وزارة الخارجية: إطلاق سراح 4 مواطنين فرنسيين محتجزين ب'واغادوغو' منذ دجنبر 2023 على إثر وساطة جلالة الملك    غدا ‬تنطلق ‬أشغال ‬المناظرة ‬الوطنية ‬الثانية ‬للجهوية ‬المتقدمة        ماكرون يشكر جلالة الملك على دوره في الإفراج عن 4 فرنسيين محتجزين في بوركينا فاسو    السجن 20 عامًا لفرنسي عرّض زوجته للاغتصاب المتكرر مع 49 رجلًا        الصين: الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية    إيلون ماسك يعلنها رسمياً.."ستارلينك" قريباً في المغرب    مريم المباريك ومروان الديوري ينتزعان بطاقتي التأهل للألعاب العالمية تشونغدو 2025    بووانو: شركة "أخنوش" الفائزة بصفقة مشروع تحلية مياه البحر بالبيضاء غير مستوفية لشروط دفتر التحملات    عملية جديدة لهدم منطقة عشوائية للسكن وإعادة إيواء الأسر بالبرنوصي    الجديدة.. المصالح الدركية تحبط عمليات لتنظيم الهجرة السرية والاتجار بالبشر    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    التجمع العالمي الأمازيغي يضرب في نتائج الإحصاء المرتبطة باللغات المستعملة    موتسيبي يقوم بزيارة الدول المستضيفة ل "الشان"        نسج الزرابي فن صامد في المغرب رغم ضعف مداخيل الصانعات    "هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جريمة ضد الإنسانية بحرمان الفلسطينيين من الماء في غزة    بوساطة ملكية حكيمة.. إنجاز دبلوماسي جديد يتمثل في تأمين الإفراج عن أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في واغادوغو    وهبي يؤكد التزام المغرب بحماية حقوق الإنسان ومواجهة تحديات القضايا الناشئة    الوداد بدون جمهور يتحدى الجيش الملكي في القنيطرة    حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024    جلالة الملك يواسي ماكرون إثر مرور إعصار تشيدو على أرخبيل مايوت    المغرب وألمانيا يوقعان شراكة للتزويد بالماء الشروب المتكيف مع المناخ    رامي إمام يطمئن الجمهور عن صحة عادل إمام ويكشف شرطًا لعودة الزعيم إلى الشاشة    كيوسك الخميس | خبراء الداخلية يعملون على تقسيم إداري جديد    أعضاء المجلس الإداري لأكاديمية سوس ماسة يُصادقون بالإجماع على برنامج العمل وميزانية سنة 2025    مديرية الأمن تطلق البوابة الرقمية E-POLICE وخدمة الطلب الإلكتروني لبطاقة السوابق    تركيا تدعو المجتمع الدولي لإزالة "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب    من هو نَسيم كليبات الذي تم تَسليمه للسُلطات الإسرائيلية؟    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    كأس الرابطة الانجليزية: ليفربول يواصل الدفاع عن لقبه ويتأهل لنصف النهاية    بطولة فرنسا: ديمبيليه يقود باريس سان جرمان للفوز على موناكو والابتعاد في الصدارة    أكاديمية المملكة تشجع "محبة السينما" باستضافة الناقد إدريس شويكة    بعد التراجع 25 عاما إلى الوراء في مستوى تحصيل تلامذتنا في العلوم، هل تحدث الصدمة التربوية؟    الأندية المشاركة في بطولة القسم الممتاز لكرة القدم النسوية تعلن استنكارها لقرار العصبة الوطنية وتأثيره السلبي على مسار البطولة    فريق مستقبل المرسى ينتزع فوزًا ثمينًا على حساب فريق شباب الجنوب بوجدور        الولايات المتحدة.. الاحتياطي الفدرالي يخفض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثالثة خلال 2024    شباب جمعية "أسوار فاس" يواصلون الإبهار بعروض مسرحية متنوعة بطنجة    تسجيل أول حالة إصابة خطيرة بإنفلونزا الطيور في أمريكا    كلمة .. شعبنا آيل للانقراض    النقيب عبد الرحيم الجامعي يراسل عبد الإله بنكيران حول بلاغ حزبه المتعلق بعقوبة الإعدام    لماذا أرفض الرأسمالية ؟    معاناة متجددة لمرضى السل بفعل انقطاع الدواء باستمرار    وداعا أمي جديد الشاعر والروائي محمد بوفتاس    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَدرَسةُ الدّيمُقراطيَة!
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021


▪ هذا الثُّنائي، إمّا وإمّا..
إمّا معًا، أو نتيجةٌ سلبيّة..
مُستَقبَلُ بلادِنا مُتوَقّفٌ على طبِيعَةِ العلاقة بين "المَدرَسةِ والدّيمُقراطية".. وعليها تُحسَبُ مَقايِيسُ التّطوّرِ والتّراجُع.. إذا وضَعُ الاثنانِ يَدًا في يَد، فإنّ كُلاًّ مِنهُما يُعزّزُ الآخَر، ومَعًا يَنجَحانِ في مَسِيرةِ التّطوُّرِ والتّطوِير..
وإلى الآن، نَنتظِرُ الشّراكةَ الفَعّالةَ بين "المَدرَسةِ والدّيمُقراطية".. ولا خيارَ لهُما إلاّ أن يتِمّ التّعاوُن، نظريًّا وتَطبيقيّا.. هذا قَدَرٌ مَحتُوم.. ولا غِنى لإحدَاهُما عن الأُخرَى.. المَركَبةُ جاهِزة.. والرُّكّابُ على مَتنِها.. إلى اتّجاهٍ واحِد.. وهدَفٍ مُشترَك..
وأن تَنخَرِطَ مَدرَستُنا في تعليمِ الحياةِ الدّيمقراطية، وفي سُلوكِها الأخلاقُ المُنبَثِقةُ منَ "العَهدِ الدولي لحُقوقِ الإنسان - 1948": هذا من الأدوارِ الهامّة التي يُمكِنُ أن يَلعبَها تعليمُنا، لتَنشئةِ الأجيالِ الصّاعِدة على حُقوقِ الوَطنِ والمُواطِن، وحقّ الاختِلاف، والتّعدّد، والمُساواة، والمَسؤولية، والحُرية، والاحتِرام، وبنَاءِ دولةِ المُؤسّسات...
▪ تعلِيمُ الدّيمقراطيّة:
مادّةٌ يُمكنُ برمَجَتُها في مَناهجِنا التّعليميّة.. وسيكُون هذا انتِصارًا للجميع..
إنهُ مَغربٌ آخَرُ يَتوغّلُ ويتَرَعرَعُ في أحلامِنا:
مَغرِبُ الطّموحِ إلى انتِخاباتٍ نزيهةٍ قوامُها الروحُ الديمُقراطيّة، وضميرُ المُواطَنةِ الفعّالة، ورَبطُ المسؤوليةِ بالمُحاسَبة...
مَغربٌ جديدٌ يَعِي جيّدًا، وأكثرَ من أيّ وقتٍ مَضَى، أنّ التّعليمَ المَطلُوبَ ليس فقط قراءةّ وكِتابةً وحِسابًا... ولا شَحنًا للتّلميذِ بالمَعلُومات..
▪ الهَدَفُ أكبَر:
هُو تعليمُ النّاشِئةِ كيف تتَخيّلُ وتَعقِلُ وتُفكّرُ وتُبدِع.. وتحتَرمُ غيرَها.. وتَعتَمِدُ على نفسِها.. وتتَعاوَنُ مع الآخر.. وتتَطوّعُ لِما فيه مَصلحةُ البلد.. ولا تتَراجَعُ عن واجِبِ التّعايُش.. وعن أخلاقياتِ المَسؤولية..
وإلى هذا، تَعليمُ الناشئةِ ماهيّةَ المُواطَنة..
والمُواطَنةُ هي أن يكُونَ المرءُ مَسكُونًا بالوَطن: الوَطنُ في أعماقِه، وفي الرُقعةِ الجغرافية التي يَنتمِي إليها.. وفي نفسِ الوَقت، هذا الوَطنُ جُزءٌ من الأُسرَة العالَمية.. والعالَمُ جُزءٌ من الوَطنِ الأكبَر: الكَون..
والمَدرسةُ والأُسرةُ والمُجتَمع، هذه تُربِّي على أن يَنشَأ التّلميذُ إنسانًا مَحَليّا ووَطنيّا وعالميّا وكَونيّا.. المَسافاتُ كبيرة.. ومِحوَرُها: الإنسانُ والإنسانية..
وهذه قِيّمٌ يَستَمدّ منها التّلميذُ أن يَتحَرّر بإنسانيتِه وفِكرِه وآرائِه، بعيدًا عن أيةِ قُيودٍ وتَبَعيّة، وأن يُساعِدَ الناسَ على عيشٍ مُشترَك، وبِناءِ مُجتمَعاتٍ تسُودُها الأخلاقُ والعَدالة والأمنُ والأمانُ والديمُقراطية..
وهكذا يَترَعرَعُ عندَنا، نحنُ أيضا، المُواطِنُ المَحلّي والعالَميُّ الفَعّال، والكونِي الشاسِعُ الرّحب، تحت أضواءِ الانتِماء للأنسانيةِ جَمعَاء..
▪ قِيّمٌ مُشبَعَةٌ بالمُشارَكة!
كلُّنا معًا.. ولا أحدَ وَحدَه..
لا غِنَى عن المُشاركةِ الإيجابيّة في القضايا العالميّةِ الاجتِماعيةِ والإقتِصاديةِ والبِيئيةِ وغيرِها...
وهذه أيضا قِيّمٌ تُحافظُ على سلامةِ البيئةِ الطبيعية، ولا تتَردّدُ في مُكافحةِ الفَقرِ والكوارثِ والنّزاعات، وتَعمَلُ سويّةً على المُساواةِ بين الناس، في الحُقوق والواجِبات..
إنهُ التّعليمُ الذي نُريد..
مَجانيٌّ للجميع.. لا يُفرّق بين المَيسُورين والمُحتاجِين.. وليس سِلعةً قابلةّ للاتّجار..
التعليمُ يبنِي الإنسان، ومن خلالهِ الإنسانية، والعيشَ المشترَك..
ويُعلّم بناتِ وأبناءَ المُجتمَع كيف يفهَمُون العالَم، ويُساهِمُون في وِقايتِه من أيةِ مَخاطر، ويَجعَلون التّشارُكَ والتّضامُنَ والتّطوّع أداةً لحياةٍ آمنةٍ مُثمِرة..
وبهذه الصّيغة، يَرسُمُ التعليمُ تَصميمًا لمُستقبلِ البلد..
والمُستَقبَلُ يتطلبُ مُشاركةَ الجميع، وهذا يستوجبُ الانخراطَ المُجتمَعي، وعبرَ أجيال، لبناءِ وصيانةِ "مُجتمعِ الدّيمُقراطية"..
▪ وهذا مُمكِنٌ جدّا!
إذا ما تمّ تدريبُ أجيالٍ تِلوَ أخرَى على الدّيمُقراطية التّمثِيليّة، ومعَها التّفكيرُ النّقدي، والمُواظَبةُ على نقاشاتٍ لا تقومُ على مُجاملاتٍ أو مَصالح، بل على النقدِ البنّاء، المَبنِي على الصّالحِ العامّ، وعلى فَسحِ المَجالِ واسِعًا لكلّ الأشكالِ والألوانِ الإبداعيّة..
إنها استقلاليةُ القرار، والحُرّية، والنقدِ المُتبادَل الذي لا يكُونُ مُرتَجَلاً...
وفي المَدرسة، وبشكلٍ مُتَوازِنٍ مع نقاشاتٍ على شاشاتٍ مُباشِرة، يقرأ شبابُنا "القراءةَ النّاقِدة"، لغَربلةِ المَعلُوماتِ والآراء، قبل تَقديمِها للمُتلَقّي..
وهذا مُفيدٌ لفَهمِ الحياة التي نحنُ فيها، والعالَمِ الذي يَأوِينا، وتحريرِ العُقولِ من الأخبارِ الكاذِبة، ومِنَ الخُرافاتِ والشّعوذَة..
ومُفيدٌ للتّعامُل، مع ما نسمعُ ونُشاهدُ ونَقرأ، مُعاملةً أساسُها التّدقيقُ المَعرِفي، بدلَ ابتِلاعِ كلّ ما يُقدَّمُ لنا، وكأنهُ حقيقةٌ ثابِتة..
▪ ليس كلُّ ما يأتِينا غيرَ قابلٍ للنّقاش!
وفي المَدرسة، وعبرَ تعليمٍ يتّسمُ بالمهارة، نُفرّقُ بين الخبَرِ والرأي، ونتعلّمُ كيف نُفكّرُ ونُقرّر، باستقلاليةٍ تامّةٍ عن أيةِ تَبَعيّة..
وَنتحَرّرُ من انزِلاقاتِ الذّات، ومن جُنوحٍ إلى أيّ تأثيرٍ من أيّ كان، ونحنُ ساعُون - فُرادَى وجَماعات - لمُمارسةِ حُرّيتِنا، على أساسيّاتٍ ديمُقراطيّة..
أين تَبدأ المَسؤوليات؟ وأين تَنتَهِي؟
وما دَورُ كلّ منّا في بناءِ حُقوق الأقلّيات؟ وحُكمِ الأكثرية؟ أين هي الدّيمُقراطية؟ هل هي نِتاجُ تأثيراتٍ لاكتِساحِ الصّناديق؟ وهل الدّيمُقراطية مُستَمِرة؟ مُتواصِلة؟ أم هي أيضا آيِلةٌ للنّهاية؟
وهل ينخَرطُ كلُّ العالمِ في المنظُومةِ الديمقراطيةِ المُتداوَلة؟ وهل الديمُقراطيةُ هي أن نُفوّضَ مُنتَخبِين ليتّخِذُوا - نيابةً عنّا - قراراتٍ قد لا تكُونُ سليمة؟ وفي هذه الحالة، مَن فينا يَجرُؤ على الوقُوفِ بِطريقِ مُنتَخَبٍ مَعتُوه؟
▪ ومع ذلك،
لا خيارَ لنا إلاّ أن نَتعلّم كيفَ نتَعايَشُ ونتَعاونُ ونعتَرِفُ بأنّ أحسنَ نظامٍ - حتى الآن - هو الدّيمُقراطية..
يُساوِي بين الكِبارِ والصغار..
ويُشرِكُ الشّعبَ في حُكمِ نفسِه بنفسِه، بواسطةِ حُكومةٍ قد تكونُ ديمُقراطية، وقد لا تكُون، وهذا لا يعنِي أن مُجتَمعَ التّصويتِ هو مُجتمَعٌ ديمُقراطي..
وهُنا يأتي السؤالُ الصّادِم: هل نحنُ مُجتمعٌ ديمُقراطي؟ هل أغلبيتُنا تُدلِي بأصواتِها وِفقَ ما يُملِيهِ الاقتِناعُ والضّمير؟ وهل نحنُ مُقتنِعُون بالمَفهُومِ المُتداوَلِ في أوساطِنا، وهو "تَداوُلُ السّلطة"؟ وهل التّداوُلُ - في عُمقِه - يستَنِدُ فِعلاً على سِلميّةِ التّداوُل؟ أم نحنُ نُخفِي ما لا نُظهِر؟
إنّ ديمُقراطيّتَنا، وإن كانت تُقامُ تحتَ برِيق، هي ذاتُ وَجهيْن: مِن زاويّةٍ هي تُمثّلُ الشّعب، ومِن أخرى، لا تُمثّلُ إلاّ نفسَها..
ومَهما يكُن: قد لا تُمثّلُ هذه الدّيمُقراطية إلاّ نُخبةً سياسيّةً وفئاتٍ مَصلَحيّة..
أما النّاخِب، فهو يتَأرجَحُ بين ثلاثِ كَذبَات: كذبَةٌ على نفسِه، ثانيةٌ على غيرِه، ثالثةٌ مُستَقِرّةٌ في الجَوف!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.