على الرغم من أن الإجراءات الصارمة التي فرضها المغرب على حدود مدينتي سبتة ومليلية لا تعجب الأحزاب اليمينية الإسبانية إلى جانب تسببها في تذمر الفاعلين السياسيين بالمدينتين لدرجة وصف الأمر ب"الحصار" إلا أرقام وزارة داخلية مدريد تؤكد أن لهذا الوضع وجه إيجابي يتمثل في التراجع الكبير لأعداد المهاجرين غير النظاميين المتسللين إلى الثغرين المحتلين. ووفق الأرقام التي تهم الأشهر السبعة الأولى من سنة 2020، فإن وصول المهاجرين غير النظاميين إلى التراب الإسباني تراجع عموما ب38 في المائة مقارنة بالرقم المسجل خلال الفترة نفسها من سنة 2019، بوصول 11460 شخصا هذه السنة مقارنة ب18515 خلال العام الماضي، غير أن التراجع الأبرز سُجل على حدود سبتة ومليلية سواء فيما يتعلق بمحاولات التسلل عن طريق البحر أو عبر السياج الحدودي البري. فمدينة سبتة، التي يقود حكومتها المحلية تحالف يميني مكون من الحزب الشعبي وحزب "فوكس" اللذان يحملان مسؤولية الهجرة السرية عادة للسلطات المغربية، شهدت تراجعا في عمليات الهجرة السرية عبر البحر بنسبة 75 في المائة هذا العام، بوصول 81 شخصا فقط إلى المدينة منهم 15 في النصف الثاني من شهر يوليوز الماضي، مستخدمين الزوارق وقوارب "الكاياك" والدراجات النارية المائية، بل وحتى بواسطة قوارب الألعاب والسباحة، في حين وصل إليها خلال هذه الفترة من العام الماضي 355 شخصا. أما بمدينة مليلية فكان التراجع أوضح بكثير إذ سجلت، إلى حدود نهاية يوليوز من هذه السنة، وصول 7 أشخاص فقط عن طريق البحر، في حين كانت قد عرفت تسلل 311 شخصا إليها عبر هذا المسلك خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني أن نسبة التراجع بلغت 97,7 في المائة. وبفضل تشديد الرقابة المغربية على الحدود، شهدت محاولات التسلل إلى المدينتين عن طريق البر أيضا تراجعا واضحا، ففي سبتة تمكن 184 مهاجرا غير نظامي من ولوج المدينة هذه السنة، بتراجع بلغت نسبته 70 في المائة، أما مليلية فتمكن 1199 شخصا من التسلل إلى ترابها، ما يمثل تراجعا بأكثر من 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وكان المغرب قد شدد إجراءاته الحدودية مع المدينتين بوقف الأنشطة التجارية، كما أوقف نهائيا عمليات التهريب المعيشي انطلاقا من سبتة، تزامنا مع إنشاء منطقة اقتصادية جديدة بمدينة الفنيدق باستثمار قيمته 200 مليون درهم، وهو الأمر الذي أنهك اقتصاد المدينة الخاضعة للسيادة الإسبانية التي كانت، على غرار شقيقتها مليلية، تعول كثيرا على الرواج التجاري الذي يخلقه المواطنون المغاربة.