لم تخب توقعات الكثير من مراقبي الشأن السياسي في المغرب الذين كانوا يرون أن انتخابات الغرف المهنية لسنة 2021 ستكون مختلفة عن سابقاتها وأكثر جذبا للاهتمام، وهو الأمر الذي ظهر جليا من خلال التعبئة الكبيرة التي قامت بها مجموعة من الأحزاب، ثم في نسبة المشاركة التي انتقلت من 43 في المائة سنة 2015 إلى 47,24 في المائة هذه السنة، وفق أرقام وزارة الداخلية، وذلك بالرغم من إكراهات جائحة كورونا. وبالإضافة لكونها محددا جزئيا لشكل البرلمان القادم باعتبار أن أعضاءها سيحسمون في هوية 20 برلمانيا في مجلس المستشارين القادم من أصل 120 عضوا، فإن بؤرة الاهتمام بانتخابات الغرف المهنية كانت هي الإشارات السياسية التي ستحملها بخصوص التنافس في الانتخابات العامة المقلة، الجماعية والجهوية والتشريعية، في ظل منافسة شرسة بين عدة أحزاب، والظاهر، بلغة الأرقام، أن حزب التجمع الوطني للأحرار أصبح حاليا في صدارة هذه المنافسة. وبالأخذ في عين الاعتبار الفوارق الموضوعية بين الانتخابات المهنية والانتخابات العامة، واعتمادا على مقارنة انتخابات يوم أمس الجمعة بسابقتها قبل 6 سنوات، نجد أن حزب "الحمامة" رفع تعداد مقاعدها على المستوى الوطني من 326 إلى 638 بنسبة ارتفعت من 14,96 إلى 28,61 في المائة، ما يعني أنه تقريبا ضاعف النتائج التي حصل عليها سنة 2015، الأمر الذي حدث نقيضه تماما لغريمه الذي يقود التجربة الحكومية الحالية. فحزب العدالة والتنمية أضاف انتكاسة أخرى إلى انتكاسة انتخابات ممثلي المأجورين التي لم تستطع فيها نقابته، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، تجاوز عتبة 6 في المائة المطلوبة لدخولها خانة النقابات الأكثر تمثيلية، حيث حقق مرتبة متدنية في انتخابات 2021 المهنية، بعدما حل ثامنا والأخير في ترتيب الأحزاب الثمانية الكبرى، حاصدا 49 مقعدا فقط بنسبة 2,2 في المائة، مقابل 196 مقعدا سنة 2015 بنسبة 8,99 في المائة، ما يعني أنه فقد ثلاثة أرباع مقاعده. أما حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا في استحقاقات 6 غشت 2021، فقد سجل تراجعا هو الآخر بعدما حصل على 363 مقعدا مقابل 408 قبل 6 سنوات، وتراجعت نسبة تمثيليته في مختلف الغرف المهنية وطنيا من 18,72 في المائة التي منحته الصدارة سنة 2015 إلى 16,28 في المائة الآن، عكس حزب الاستقلال الذي تمكن من تحسين نتائجه بشكل طفيف، بحصده 360 مقعدا عوض 351 ورفع نسبة تمثيليته من 16,11 إلى 16,14 في المائة. وشهدت نتائج باقي الأحزاب الثمانية الكبرى تراجعا متفاوتا، فحزب الحركة الشعبية الذي حل رابعا في انتخابات 2021 بحصوله على 160 مقعدا، كان قد حصل سنة 2015 على 202 من المقاعد، في حين تراجعت تمثيلية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من 163 مقعدا إلى 146، وحصل الاتحاد الدستوري على 90 مقعدا عوض 110 في الولاية الانتدابية السابقة، في حين اكتفى حزب التقدم والاشتراكية ب82 مقعدا بعدما كان يتوفر على 108 مقاعد سابقا.