بوصول 500 ألف جرعة جديدة من لقاح "سينوفارم" إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء أول أمس الأحد، يكون المغرب قد حصل على ما مجموعه مليون ونصف المليون جرعة من اللقاحات الصينية المضادة لفيروس "كوفيد 19" من أصل 8 ملايين ونصف المليون جرعة هو العدد الإجمالي للتطعيمات التي دخلت أراضي المملكة منذ 22 يناير 2021، وهو ما يشكل نسبة صغيرة لا تتماشى والانتظارات الكبيرة التي تلت إعلان مشاركة متطوعين مغاربة في التجارب السريرية لهذا اللقاح. ووفق المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" فإن المشكلة لا تكمن في الكميات الكبيرة من اللقاحات المستهلكة في الصين ولا إلى الطلبات المتزايدة على اللقاح عالميا، بل ترتبط أساسا بالاختيارات الدبلوماسية لبيكين التي تراهن على تثبيت أقدامها في إفريقيا من خلال منح العديد من الدول مئات الآلاف من الجرعات على شكل هبات وملايين اللقاحات بأسعار تفضيلية، وهو ما يزاحم الكميات التي اتفق المغرب مع هذا البلد الآسيوي على استيرادها. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أنها ستساعد 19 دولة إفريقية بشحنات من اللقاح في إطار "التزامها بجعل التطعيمات المضادة لفيروس كورونا منفعة عامة عالمية"، وفي 22 فبراير الماضي أعلنت الوزارة نفسها أنها ستدعم الشركات لتصدير اللقاحات إلى الدول الإفريقية التي تحتاج لبدء عملية التطعيم بشكل عاجل والتي حصلت فيها اللقاحات الصينية على اعتراف من الحكومات المحلية، واصفة الأمر بأنه "تعبير واضح عن الصداقة التقليدية بين الصين وإفريقيا". وبلغة الأرقام قدمت بيكين لدولة سيراليون 200 ألف جرعة من اللقاحات في 25 فبراير الماضي، ثم قدمت لزيمبابوي 200 ألف جرعة مجانية ستضاف إليها 200 ألف جرعة أخرى، مع الالتزام ببيعها مليون و200 ألف جرعة بسعر تفضيلي اشترت منها هذه الدولة الإفريقية بالفعل 600 ألف جرعة، وتلقت موزمبيق 200 ألف جرعة على شكل هبة نقلتها إليها طائرة تابعة للجيش الصيني، فيما حصلت ناميبيا على وعد بالحصول على 100 ألف جرعة مجانا. وتحاول الصين عبر هذه الهبات، التي تكون مرفقة أيضا بالحقن والمستلزمات الطبية الضرورية لحملات التلقيح، لمزاحمة مجموعة من الدول الأخرى التي تحاول هي الأخرى تثبيت أقدامها في القارة السمراء، على غرار الهند التي تعهدت بالتبرع بمئات الآلاف من جرعات لقاح "أسترازينيكا" البريطاني لموزامبيق وناميبيا، والبرتغال التي وعدت مستعمراتها السابقة في القارة السمراء، المكونة من موزمبيق وأنغولا وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية وساو تومي وبرينسيبي والرأس الأخضر، بمنحها 5 في المائة من حصتها من اللقاحات والمكونة من مليون و750 ألف جرعة. ويؤثر هذا السباق الدبلوماسي على حصص الدول التي اتفقت مع الصين على اقتناء جرعات اللقاحات، ومن بينها المغرب الذي وقع في 20 غشت 2020 اتفاقيتي شراكة مع مختبر "سينوفارم" تتضمن المشاركة في التجارب السريرية الخاصة بلقاح كورونا، قبل أن تعلن وزارة الصحة في 24 دجنبر من العام نفسه أنها اقتنت 65 مليون جرعة من لقاحي "سينوفارم" الصيني و"أسترازينيكا" البريطاني. وبعد وصول 7 ملايين جرعة من التطعيمات البريطانية إلى المغرب، كان من المتوقع أن تتأخر الشحنة الموالية بعد إعلان معهد "ألسيروم" الهندي المُصنع للقاح، الشهر الماضي، إعطاء الأولوية لاحتياجات الهند المتزايدة، بالإضافة إلى إعلانه مؤخرا وجود خصاص في المواد الأولية المستوردة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، غير أن هذا التأخر لم تغطه الصين إلا بشحنة مكونة من نصف مليون جرعة، الأمر الذي أدى إلى إبطاء الحملة الوطنية للتلقيح.