يوما بعد يوم يتضح أن المغرب قرر قطع "شعرة معاوية" التي كانت تربطه بالحكومة الائتلافية اليسارية الحالية التي يترأسها بيدرو سانشيز، زعيم الحزب العمالي الاشتراكي، وشرع منذ الآن في الرهان على غريمه بابلو كاسادو، زعيم الحزب الشعبي المحافظ، الذي اجتمع اليوم الثلاثاء، عبر تقنية المناظرة المرئية، مع عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال. ويوما واحدا بعد نشر حواره مع صحيفة "إلموندو" الإسبانية، الذي أكد فيه "خيبة الأمل الكبيرة" التي يشعر بها المغرب بسبب سماح الحكومة الإسبانية بدخول زعيم جبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي إلى أراضيها بهوية جزائرية مزورة، وإعلانه استعداد الرباط لإجراء مراجعة شاملة لعلاقتها مع مدريد نتيجة ذلك، كان أخنوش يتحدث حول هذا الموضوع مع أحد أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الإسبانية في انتخابات 2023، وهي الخطوة التي تحمل رسائل مباشرة لسانشيز كونها صادرة عن مسؤول حكومي. وفي بلاغ صادر عن الحزب الشعبي، أكد الأخير أن زعيمه اجتمع بأخنوش بصفته الحكومة إلى جانب صفته الحزبية كأمين عام لحزب التجمع الوطني للأحرار، مبرزا أن كاسادو تحدث خلال اللقاء مع أخنوش وبركة عن كيفية دخول غالي إلى إسبانيا كاشفا أن الفريق البرلماني لحزبه وضع 5 استفسارات على طاولة الحكومة لطلب استفسارات حول "الدخول غير القانوني، وغير المعلن عنه، وبهوية مزيفة، لزعيم جبهة البوليساريو". وذكر كاسادو أيضا أنه استقبل سفيرة المغرب في مدريد، كريمة بنيعيش، في 24 نونبر 2020 عقب التصريحات الذي أدلى بها النائب السابق لرئيس الحكومة، بابلو إغليسياس، والداعمة لجبهة "البوليساريو في أعقاب التدخل الميداني للجيش المغربي لإعادة فتح معبر "الكركارات"، متعهدا بأنه حين يتولى رئاسة الحكومة سيعيد التقليد المتعارف عليه بأن يجعل أول زيارة خارجية رسمية له إلى المغرب، وهو العرف الذي كسره بيدرو سانشيز، إلى جانب نيته تعزيز الشراكات الثنائية مع الرباط في شتى المجالات بما في ذلك المجال الأمني. وسمحت الأزمة الدبلوماسية التي تسبب فيها دخول غالي إلى إسبانيا، في إحداث تقارب كبير بين المغرب والحزب الشعبي اليميني الذي يقود المعارضة، فزعيم هذا الأخير اعتبر أن حكومة سانشيز "أخلت بمسؤوليتها التاريخية تجاه المغرب" بسماحها لزعيم "البوليساريو" بولوج البلاد، فيما طالبها نواب الحزب بتوضيحات بخصوص العلاقات مع الرباط، إثر وقف الأخيرة اللقاءات التمهيدية لأعضاء حكومتها تحضيرا للاجتماع رفيع المستوى الذي جرى تأجيله. وارتفعت أسهم كاسادو كثيرا في الساحة السياسية الإسبانية منذ العام الماضي، بسبب عدم الرضا الشعبي على كيفية تدبير حكومة سانشيز لأزمة "جائحة كورونا"، وهو ما بدا جليا خلال الانتخابات الإقليمية السابقة لأوانها في العاصمة مدريد قبل أيام، والتي انتهت بفوز كبير للحزب الشعبي حَوَّلَ زعيمه إلى أكبر مرشح للفوز بالانتخابات العامة المقررة بعد سنتين ونصف.