج في جدول الأعمال... لا تساوي بين الجلاد والضحية، بين المعتدي والمعتدى عليه، نحن لسنا خاطئين لقد كان رد فعل". بهذه العبارات أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قبل أسبوعين، رفضه أي مبادرة عربية من أجل المصالحة مع المغرب، ورغم أن الرباط، المعنية هي الأخرى بهذه المبادرة فضلت الصمت وعدم التفاعل علنا مع الخطوة الصادرة عن دولة الكويت، إلا أن الجزائر أدخلتها ضمن مسلسل تسويق صراعها مع المغرب، وسوقتها على أنها "انتصار" جديد، دون أن تنتبه إلى أنها بذلك كانت توجه "إهانات" دبلوماسية لدول الخليج. ومن داخل الأممالمتحدة، بدأت الجزائر تتلقى ضربات دبلوماسية في الاتجاه المعاكس، ولم يتوقف الأمر عند المملكة العربية السعودية ودولة قطر، اللتان كانتا سباقتين بإعلان دعمها لمغربية الصحراء ولمقترح الحكم الذاتي كحل نهائي عملي للنزاع الذي امتد ل46 عاما، بل جاءها أمس أيضا من الكويت التي وصفت المقترح المغربي، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأممية، بأنه "خيار بناء" داعية إلى احترام الوحدة الترابية للمغرب. ومثَّل موقف تبون، في خرجته أمام على القنوات التلفزيونية لبلاده والتي شابتها انتقادات كثيرة داخليا وخارجية وصلت حد السخرية من بعض تصريحاته غير المنطقية، (مثَّل) تكذيبا غير مباشر لوزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر المحمد الصباح، الذي أكد عقب اجتماع القاهرة لوزراء الخارجية العرب في 9 شتنبر الماضي أن بلاده، إلى جانب دول أخرى "ستقوم بدورها في تعزيز الوفاق العربي". واتضح فيما بعد أن الرياض والدوحة كانتا ترغبان بالفعل في الدخول على خط المصالحة بين الرباطوالجزائر، ولم يصدر عن الدبلوماسية المغربية أي رد فعلي سلبي على هذه الخطوة رغم أنها تتعامل مع تصعيد جارتها الشرقية بأسلوب "التجاهل"، لكن الرد الجزائري الصادر عن شخص يفترض أنه يمثل أعلى سلطة في البلاد، كانت له تبعات واضحة، أبرزها إعلان السعودية وقطروالكويت دعمها للطرح المغربي بشكل علني. ولا يعد موقف دول الخليج من قضية الصحراء أمرا جديدا، لكن الجديد هو طرحه بتلك القوة أمام الأممالمتحدة قبل أيام من صدور قرار مجلس الأمن بخصوص هذا الملف، فالسفير الممثل الدائم للمملكة العربية السعودية، عبد الله المعلمي، أعلن أن بلاده "ترفض أي مساس بالمصالح العليا أو بسيادة المملكة المغربية الشقيقة ووحدتها الترابية"، بل إنه دافع أيضا عن مشروعية التمثيل المغربي للصحراويين، انطلاقا من الانتخابات العامة الأخيرة. أما السفيرة المندوبة الدائمة لدولة قطر لدى الأممالمتحدة، علياء أحمد بن سيف آل ثاني، فأوردت أن بلادها تدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سياسي دائم ومتوافق بشأنه في إطار العملية السياسية تحت إشراف الأممالمتحدة، وذلك طبقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبما يضمن سيادة المملكة المغربية على أراضيها، معتبرة أن الحكم الذاتي "مبادرة بناءة وأساسا لأي حل واقعي لهذه القضية".