قرار نزل كالصاعقة على الأطر الصحية وسكان مدينة طنجة ذاك الذي اتخذته وزارة الصحة مؤخرا بخصوص مستشفى القرطبي، أقدم مستشفيات المدينة وأحد أهم المرافق التي ساعدت على تجاوز محنة جائحة كورونا التي ضربت المدينة بقوة منذ شروعه في استقبال المصابين شهر أبريل الماضي، حيث قررت تحويله إلى مؤسسة تابعة للمستشفى الجامعي الجديد بعد إفراغه من مختلف التخصصات التي كان يحتضنها. وقررت الوزارة تغيير طبيعة خدمات المستشفى العمومي الموجود بحي "مرشان" في قلب المدينة، والذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1920، وتحويله إلى ملحقة تابعة للمستشفى الجامعي الموجود خارج المجال الحضري لطنجة على الطريق الوطنية المؤدية إلى مدينة أصيلة، ما يعني إخلاءه من العديد من التخصصات وعلى رأسها طب الجلد والمفاصل والدماغ والأسنان وجراحة العيون والأنف والحنجرة والأذن والفك والفم، إلى جانب الترويض الطبي والنفسي والحركي وترويض العيون والنطق. وأكد العاملون بالمستشفى هذا الأمر من خلال مراسلة موجهة إلى الوزير الوصي خالد آيت الطالب، والتي حصلت "الصحيفة" على نسخة منها، معبرين من خلالها عن "استنكارهم الشديد" لما وصفوه ب"مشروع تفويت مستشفى الاختصاصات القرطبي، وجعله مؤسسة صحية تابعة للمستشفى الجامعي"، مذكرين أن الأمر لا يتعلق فقط بمؤسسة صحية بل ب"معلمة تاريخية تعود إلى سنة 1920 والتي ظلت منذ ذلك التاريخ تقدم خدمات طبية وجراحية لساكنة طنجة". واعتبرت المراسلة أن قرار "التفويت" يشكل "ضربا" للعلاجات المقدمة بالمستشفى والتي تتميز بطابعها التكاملي، بالإضافة إلى أن نقل التخصصات إلى المستشفيات الأخرى، على قلتها وضعف إمكانياتها وحجمها، سيشكل ضغطا عليها وسينعكس سلبا على جودة الخدمات الطبية المقدمة لسكان طنجة "الذين استبشروا خيرا بالمستشفى الجامعي وتوقعوا أن يكون إضافة نوعية للخدمات الصحية والعلاجية بالمدينة والجهة". ووفق الوثيقة نفسها، والصادرة عن الأطر الطبية والتمريضية والإدارية بالمستشفى المذكور، فإن من شأن هذا التفويت أن يساهم في تقليص المؤسسات الصحية ذات المستوى العلاجي الثاني، ويجعل الاستفادة من بعض خدماتها أمرا غير سهل، مبرزة أن ما يزيد الأمر تعقيدا هو أن المستشفى الجامعي يختص بعلاج الأمراض المستعصية والمصنفة ضمن الدرجة الثالثة التي تتطلب أجهزة طبية حديثة وذات تقنية عالية، وأوضحت أن هذا الأمر سيؤثر سلبا على إجراء العمليات الجراحية الصغرى التي يستفيد منها عدد كبير من المرضى. من ناحية أخرى، تساءل موقعو المراسلة عن وضعيتهم في ظل القرار الجديد الذي "سيجعل مصيرهم غامضا وسيهدد استقرارهم النفسي والوظيفي" وفق توصيفهم، متسائلين أيضا عن مدى وجود دراسات مالية لتكلفة عملية الإلحاق بعدما كانت هناك محاولات سابقة لإعادة هيكلة هذا المرفق وتحويله إلى مستشفى للأم والطفل، وهي المحاولات التي باءت بالفشل بسبب رداءة بنيته التحتية وعدم كفاية مصالحها التكاملية وخاصة المختبر ومصلحة الأشعة، معتبرين أن الحل الأنجع هو تحويل المستشفى لقطب صحي يوفر خدمات متكاملة بعيدا عن إلحاقه بالمستشفى الجامعي.