لم تتوقف الصحافة الإسبانية، منذ إعلان المغرب مساء الأحد الأخير، إقصاء إسبانيا من عملية العبور "مرحبا" خلال صيف 2021، عن سرد الخسائر الكبيرة التي ستعاني منها البلاد، خاصة في الأقاليم الجنوبية، من هذا القرار، مشيرة إلى أن الخسائر المادية يُتوقع أن تتجاوز 1,15 مليار أورو كتقدير أولي، أي ما يفوق 12 مليار درهم. وكشفت التقارير الإسبانية الأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه العملية للعديد من الأقاليم الإسبانية، ومن أبرزها إقليم قادس الذي كان في حاجة ماسة لتنظيم عملية العبور هذه السنة، بسبب نسبة البطالة التي ارتفعت فيه نتجية تداعيات فيروس كورونا المستجد، وهي النسبة الأكبر والأسوأ في إسبانيا كلها. وكان لقرار المغرب بإلغاء عملية العبور مع إسبانيا هذه السنة، فرصة لمعرفة تأثير هذه العملية على الاقتصاد الإسباني، خاصة أن الآلاف من الوظائف أصبحت مهددة بسبب إلغاء العملية، كما أن المئات من الشركات والمقاولات دخلت في مرحلة تيهان جراء القرار الذي وصفه عمدة الجزيرة الخضراء ب"الكارثة"، ووصفته صحيفة إلموندو ب"الضربة" المؤثرة. عملية العبور.. الأهمية والصدمة عملية العبور، هي عملية سنوية يتم تنظيمها بتنسيق بين المغرب وإسبانيا من أجل تسهيل عبور المسافرين الذين يُشكل أكثر من 80 بالمائة منهم أفراد الجالية المغربية، لمضيق جبل طارق، وذلك ما بين 15 يونيو و15 شتنبر، وتتضمن موانئ جنوب إسبانيا كموتريل ومالقا والجزيرة الخضراء وطريفة وألميريا، إضافة إلى مينائي سبتة ومليلية المحتلتين في شمال المغرب، في حين يستعين المغرب بمينائي طنجة المتوسط وطنجةالمدينة، إضافة إلى ميناء الناظور. وتكمن أهمية العملية، في الأعداد الكبيرة من المسافرين الذين يعبرون هذه الموانئ في ظرف زمني محدود، خاصة في أيام الذروة، وهو ما يتطلب تنسيقا وإعدادا لوجيستيكيا هاما من أجل تفادي الازدحام والاكتظاظ، إضافة إلى ما يُمكن أن يقع من حوادث. وبالنظر إلى إحصائيات سنة 2019 فقط، وهي آخر عملية عبور منظمة بين المغرب وإسبانيا، بعدما تم إلغائها العام الماضي بسبب فيروس كورونا، وإلغائها هذه العام لأسباب يُرجح أنها تعود للأزمة الديبلوماسية بين الرباطومدريد، فإن أكثر من 3 ملايين ونصف مسافر عبروا بين إسبانيا والمغرب خلال شهور العملية الثلاث، إضافة إلى 760 ألف سيارة. وتكمن "الصدمة" بالنسبة لإسبانيا بعد إلغاء العملية معها بقرار من المغرب، وفق وصف الصحافة الإسبانية، إلى أن البلاد ستفقد أكثر من 3 ملايين ونصف مسافر سيقطع طرقاتها، وأكثر من 700 ألف عربة، بكل ما يفرضه هذا التنقل من إنفاق مالي مهم. الخسائر بالأرقام بالرغم من أنه لا يوجد لحد الآن تأكيد على الرقم الحقيقي للخسائر التي ستتكبدها إسبانيا عبر مختلف القطاعات المعنية جراء إلغاء المغرب لعملية العبور عبر ترابها، إلا أن الأرقام التقريبية تشير إلى خسائر كبيرة تتجاوز المليار أورو، كتوقع أولي فقط، في حين ترى مصادر أخرى أن الخسائر من المتوقع أن تتضخم مع مرور الشهور. وفي هذا السياق، قالت صحيفة إلموندو، التي وصفت القرار المغربي، ب"الضربة" الاقتصادية المؤثرة، فقد قدّرت خسائر المقاولات المرتبطة بقطاع الشحن في الجنوب، ب500 مليون أورو، مشيرة إلى أن إقليم قادس في الجنوب هو الإقليم الأكثر تضررا من القرار المغربي، حيث يُعاني من نسبة بطالة تصل إلى 25 بالمائة، وهي الأسوأ في إسبانيا وأوروبا عموما، وكان هذا الإقليم يترقب العملية من أجل إحداث انتعاش اقتصادي؟ خيراردو لاندلوس، رئيس ميناء الجزيرة الخضراء، قال في تصريح ل"الكونفيدينسيال"، إن تأثير قرار المغرب باستثناء إسبانيا من عملية العبور "مرحبا" تأثيره لا يتوقف في ميناء الجزيرة الخضراء، بل يتعداه إلى كافة المناطق الجنوبية. وأشارت صحيفة "إيكونوميا ديخيتال" المتخصصة في أخبار الاقتصاد، بأن التأثير سيكون كبيرا بالنظر إلى أهمية العملية، مدرجة إحصائية اقتصادية تبرز أهمية تنقل الجالية المغربية عبر التراب الإسباني، حيث قالت أن ما تنفقه أسرة مغربية متنقلة بسيارتها من إسبانيا إلى المغرب في المتوسط يصل إلى 250 أورو، أما الأسر التي تأتي من فرنسا وإيطاليا وتعبر التراب الإسباني فيصل متوسط الإنفاق إلى 1300 أورو، مع العلم أن أكثر من 700 ألف سيارة تعبر إسبانيا خلال العملية. وفي نفس السياق، قالت صحيفة "لارازون"، أن ما تُنفقه الجالية المغربية خلال تنقلها عبر علمية العبور في الصيف، كإجمالي يتجاوز مليار و150 مليون أورو، عبارة عن نفقات الأكل والشرب والمبيت والتنقل، ما يعني أن قطاعات عديدة ستتأثر، كالفنادق ومحطات الوقود والمحلات والمطاعم وغيرها. وقدّر ميغيل ألبيرتو دياز، رئيس هيئة نقابية تدافع عن العمال، وفق صحيفة إلدياريو، عدد الوظائف التي ستتأثر بإلغاء عملية العبور خلال الصيف، بأكثر من 4 آلاف وظيفة، في مختلف ربوع التراب الإسباني، حيث كانت هذه الوظائف ترتبط بشكل مباشر بعملية العبور. مطالب بالتدخل لحل الأزمة استثناء المغرب لإسبانيا من عملية العبور هذا الصيف، أو بالأحرى الإقصاء المغربي لإسبانيا، شكل خبرا سيئا جدا للمسؤولين السياسيين في إسبانيا، وخاصة في منطقة الأندلس التي تُعتبر المنطقة الأكثر تأثيرا بإلغاء العملية، نظير ما كانت تُجنيه من أرباح هامة من خلالها. وفي هذا السياق، خرج رئيس إقليم الأندلس، وفق "إيكونوميا ديخيتال" خوانما مورينو، بتصريح انتقد فيه الحكومة الإسبانية التي حملها مسؤولية إلغاء عملية مرحبا نتيجة الأزمة الديبلوماسية الحاصلة مع المغرب، وقال بأن "الأندلس يجب ألا تكون هي من تدفع الثمن دائما بسبب المشاكل مع البلدان الجارة". وطالب خوانما رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بضرورة التدخل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها مع المغرب، وهو نفس الطلب الذي صرح به عمدة الجزيرة الخضراء، خوسي إغناسيو لاندلوس، الذي وصف القرار المغربي، ب"الكارثة" نتيجة تأثيره المتوقع على العديد من القطاعات في جنوب إسبانيا. وبالرغم من أن الصحافة الإسبانية تحدثت عن "احترام" حكومة مدريد للقرار الذي اتخذه المغرب بسبب "الوباء"، إلا أن الأقاليم ذات الحكم الذاتي المتضررة من هذا القرار تواصل مطالبها وضغوطها على بيدرو سانشيز بضرورة إيجاد حل للأزمة. وطالب عمدة الجزيرة الخضراء من المغرب بمراجعة القرار، ودعا إلى إصلاح العلاقات الثنائية بين البلدين وإعادة المياه إلى مجاريها.