كان من اللافت للانتباه، خلال أول خروج إعلامي بنيامين نتنياهو عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل لاتفاق من أجل إقامة علاقات دبلوماسية بين المغرب وإسرائيل أول أمس الخميس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدث عن الربط الجوي المباشر الذي يجري التحضير له قبل حديثه عن أي تعاون اقتصادي أو تبادل ثقافي كما جرت العادة خلال اتفاقات مماثلة، إذ عجل بكشف "مفاجأته" لنحو مليون إسرائيلي من أصول مغربية والذين يمكن أن يساهموا في حسم الانتخابات البرلمانية المتوقعة لصالح حزبه. وخلال حديثه لسائل الإعلام عن إعلان تطبيع بين العلاقات الدبلوماسية رسميا بين الرباط وتل أبيب، قال نتنياهو، الذي كان يزور حائط البراق برفقة السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، إن الأمر يتعلق ب"سلام تاريخي"، شاكرا الملك محمد السادس على ما وصفه ب"القرار الجريء"، ليخلص إلى أن إسرائيل تعمل على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع المغرب بعد اتفاق البلدين على إقامة جسور جوية مباشرة بينهما وتبادل البعثات الدبلوماسية. ولم تتأخر شركات الطيران الإسرائيلية كثيرا لإبداء استعدادها لتأمين الربط الجوي بين المغرب وإسرائيل، حيث نقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن شركة "العال" تأكيدها أنها ستشرع في الإعداد اللوجيستي للرحلات المباشرة فور توصلها بالتصاريح اللازمة، فيما أوردت الخطوط الجوية الإسرائيلية "إسرا-إير" أن أول خط طيران مباشر بين المملكة والدولة العبرية سيشتغل في غضون 3 أشهر. وتشكل عودة الربط الجوي المباشر بين المغرب وإسرائيل الذي توقف في سنة 2000 مباشر بعد قرار الرباط قطع علاقاتها الدبلوماسية الرسمية بتل أبيب، ضربة انتخابية كبيرة لنتنياهو، كون أنه استجاب لأحد أهم مطالب الإسرائيليين من أصل مغربي الذين لا زالت تجمع الكثيرين منهم علاقات عائلية وروابط دينية بالمملكة، وهو الأمر الذي يأتي بعد أيام من إعطاء "الكنيست" الضوء الأخضر لإجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها. ورغم أن بيني غينتس، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيلي، الذي يقود تحالف "أزرق – أبيض" الساعي لحل الكنيست، رحب باتفاق التطبيع مع المغرب ووصفه بأنه "يمنح فرصة لترسيخ العلاقات القديمة بين الشعبين ويعطي الطابع الرسمي للتاريخ المشترك الغني والعميق بينهما الذي يعود إلى قرون"، إلا أن تقارير إسرائيلية تحدثت عن أنه لم يكن على علم بالمفاوضات التي خاضها نتنياهو بهذا الشأن. وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر ناطقها الرسمي هذه المعلومات، موردة أن غانتس ووزير الخارجية غابي أشكينازي، المنتمي بدوره إلى تحالف "أزرق – أبيض"، لم يكونا على علم بالاتصالات الثلاثية المغربية الإسرائيلية الأمريكية، ولم يتوصلا بأي معلومات عنها إلا قبل أسابيع عن طريق البيت الأبيض، وجرى إبلاغهما بالتوصل إلى اتفاق نهائي في اليوم نفسه الذي صدرت فيه تغريدات ترامب عبر "تويتر". ويوم الأربعاء الماضي صوتت الكتلة البرلمانية لتحالف "أزرق – أبيض" لصالح مقترح قانون يقضي بحل البرلمان الإسرائيلي، وهو الأمر الذي أدى إلى حصوله على أغلبية الأصوات في القراءة الأولية، وهي الخطوة التي لجأ إليها غانتس لفض الشراكة الحكومية مع حزب "الليكود" وذلك بعد رفض رئيس الوزراء اعتماد الميزانية السنوية المقترحة، ما يعني دخولهما لرابع مرة في معركة انتخابية مبكرة في غضون أقل من سنتين، بعد انتخابات أبريل 2019 وشتنبر 2019 ومارس 2020.