بعد أيام من الانتظار، صدر أخيرا يوم أمس الأحد، أول موقف من مسؤول مغربي رفيع تجاه قرار الإمارات العربية المتحدة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بعدما أورد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أن المغرب سيظل يدافع على حقوق الشعب الفلسطيني وسيتصدى ل"عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني"، مبرزا، أمام شبيبة حزبه، أن هذا هو موقف الملك والحكومة والشعب. وقال العثماني إن الموقف المغربي يتمثل في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعن المسجد الأقصى وهويته العربية والإسلامية، ورفض محاولات تهويد القدس والالتفاف على الحقوق الفلسطينية"، مضيفا أن هذه الأمور تمثل "خطوطا حمراء للمغرب ملكا وحكومة وشعبا"، قبل أن يحيل على الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الأخير بالقول إن "كل التنازلات التي تتم في هذا المجال مرفوضة". وعبر رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الحزب صاحب الأكثر تمثيلا في البرلمان، عن رفض المغرب ل"عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني، لأن هذا الأمر يمثل تحفيزا له على المضي قدما في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني"، خالصا إلى أن الدفاع عن فلسطين وعن المسجد الأقصى "مسؤولية الأمة الإسلامية كلها". وجاءت هذه التصريحات خلال مشاركة العثماني في الملتقى السادس عشر لشبيبة حزب العدالة والتنمية، الأمر الذي جعل خطابه يبدو كموقف حزبي، في ظل عدم صدور أي رد رسمي من وزارة الخارجية أو من طرف العثماني نفسه انطلاقا من موقعه كرئيس حكومة، علما أن السياسة الخارجية للمغرب مجال محفوظ للملك. غير أن حديث العثماني "باسم الملك" يبرز أن الأمر يتعلق بموقف رسمي "مبطن"، إذ عادة ما يجتهد مسؤولو حزب العدالة والتنمية في تفادي نسب مواقف الحزب للمؤسسة الملكية خاصة إذا تعلق الأمر بالقضايا الخارجية، مثلما حدث سنة 2016 عندما هنأ رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التصدي لمحاولة الانقلاب، مذيلا المراسلة بختم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فيما تولت وزارة الخارجية إعلان موقف المملكة الرسمي الرافض لتغيير النظام بالقوة. وبدا العثماني مصرا هذه المرة على الإشارة إلى أن الأمر يتعلق بموقف "الملك والحكومة والشعب"، مع التذكير بارتباط المغرب التاريخي بالقضية الفلسطينية، من خلال حديثه عن "ملاحم المغاربة عبر القرون لدعم جهود الحفاظ على المسجد الأقصى وحمايته من الاحتلال"، وعن "وفاء المغاربة لفلسطينوالقدس"، فيما بدا وكأنه إشارة إلى القرار الانفرادي للإمارات المتجاوز للموقف العربي الموحد وللمغرب الذي يرأس عاهله إلى الآن لجنة القدس. ويسبق هذا الموقف أيضا الزيارةَ المتوقعة لجاريد كوشنير، صهر وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المغرب، والتي أعلنت عنها أمس وكالة "أسوشيتد بريس" نقلا عن "ثلاثة مصادر دبلوماسية في الإدارة الأمريكية"، متوقعةً فتح ملف التطبيع مع إسرائيل مرة أخرى، وهو ما ينسجم مع ما كانت نشرته صحيفة "الإكونوميست" البريطانية مؤخرا عن كون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضع المغرب ضمن قائمة الدول العربية التي يرغب في إقامة علاقات دبلوماسية معلنة معها. وسبق أن فشلت المساعي الأمريكية لإقناع المغرب بالقبول بالخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة ب"صفقة القرن"، ثم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم زيارة كوشنير للمغرب ولقائه بالملك محمد السادس بهذا الخصوص في ماي من العام الماضي، أما في دجنبر الماضي فرفض الملك استقبال نتنياهو بعدما اقترح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مرافقته له خلال زيارته للرباط، والتي انتهت بإلغاء الاستقبال الملكي لهذا الأخير أيضا.