حظي التدخل العسكري المغربي في منطقة الكركارات بدعم عربي صريح أجمعت عليه دول الخليج الست إلى جانب الأردن واليمن وجزر القمر والصومال وجيبوتي التي، وعلى عكس العديد من الدول الأخرى، رفضت إمساك العصا من الوسط وأعلنت عبر وزارات خارجيتها بعبارات صريحة أنها تساند الوحدة الترابية للمغرب، بل وصل الأمر لدى بعضها حد الإعلان الرسمي عن استعدادها دعم المغرب بشكل مباشر بالطريقة التي يراها مناسبة، كما كان الشأن بالنسبة لقطر. وتأتي هذه الخطوات بعدما راكمت الرباط مجموعة من المواقف الدبلوماسية والعملية تجاه العديد من الدول العربية عندما كان الأمر يتعلق بتهديد أمنها أو ترابها، إلى درجة أنه شارك عسكريا إلى جانب السعودية والتحالف العربي في الحرب ضد جماعة "الحوثي" في اليمن ما أفقده في ماي من سنة 2015 حياة أحد طياريه وطائرة من طراز "إف 16"، قبل أن ينسحب من الحرب في بداية سنة 2019 بسبب ما وصفه وزير الخارجية ناصر بوريطة وقتها "تطور الجوانب السياسة والإنسانية". دعم دائم للسعودية وكانت السعودية إحدى أكثر الدول العربية التي ساندت المغرب قضاياها دون مواربة، ففي شتنبر من سنة 2019 وإثر هجوم جماعة الحوثي على منشآت "آرامكو" النفطية داخل التراب السعودي والتي وُجهت أصابع الاتهام بخصوصها أيضا إلى إيران، بعث الملك محمد السادس برقية إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يصف فيها ما جرى ب"العدوان والهجوم المقيت"، وأضاف أن "أمن واستقرار السعودية هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المغرب". وفي خطاب يفتح المجال لجميع أنواع الدعم للرياض في صراعها ضد إيران والحوثيين، أخبر الملك محمد السادس العاهل السعودي أن المغرب "سيقف دائما إلى جانب السعودية ضد أي تهديد يستهدف سلامة أراضيها وسيادتها الوطنية، وفي وجه أي محاولة دنيئة للنيل من أمن واستقرار بلدكم الشقيق"، مضيفا أن منطلق ذلك هو "ما يربطنا شخصيا ويجمع بلدينا وشعبينا الشقيقين من أواصر الأخوة الصادقة والتضامن الفاعل والتزامنا وإيماننا الراسخ بوحدة المصير". ويفسر هذا الموقف الدعم السعودي الصريح للمغرب في قضية الكركارات، إن عبرت وزارة خارجيتها يوم السبت الماضي عن "تأييدها للإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية لإرساء حرية التنقل المدني والتجاري في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية"، معلنة بعبارات مباشرة استنكارها "لأي ممارسات تهدد حركة المرور في هذا المعبر الحيوي الرابط بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية". وقفة تاريخية مع قطر قطر بدورها أعلنت عن "تأييدها للخطوة التي قام بها المغرب بالتحرك لوضع حد لوضعية الانسداد الناجمة عن عرقلة الحركة في معبر الكركارات"، وكان ذلك بعد ساعات فقط على إتمام العملية التي نفذتها القوات المسلحة الملكية، إذ أورد بيان لوزارة الخارجية القطرية أن الدوحة "تعبر عن قلقها العميق من عرقلة حركة التنقل المدنية والتجارية بالمعبر الحدودي"، في إدانة لجبهة "البوليساريو". لكن قطر مضت أبعد من ذلك وفق ما كشف عنه بلاغ للديوان الملكي المغربي أمس الاثنين، إذ أعلن أن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني "ثمن القرارات التي أمر بها الملك محمد السادس لإعادة الوضع إلى طبيعته بمنطقة الكركارات بالصحراء المغربية، وهنأه على ما أسفرت عنه من نتائج إيجابية بإعادة فتح المعبر أمام المرور الآمن للأشخاص والبضائع"، والمثير للانتباه أكثر هو أن أمير قطر عبر عن "مساندته للمملكة المغربية فيما ترتئيه من إجراءات للدفاع عن سلامة وأمن أراضيها ومواطنيها". ويعيد هذا الموقف إلى الذاكرة بدايات الأزمة الخليجية سنة 2017 حين رفضت الرباط الانضمام إلى صف الدول المناوئة للدوحة التي تقودها السعودية والإمارات، معلنة الحياد والاستعداد للتوسط بين أطراف النزاع، لكن مع اشتداد وطأة الإجراءات الموجهة ضد القطريين فيما سمي ب"الحصار الاقتصادي" بعث المغرب كميات من المواد الغذائية خلال شهر رمضان لهذا البلد الخليجي، لكن الخطوة الأكبر جاءت في نونبر من السنة نفسها حين زار الملك محمد السادس العاصمة القطرية واستُقبل من طرف أميرها بحفاوة كبيرة. مع البحرين ضد إيران وبدورها كانت مملكة البحرين إحدى أولى الدول التي أعلنت وقوفها إلى جانب المغرب بعد ساعات من عملية "الكركارات"، معلنة "دعمها وتضامنها مع المملكة المغربية في الدفاع عن سيادتها وحقوقها وسلامة وأمن أراضيها ومواطنيها في منطقة الكركرات المغربية في إطار السيادة المغربية ووحدة التراب المغربي، ووفقا للشرعية الدولية"، معربة عن "استنكارها الشديد للأعمال العدائية التي تقوم بها ميليشيات البوليساريو واستفزازاتها الخطيرة في معبر الكركرات في الصحراء المغربية". وقالت وزارة الخارجية البحرينية إن هذه الأعمال العدائية "تشكل تهديدا جديا لحركة التنقل المدنية والتجارية، وتمثل انتهاكا للاتفاقات العسكرية ومحاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، وأضافت أن "هذه التصرفات أجبرت المملكة المغربية على إطلاق عملية لاستعادة حركة المرور في هذا المعبر الحيوي، بموجب السلطات المخولة لها، وفي انسجام مع الشرعية الدولية". ولن يكون الموقف البحريني الداعم صراحة للمغرب مستغرَبا لمن يعرف الدعم الدبلوماسي المقدم من الرباط تاريخيا للمنامة، ففي 2009 وإثر صدور تصريحات عن مسؤولين إيرانيين تصف البحرين بأنها "المحافظة رقم 14 لإيران" أعلنت الخارجية المغربي في 6 مارس من السنة نفسها قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران، أسبوعين فقط بعد رسالة الملك محمد السادس للعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة التي عبر فيها عن "انشغالنا العميق بالتصريحات المريبة والخطيرة الصادرة عن بعض الدوائر الإيرانية التي حاولت المساس بحرمة وسيادة مملكة البحرين الشقيقة وبقدسية سلامتها الإقليمية والترابية"، حسب منطوق الوثيقة.