«النت» من بين الأسلحة التي باتت قادرة على تغيير العديد من الأفكار التي توارثناها وصدقناها، إلا أن السؤال: هل كل ما تتداوله «الميديا» حالياً هو الصحيح؟ لديكم مثلاً الصراع بين فريد الأطرش وعبد الحليم، الذي كان يُشكل مساحة معتبرة من معالم الحياة الفنية، نتابع على منصات التواصل الاجتماعي، فريد يغني بصوته «على حزب وداد جلبي يابوي» أغنية عبد الحليم الفلوكلورية الشهيرة، بينما يرد عليه عبد الحليم مغنياً لفريد «يا أبو ضحكة جنان». ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل كل منهما يشيد بالآخر، وكيف أنه كان ينتظر تلك اللحظة، التي يلتقيان فيها، ولا بأس من أن تتلقى الصحافة ضربة تحت الحزام لأنها (لغرض في نفس يعقوب) أشعلت النيران. بينما الحقيقة هي أنه في الخمسينات والستينات، كان هناك حزبان من الإعلاميين والصحافيين يتصارعان بضراوة، بعضهم ولاؤه لفريد، والآخر «حليمي» الهوي. ذكرت لي مثلاً الفنانة لبني عبد العزيز، أنه بعد أن شاركت عبد الحليم بطولة أول أفلامها «الوسادة الخالية»، وحقق نجاحاً ضخماً، قرر فريد أن يسند لها بطولة «رسالة من امرأة مجهولة»؛ أول من حذرها من الإقدام على تلك الخطوة هو عبد الحليم، مؤكداً أن فريد سيطيح بمستقبلها الفني. ورشحها لمشاركته فيلمه الجديد «الخطايا»، ولكنها رفضت تلك المقايضة، ونجح رهان لبنى على فريد، ولهذا لم تشارك عبد الحليم بطولة أي فيلم، بينما في الأحاديث المتداولة عبر «النت» تشعر أن فريد وعبد الحليم لم يعرفا أبداً الغيرة، ويتناسى صُناع تلك الكذبة، أن الواقع يؤكد اعتذار عبد الحليم على الأقل عن خمسة ألحان رشح لغنائها، وبينها «يا ويلي من حبه يا ويلي» التي غناها بعدها فريد. بين فاتن حمامة وسعاد حسني أيضاً نوع من الصراع؛ حاول المخرج محمد خان الجمع بينهما في فيلم «أحلام هند وكاميليا»، وبعد أن أعلنتا الموافقة، بدأ خان يستشعر، كما روي لي، أن كلاً منهما تخشي الوقوف أمام الأخرى، فأسند البطولة لكل من نجلاء فتحي وعايدة رياض. ورغم ذلك، فما يتم تبادله على «النت» هو الإشادة التي قالتها فاتن حمامة، بعد رحيل سعاد، عندما وصفتها بأنها كانت الأجرأ، بينما سعاد لها أحاديث عديدة تعتبر فاتن هي سيدة التمثيل الأولى في العالم العربي. في شهر رمضان الماضي، تمكن ابن عادل إمام (محمد) وابن محمود عبد العزيز (كريم) من اللقاء في مسلسل «هوجان»، وهو ما لم يستطع الأبوان إنجازه، بسبب الخلافات التي أعلنت عن نفسها بضراوة، عندما لعب محمود بطولة «رأفت الهجان» بعد اعتذار عادل، ومن بعدها تأجج الصراع؛ حاول الإعلامي والمنتج السينمائي عماد أديب الصلح بينهما في فيلم «حسن ومرقص»، لولا أن محمود أعاد في واحد من أحاديثه حكاية كواليس «الهجان»، فاشترط عادل على الإنتاج تغيير محمود أولاً إذا أرادوا وجوده في دور «مرقص»، وبالفعل تمت التضحية بمحمود، وأسند دور «حسن» إلى عمر الشريف. هناك من يلتقط كلمة من هنا وأخرى من هناك، للتأكيد على أن العلاقة بينهما «سمن على عسل»، وكالعادة يتهمون الصحافة باختراع الأكاذيب. «صاحبة الجلالة» ليست دائماً مدانة، كما أنها بالقدر نفسه ليست دائماً بريئة! *المصدر: جريدة الشرق الأوسط