لا يفهم الكثير من المواطنين الراغبين في التبرع بالدم التناقض الحاصل بين دعوات مراكز التحاقن للمتبرعين بالتوافد عليها بسبب الخصاص الموجود في المخزون، وبين طريقة عملها التي تعتمد على التوقيت الإداري وتوقفها عن استقبال المرضى في عطل نهاية الأسبوع والعطل الرسمية، وهو الأمر الذي ينطبق حاليا على المركز الوحيد الموجود في طنجة المغلق لمدة 4 أيام كاملة تزامنا مع نداءات التبرع. ويمثل هذا المركز نموذجا حيا للتدبير الغريب لعمليات التبرع بالدم في إقليم يتجاوز تعداد سكانه المليون نسمة، إذ بشكل دوري تُصدر عن إدارته دعوات للتبرع بسبب الخصاص الحاصل في مخزون الدم، لكن في المقابل لا يجد العديد من المتبرعين من يستقبلهم في الأيام العادية، أما خارج التوقيت الإداري وفي العطل الأسبوعية والرسمية فتكون أبوابه موصدة ولا يعتمد نظام المداومة حتى في الفترات التي تَصدر فيها عنه نداءات للمتبرعين. وعاينت "الصحيفة" وضعية العمل داخل هذا المرفق الموجود بشارع المسيرة الخضراء داخل بناية صغيرة مكونة من طابق أرضي فقط رغم كونها محاطة بالعديد من العمارات، وهو أول ما يثير الاستغراب في هذا المكان، إذ لم تفكر وزارة الصحة بتوسيعه عبر إضافة طابق آخر على الأقل ومضاعفة تعداد العاملين به حتى يتمكنوا من مواكبة العدد الكبير من المتبرعين الذين يضطرون في الكثير من الأحيان إلى المغادرة بعد طول انتظار. وداخل المبنى يوجد طبيب واحد يفحص المتبرعين الذين ينتقلون إلى قاعة التبرع ليجدوا أمامهم 6 أسرة، لكن عمليا لا تعمل سوى 3 إلى 4 منها، وهو عدد المتبرعين الذين تستطيع الممرضتان الموجودتان هناك متابعتهم بشكل متزامن، أما في قاعة الاستقبال فيضطر الكثيرون إلى الانتظار، وقوفا أحيانا، لمدة طويلة حتى يحين دورهم، وهو الأمر غير المضمون بحكم أن عمليات التبرع تتوقف إداريا في حدود الساعة الثانية ظهرا على أبعد تقدير. وخلال فترات تراجع المخزون يقوم أفراد عدة جمعيات ومؤسسات بالانتقال إلى المركز لأجل التبرع بشكل جماعي، وهو ما يضع مسؤولي المكان في موقف حرج بسبب عدم قدرتهم على مواكبة عدد المتبرعين الكبير، وفي حالات كثيرة يطلبون من الموجودين الذهاب والعودة في وقت لاحق بل وأحيانا يجري منعهم من أمام باب المركز، الأمر الذي يستغربه كثيرون كون بعضهم يقتطعون هذا اليوم من عطلتهم أو يطلبون إذنا استثنائيا من إدارة عملهم للمساهمة في حملة التبرع. ويستغرب الكثير من المتبرعين اعتماد مركز تحاقن الدم على التوقيت الإداري، والتزامه بالعطل الرسمية والأسبوعية على غرار ما سيحدث انطلاقا من اليوم الخميس وإلى غاية يوم الأحد المقبل، حيث ستكون الأبواب مغلقة في عز أزمة مخزون الدم بالمدينة دون وجود أي بديل، حيث لا تتوفر طنجة حتى على الوحدة المتنقلة للتبرع بالدم، ما يؤدي إلى تكرار هذه الأزمة منذ سنوات دون أي تحرك من الوزارة الوصية ومسؤولي القطاع الصحي.