أحيت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبارنسي المغرب"، من جديد، ملف الارتباك الذي شهده مجلس المنافسة بعد إقدامه على فتح ملف "تواطؤ" شركات المحروقات، وذلك بعد مرور أكثر من أسبوعين على صدور أوامر من الملك محمد السادس بفتح تحقيق في هذا الموضوع، إذ اعتبرت المنظمة أن التراجع عن القرار الأول للمجلس القاضي بمعاقبة الفاعلين الثلاثة الكبار كان "غير مبرر". واعتبرت "ترانسبارنسي" في بيانها الصادر، السبت، أن قضية تحرير أسعار المحروقات "زعزعت" مجلس المنافسة، وأوردت أنه يتعرض "لامتحان حقيقي لأول مرة بعد إصلاحه وبعد أن عانى من التجميد عدة سنوات"، مستغربة مما وصفته "التراجع غير المبرر عن القرار الأول الذي يبدو أنه اتخذ بشكل سليم من طرف الأعضاء". وعبرت المنظمة عن استغرابها أيضا من "التشكيك" الذي عبر عنه أعضاء بالمجلس في مواجهة رئيسه، إلى جانب اللجوء لما وصفته "حلول من خارج ما تتطلبه استقلالية المؤسسات أو نصوص القانون"، معتبرة أن كل ذلك "ليس من شأنه ترسيخ دولة القانون وبناء الديمقراطية، ذلك أن القانون 104-12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة ينص بوضوح على سبل الانتصاف أمام الغرفة الإدارية لمحكمة النقض أو أمام محكمة الاستئناف بالرباط". ودعت الجمعية السلطات العمومية المغربية، إلى "الحرص على حماية مؤسسات الرقابة الدستورية وتعزيز فعاليتها العملية، حتى تتمكن من أداء مهامها بالكامل وفي استقلال تام"، مع الإسراع بتبني "تشريع ينظم حالات تنازع المصالح والإثراء غير المشروع كما ينص على ذلك الدستور". ويأتي موقف "ترانسبارنسي" متزامنا مع انقضاء أسبوعين كاملين على إعلان الديوان الملكي فتح تحقيق في المذكرات الثلاث التي توصل بها الملك من طرف رئيس المجلس ومجموعة من أعضائه بخصوص ملف المحروقات، وهي اللجنة التي تضم في عضويتها رئيس الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى جانب رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس المجلس الأعلى للحسابات ووالي بنك المغرب، والتي يتولى الأمين العام للحكومة مهمة التنسيق بين أعضائها. وحملت المذكرة الأولى التي توصل بها الملك من طرف رئيس المجلس، إدريس الكراوي، بتاريخ 23 يوليوز 2020، والتي كان التراجع عن مضامينها محط استغراب "ترانسبارنسي"، اتهاما صريحا لشركات المحروقات بالتواطؤ مع تجمع النفطيين، ما دفع المجلس إلى فرض غرامة على الموزعين الثلاثة الرائدين، أي شركات "أفريقيا" المملوكة للوزير ورجل الأعمال عزيز أخنوش، و"شيل" و"توتال المغرب"، بقيمة 9 في المائة من رقم معاملاتها السنوي. لكن النقطة التي أفاضت الكأس كانت هي توصل الملك يوم 27 يوليوز 2020 بمذكرة من طرف مجموعة من أعضاء المجلس، لم يبين الديوان الملكي عددهم، تتهم الرئيس بالوقوع في تجاوزات وممارسات مست جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس، والأخطر كان الحديث عن أن "سلوك" الكراوي الذي يوحي بأنه يتصرف بناء على "تعليمات أو وفق أجندة شخصية"، وفق منطوق الوثيقة. ولم ينتظر الملك محمد السادس طويلا قبل تشكيل لجنة للتحقيق في هذا الموضوع بسبب "الارتباك المحيط بهذا الملف والنسخ المتناقضة المقدمة"، معبرا من خلال بلاغ الديوان الملكي عن أن الدافع إلى ذلك كان هو "تمسكه بشدة باستقلالية ومصداقية المؤسسات وضمان حسن سير عملها"، ولم يعلن القصر توصل بعد بأي نتائج من هذه اللجنة إلى حدود اليوم. ووفق ما ورد في الجريدة الرسمية بتاريخ 13 دجنبر 2018، يتكون المجلس بالإضافة إلى رئيسه إدريس الكراوي، من عضوين من القضاة بصفتهما نائبين للرئيس، وهما عبد الغني اسنينة وجيهان بنيوسف، و4 أعضاء من ذوي الاختصاص في الميدان الاقتصادي أو المنافسة، وهم عبد اللطيف المقدم، وهو أيضا نائب للرئيس، ويوسف الصابوني وعبد العزيز الطالبي وعبد الخالق التهامي. كما يحظى بعضوية المجلس شخصان من ذوي الاختصاص في المجال القانوني، وهما حسن أبو عبد المجيد بصفته نائبا للرئيس، وعبد اللطيف الحاتمي، و3 أعضاء يزاولون أو سبق لهم مزاولة نشاطهم في قطاع الإنتاج أو التوزيع أو الخدمات، وهم رشيد بنعلي وسلوى قرقري بلقزيز والعيد محسوسي، وأخيرا عضو من ذوي الاختصاص في ميدان حماية المستهلك، وهو بوعزة الخراطي.