بدأت تتضح تدريجيا معالم المعطيات التي كشفت عنها وزارة الصحة أمس الخميس حين أوضحت أن عددا كبيرا من الحالات صارت تسجل داخل الأوساط التجارية، وذلك بعدما تبين أن إحدى الفضاءات الكبرى بمدينة فاس تحولت إلى "بؤرة للوباء" هذا الأسبوع، الأمر الذي دفع هيئات حقوقية لمطالبة السلطات بإغلاق الأحياء المعنية. وأضحى احتمال تحول العاصمة العلمية للملكة إلى بؤرة للوباء يتزايد شيئا فشيئا، وهو ما أكدته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تحدثت عن ظهور هذه البؤرة في مركز تجاري، في إشارة إلى "مول" يتواجد وسط المدينة، وهو الأمر الذي يتقاطع مع ما أشار إليه أمس محمد اليوبي مدير مديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، حين أورد أن 113 حالة إصابة من أصل 259 سُجلت ما بين السادسة من مساء الثلاثاء والسادسة من مساء الخميس، "اكتشفت في محيط بؤر بوحدات تجارية وصناعية". ولم تُصدر وزارة الصحة أي توضيح بخصوص هذا الأمر، لكن مؤشرا مقلقا يشي بتسجيل شيء غير طبيعي خلال الأيام القليلة الماضية، إذ عمدت الوزارة الوصية إلى حذف أرقام الإصابات المسجلة عبر الجهات من الموقع الرسمي الخاص بالجائحة، بل لم تعد تشير له حتى في المؤتمر الصحفي اليومي الذي يعقده اليوبي، كما لم يصدر عن السلطات المحلية لمدينة فاس أو مجالسها المنتخبة أي تعليق على الموضوع. غير أن فرع فاس للجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحدث عن معاينة "انتشار سريع" للفيروس في المدينة، متسائلة عن إجراءات السلامة المتبعة لحماية المستخدمين والمرتفقين، خاصة بعد التصريحات والشهادات المنتشرة في الموضوع، والتي "عرت حقيقة وجب مواجهتها قبل فوات الأوان، وهي عدم احترام الإجراءات الواجب اتخاذها في هذه الظروف". وقالت الجمعية إن معطياتها تؤكد تسجيل ما يفوق 70 حالة في ظرف 24 ساعة، مسجلة وجود "ارتجالية في تدبير الوضع وتنزيل الإجراءات الواجب اتخاذها في مثل هذه الحالات"، مطالبة ب"إغلاق كل مراكز الخدمات والوحدات الصناعية غير ذات أهمية في هذا الوضع، مع تحميل السلطات كل المسؤولية فيما قد ينتج عن العكس"، كما دعت إلى "فتح تحقيق عاجل" في ما حدث بالمركز التجاري ومعاقبة المتورطين. وشددت الهيئة الحقوقية نفسها على ضرورة تواصل مسؤولي وزارة الصحة مع المواطنين "لشرح الوضعية الوبائية بشكل مسؤول بعيدا عن التأويلات التي قد تساهم في تفاقم الأوضاع"، مع العمل على "تطويق الأحياء التي ظهرت فيها إصابات والإسراع في إجراء التحاليل لكل من اشتبه في إصابته وخصوصا مخالطي للمصابين"، داعية إلى تشديد المراقبة في بعض الأحياء "التي يبدو أنها لا تلتزم بإجراءات الحجر الصحي وتستمر فيها الحياة بوتيرتها الطبيعية كعوينات الحجاج وباب الفتوح وصهريج كناوة وابن دباب وسيدي بوجيدة وعين النقبي". يشار إلى أن جهة فاسمكناس كانت تصنف كرابع أكثر جهة تسجيلا للإصابات المؤكدة بفيروس "كوفيد 19" بعد كل من جهة الدارالبيضاءسطات وجهة مراكشآسفي وجهة الرباطسلاالقنيطرة، علما أنها كانت قد عرفت تسجيل بؤرة بمدينة مكناس نتيجة مخالطة عائدين من مصر لعائلاتهم وأبناء حيهم.