جددت المملكة المغربية، الثلاثاء، رفضها القاطع لجميع الانتهاكات والإجراءات الأحادية الجانب، التي تمس بالوضع القانوني للقدس الشريف، وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في تحقيق تطلعاته في الحرية والاستقلال. وأدان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في كلمة أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، الذي انعقد بتقنية التواصل المرئي، خطابات الكراهية البغيضة التي تنهجها بعض التنظيمات الدينية المتطرفة الإسرائيلية. وأكد أن المملكة المغربية "تتقاسم مع أشقائها من الدول العربية مشاعر القلق البالغ للأحداث العنيفة التي تشهدها مدينة القدس الشريف، خاصة حي الشيخ جراح الذي يواجه مخططات ممنهجة لتهجير أهله في خضم تصعيد للاعتداءات الإسرائيلية على المقدسيين، وما عرفته باحات المسجد الأقصى من اقتحامات واعتقالات وترويع للمصلين الآمنين خلال شهر رمضان المبارك". وحذر من أن استمرار مثل هذه الممارسات، لن يؤدي إلا إلى مزيد من عوامل التأزيم والتوتر، وتغليب خطاب الحقد والكراهية، مما يقلص من فرص السلام في المنطقة، ويزج بالقضية الفلسطينيةوالقدس الشريف في متاهات الصراع الديني والعقائدي. وتابع بوريطة أن تجاوز هذه الأوضاع الصعبة والمزمنة التي مرد ه الجمود الذي طال العملية السلمية منذ سنوات، لن يتحقق إلا بإعادة إطلاق هذه العملية من جديد، وفق محددات واضحة، وأسس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية، لصون الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والعمل على إعادة إطلاق دينامية بناءة للسلام، تضمن لكل شعوب المنطقة العيش في أمن واستقرار ووئام. وذكر بأن المملكة المغربية، تضع القضية الفلسطينيةوالقدس الشريف في صدارة انشغالاتها، مجددا التأكيد على الموقف الثابت والواضح للمغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، وتشبثه بتسوية سلمية وفق حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، وذلك بقيام دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وقال إن جلالة الملك، بصفته رئيسا للجنة القدس، سيواصل الدفاع عن الوضع الخاص للقدس، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، مشيرا إلى أن جلالته لن يدخر جهدا لحماية طابعها الإسلامي وصيانة حرمة المسجد الأقصى والدفاع عن الهوية التاريخية لهذه المدينة كأرض للتعايش بين الأديان السماوية. واستعرض ناصر بوريطة ما تقوم به الذراع الميدانية للجنة القدس، وكالة بيت مال القدس، بتوجيه من جلالة الملك، لدعم صمود الساكنة المقدسية، سواء عبر برامجها السنوية أو مشاريعها أو مساعداتها الإنسانية في المجال الصحي والتربوي والاجتماعي. وقال إن المغرب يدعم بشكل قوي ودائم كل جهود السلطة الفلسطينية للدفاع عن حقوق المقدسيين وحماية المقدسات والحفاظ على الوضع القانوني والطابع الإسلامي للقدس الشريف كعاصمة لدولة فلسطين. وخلص بوريطة إلى أن المملكة المغربية "المتشبثة بالسلام كخيار استراتيجي، تظل مقتنعة بفضائل الحوار والتفاوض باعتبارهما السبيل الوحيد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعيدا عن أعمال العنف والتصرفات الأحادية الجانب". وفي ختام أعمال اجتماعهم الطارئ، أشاد وزراء الخارجية العرب بأهمية الدور الذي تضطلع به لجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس، في الدفاع عن المدينة المقدسة. وثمن قرار صدر عقب الاجتماع، الذي خصص لبحث تطورات الوضع في مدينة القدس الشريف، دور لجنة القدس في الدفاع عن المدينة المقدسة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، مبرزا أهمية الجهود التي تقوم بها وكالة بيت مال القدس التابعة للجنة القدس في دعم صمود المقدسيين. وكان وزراء الخارجية العرب، قد قرروا تشكيل لجنة وزارية تضم المغرب وفلسطين والأردن ومصر والسعودية وقطر، للتحرك والتواصل مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها من الدول المؤثرة دوليا، لحثها على اتخاذ خطوات عملية لوقف السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدسالمحتلة. وتقدم اللجنة التي تضم أيضا رئاسة القمة العربية والعضو العربي في مجلس الأمن والأمين العام للجامعة العربية، تقريرا حول نتائج تحركاتها إلى اجتماع مجلس الجامعة في دورة غير عادية تعقد لهذا الغرض. وطالب وزراء الخارجية العرب المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما بالتحقيق الجنائي في جرائم الحرب ، والجرائم ضد الإنسانية، التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ، بما فيها تهجير الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح وباقي المناطق والأحياء الفلسطينيةالمحتلة.كما دعوا المحكمة لتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية لهذا التحقيق وإعطائه الأولوية اللازمة. وأكد القرار أن الجانب العربي عازم على اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة على جميع الأصعدة والمستويات، بما في ذلك إطلاق تحرك دبلوماسي مكثف، من خلال الرسائل والاتصالات واللقاءات الثنائية، من أجل حماية مدينة القدس والدفاع عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم حقوق أهلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. ودعا البرلمان العربي للتحرك العاجل مع البرلمانات في الدول المؤثرة لتحقيق أهداف هذا التحرك. كما كلف بعثات جامعة الدول العربية ومجالس السفراء العرب، بإطلاق جهد دبلوماسي مكثف لنقل مضامين هذا القرار إلى عواصم الدول المؤثرة حول العالم، فضلا عن تكليف المجموعة العربية في الأممالمتحدة في نيويورك لمباشرة المشاورات والإجراءات مع رئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة، بما فيها النظر في خيار عقد الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة الخاصة بالأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وقرر الاجتماع كذلك تكليف المجموعة العربية في جنيف وفي باريس بمباشرة المشاورات والإجراءات اللازمة في مجلس حقوق الإنسان واليونسكو ، كل في موقعه لمواجهة وقف الاعتداءات والسياسات الإسرائيلية الممنهجة في مدينة القدسالمحتلة.