تقف العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا على حافة مأزق جديد بعدما طفت على السطح فضيحة من العيار الثقيل أدت ب6 شركات إسبانية متخصصة في المواد الغذائية الفلاحية للوقوف أمام المحاكم، وذلك بعدما كشفت تعاونيات عن تورطها في جلب منتجات مغربية كانت في الأصل متجهة إلى فرنسا، لتعيد تغليفها لتظهر وكأنها منتجات من أصل إسباني ثم تبيعها بأسعار منخفضة. وتبدو تفاصيل العملية معقدة للغاية وتتدخل فيها عدة أطراف في المغرب وإسبانيا وفرنسا، إذ يتم شحن السلع بشكل طبيعي من شركات فلاحية مغربية وعبر ميناء طنجة المتوسطي إلى ميناء الجزيرة الخضراء في جنوب إسبانيا تحت جميع الإجراءات القانونية الاعتيادية، على أساس أن وجهتها النهائية ستكون هي السوق الفرنسية، لكن بمجرد وصولها إلى منطقة ألميريا يتم تزوير معطياتها. ووفق تعاونية جمعيات الفلاحين ومربي الماشية الإسبانية، التي فجرت الفضيحة، فإن الشُحنة التي تدخل من المغرب وعليها أختام جمركية يفترض أن لا تكسر إلا في فرنسا، يجري فتحها في منطقة ألميريا من طرف أرباب شركات للمنتجات الغذائية، وهناك تتم عمليات إعادة تعليبها وتغليفها مع الإشارة إلى أنها مواد إسبانية، ثم يجري توزيعها على السوق المحلية. En nuestras narices. cajas de PIMIENTOS DE MARRUECOS,no son agricultores de Almería, son traidores del campo y los vamos a señalar.Y los inspectores? solo inspectores para los que producimos aquí y no a canallas traidores! CONSUMIDOR QUE NO TE ENGAÑEN CONTROL DEL ETIQUETADO YA!! pic.twitter.com/CZxRoj96l2 — Andrés Góngora-COAG (@A_Gongora_COAG) February 7, 2020 ووثقت التعاونية الإسبانية إحدى هذه العمليات بالصوت والصورة، حيث أظهرت كميات كبيرة من صناديق الفلفل الحار المستورد من المغرب مرمية في حاوية بالقرب من مقر إحدى الشركات، وهو الأمر الذي يتكرر مع منتجات أخرى مثل الطماطم والخيار والقرع الأخضر والفاصوليا، وفق الجهة نفسها التي اعتبرت أن هذه العملية تنطوي على مخالفات جسيمة. ويعتبر المزارعون الإسبان أن هذه العملية تنطوي على أخطار صحية بالإضافة إلى كونها لا تحترم قوانين الاستهلاك والتسويق المعمول بها في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب غش وخداع المستهلين الإسبان، لكن للأمر أيضا أبعاد اقتصادية أيضا، فالسلع القادمة من المغرب والمعاد تعليبها تباع بأسعار أرخص تجبر باقي المنافسين على تخفيض أسعارهم أو تكبُّد الخسائر. وترى التعاونية المذكورة أن مثل هذه العمليات انتشرت خلال الشهور الماضية بشكل كبير، إذ في السابق كانت تدخل شاحنة واحدة كل شهر أو شهرين محملة بالبضائع المغربية التي تجري إعادة تغليفها، لكن الآن تدخل 7 إلى 8 شاحنات في الليلة الواحدة، ما دفع وزارة الفلاحة الإسبانية إلى القيام ب256 عملية تفتيش سنة 2019 حيث اكتشفت أن أغلب المواد المشكوك فيها تأتي من المغرب. وبدأت تحقيقات السلطات الإسبانية مع 6 شركات حول هذا الموضوع وهي العملية التي قد تستمر لشهور، لكن من المرجح أن تنتهي بإدانة المعنيين قضائيا وإجباره على دفع غرامات تتراوح بين 4 آلاف و3 ملايين يورو بناء على خطورة المخالفات المرتكبة، لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد إذ ينتظر أن تصدر قرارات عقابية أيضا من مجلس المنافسة الإسباني ووزارة الصحة. ويعتبر المزارعون الإسبان وأصحاب الشركات المنافسة، أن هذه العملية تسببت لهم في خسائر كبيرة نتيجة بيع المواد المغربية بأسعار منخفضة أدت لإقبال المستهلكين عليها، وهو أمر يجد تفسيره في الفرق الواضح في تكلفة الإنتاج بين إسبانيا والمغرب، فإذا كان الكيلوغرام الواحد منها يكلف 50 سنتا في الدولة الأولى فإنه في الثانية لا يتجاوز 16 سنتا، حسب تقديرات إسبانية.