تسبت الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في القدسوغزة في تعليق أي إمكانية لتطوير العلاقات الدبلوماسية المبنية حديثا بين إسرائيل ومجموعة من الدول العربية، ومن بينها المغرب، الأمر الذي أكده تحليل لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، والذي أورد أن الصراع المتفاقم مؤخرا تسبب في حرج كبير لحكومات تلك البلدان في ظل القداسة التي يعطيها المسلمون لمدينة القدس وتعاطف الشعوب العربية مع الفلسطينيين. وقالت "بي بي سي" في مقال لفرانك غاردنر، مراسل الشؤون الأمنية في الشبكة، إن ما يجري في الأراضي الفلسطينية تسبب في "حرج كبير" للدول العربية، حيث إن الاتفاقيات الدبلوماسية الموقعة مع المغرب والإمارات والبحرين والسودان كانت دائما رهينة بتطور الأحداث على الأرض، والتي تحولت الآن إلى عمليات عنيفة ومميتة، وهو ما أدى إلى تعليق أي زيادة في "الدفء العلني" في تلك العلاقات، على الرغم من أنها كانت قد شهدت تعاونا غير مسبق مع الجانب الإسرائيلي شمل حتى مجال الأمن والاستخبارات. وذكرت المؤسسة الإعلامية البريطانية أن الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل وجدت نفسها اليوم "في موقف غير مريح أبدا، ولاسيما الإمارات والبحرين"، إذ كان مسؤولو تلك الدول قد أخبروا مواطنيهم بأن التعاون مع الدولة العبرية سيعود بفوائد عزيمة عليهم في مجالات التجارة والسياحة والبحث الطبي والاقتصاد الأخضر والتنمية العلمية، لكنهم وجدوا أنفسهم في وضع "ارتباك" بعد أن أصبحت القنوات التلفزيونية تبث على مدار اليوم مشاهد لقصف غزة ولإجلاء الفلسطينيين من منازلهم في القسد الشرقية ولاقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى. وكان المغرب، الذي أعاد علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل في دجنبر الماضي بعد قطعها ل20 عاما، قد أعبر عن "رفضه القاطع لجميع الانتهاكات والإجراءات الأحادية الجانب، التي تمس بالوضع القانوني للقدس الشريف، وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في تحقيق تطلعاته في الحرية والاستقلال"، "مدينا خطابات الكراهية البغيضة التي تنهجها بعض التنظيمات الدينية المتطرفة الإسرائيلية". وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب يوم 11 ماي الجاري، إن المغرب يشعر "بالقلق البالغ تجاه الأحداث العنيفة التي تشهدها مدينة القدس الشريف، خاصة حي الشيخ جراح الذي يواجه مخططات ممنهجة لتهجير أهله في خضم تصعيد للاعتداءات الإسرائيلية على المقدسيين، وما عرفته باحات المسجد الأقصى من اقتحامات واعتقالات وترويع للمصلين الآمنين خلال شهر رمضان المبارك". وذكَّر بوريطة بأن المملكة المغربية، "تضع القضية الفلسطينيةوالقدس الشريف في صدارة انشغالاتها، مجددا التأكيد على الموقف الثابت والواضح للمغرب، بقيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، وتشبثه بتسوية سلمية وفق حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، وذلك بقيام دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية". وأورد وزير الخارجية المغربي أن الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، "سيواصل الدفاع عن الوضع الخاص للقدس، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، مشيرا إلى أن جلالته لن يدخر جهدا لحماية طابعها الإسلامي وصيانة حرمة المسجد الأقصى والدفاع عن الهوية التاريخية لهذه المدينة كأرض للتعايش بين الأديان السماوية".