ليست جاهِزة.. حتى بوُعودِها ليست جاهِزة.. ما زالت كما كانت.. بنفسِ الشعارات.. والالتِفافات.. حتى والزمانُ قد تَغيّر.. أين الوعودُ الانتِخابية التي أشهَرَتها الأحزابُ منذ ستّينات القرن الماضي؟ رنّانة، ولكن افتِرائية، أوصَلَت بلادَنا إلى مُؤخّرةِ العالم.. وعودٌ في نهارِها اجتماعي، وفي ليلِها مَصالحُ سياسيةٌ واقتصاديةٌ وتوزيعٌ للصّفَقاتِ والحِصَص.. وبعد الانتخابات، تتَبدّدُ الوعود، ولا تنعكسُ في السلوكات.. لا عدالة، ولا عيشٌ مُشتَرك، ولا كرامةٌ إنسانية، ولا شَراكة، ولا تَنمِية... وعودُ النهار تتَبخّرُ في اللّيل.. وتَنتَهي مَواسِمُ الانتخابات، وتُقامُ الحفلاتُ والموائد، وتنفجرُ التّناقضاتُ والعداوات، حولَ موائدِ الأحزابِ وزُبنائِها وشُركائِها.. ويبقى على الناخبين أن يَنتظرُوا سنواتٍ أخرى عِجافا.. سنواتٌ يكونُ خلالَها، وعلى الشعب كلّه، وفي عقوباتٍ جماعية، أن يؤدي ثمنَ التصويت على فئاتٍ أغلبُها فاسد.. ثم تتفَرّقُ الجموع.. ويتواصلُ التصارُع في الجماعاتِ المحلّية والجهاتِ والغُرَفِ والبرلمان والحكومة.. وتحدُثُ تقاطُعاتٌ مع الجهاتِ العمومية المعنيّة.. صراعاتٌ مكشوفةٌ وخفيّة بين الأحزابِ، وبين قادتِها، وبين فائزين ومن لم يفوزُوا... وقد تمضِي سنوات، والجفاءُ لا يزدادُ إلا جفاءًا وعداوة.. وكلّ البلادِ تؤدّي الثمن: المزيد من الفقر، والجهل، والمرض، والبطالة، والتّشرّد، وآفاتٌ أخرى... واللصوصُ الكبار يَعقدون صَفقات، على حساب كلّ الوطن.. وليست هذه هي الثمارُ الانتِخابية التي نبحثُ عنها.. إننا نبحث عن سلامةِ الوطنِ والمُواطن، وعن ديمُقراطيةٍ تحمي الحقوق، ولا تشُلّ الواجبات، وعن الأمن، والأمان، والتنمية... ولهذه الأسبابِ وغيرِها، ما زالت الأحزابُ - في أغلبها - غيرَ جاهزة.. ونحنُ عامّةُ الناس - من جانبِنا - جاهزُون لنفسِ الانتخاباتِ اللامعُقولة.. سنكونُ أمام نفسِ مَكاتبِ التّصويت، بمَنطِقنا الخاص.. فإذا كانت الشروطُ الانتخابيةُ مُتوفّرة، فلن نتراجع.. أما إذا كانت "حليمة" على عادتِها القديمة، فستكونُ المُقاطعة، أو العزوف، أو هُما معًا.. ولا نقبلُ تكرارَ المعزُوفاتِ "الانتخابية" السابقة.. فإمّا انتخاباتٌ بعقلية جديدة، أو نُشاركُ بالرّفض.. الرّفضِ التّامّ لفَبرَكةِ "الخريطة الانتخابية".. أنكم تدفعُون الناسَ إلى هذا المَوقفِ المُجتمَعي.. وبصراحة، لا تتوفّر حتى الآن في بلادِنا شروطُ انتخاباتٍ حقيقية.. الانتخاباتُ التي تُطبّلُ لها الأحزابُ المعنيّةُ غيرُ مُمكِنة.. أو هي شِبهُ مُستحِيلة.. انتخاباتٌ لا تتَوفّرُ فيها الأساسياتُ التي تَسمَحُ بإنجاحِها.. الرّاجِحُ أن الفشَلَ لا مفرّ منه.. الفشَلُ يَترَصّدُها.. ويَصعُب أن تكُون انتخاباتٍ بنفس الطريقةِ المعروفة منذ ستّيناتِ القرن الماضي.. يستحيلُ أمام حالةٍ أصبحت اليوم مُجتمَعًا آخر.. وأكثرَ درايةً ووعيًا.. ولا تهمّه انتخاباتٌ نتائجُها معروفة، ومُرشّحوها معروفون، ومن يتحكّمون في الصناديق معروفون.. اللعبةُ مكشوفة.. ولن يُصدّقها أحد.. وأيةُ نتيجةٍ سوف يكونُ مشكوكًا فيها.. الناسُ لم تعُد تثقُ في الانتخابات.. ولا في المؤسّسات التي تصنعُها الانتخابات.. وما يهُمّ الناس في الوقتِ الحالي هو الجوابُ الحاسِم عن التساؤلِ التاريخي: "أين الثّروة؟".. فهل تجهلُ أحزابُنا مَكامِنَ الثّروةِ الوطنية؟ ألا تعرفُ الجهاتُ المختصّة من سرقُوا البلد؟ وهذه الأحزاب، ألم تُشارك في اقتسامِ الثروة؟ ماذا قدّمت للبلد؟ وللمواطنين؟ وللمَدرسة؟ وللصّحّة؟ ومن أجل التّشغيل، والعدالة، والعدالة الاجتماعية؟ المُواطنُ لا تهمّه الانتِخاباتُ المَغشُوشة.. تهُمّه "دولةُ الحقوقِ والواجبات".. فأين هي؟ أين دولةُ المؤسّسات؟ أسئلةٌ هي الأساس.. فأين الأجوبة؟ المطلوب: أجوبةٌ تطبيقيّة، لا كلاميّة.. لا تَنظيريّة.. زمنُ الكلامِ قد ولّى.. أين العمَلي؟ أين الفِعلي؟ فهل أحزابُنا جاهزةٌ لانتِخاباتٍ هي الأخرى مَغشوشة؟ انتخاباتٌ قد تكُون هي أيضا مُزوّرة؟ انتهَى زمنُ العبَث.. ولم يعُد مقبُولاً أن يُوقَظَ الأمواتُ لكي يشاركوا هُم أيضا في الانتخابات.. وهذه - في هذه الظروف - ليست انتخابات.. إنها الحاجَةُ إلى انتِخابات.. وفرقٌ بين الانتخابات و"الحاجَةِ إلى انتخابات".. ونحنُ نُريدُ انتخاباتٍ حقيقيّة، لا إرضاءَ من يحتاجون إلى انتخابات.. هؤلاء يحتاجون كالعادةِ إلى ناخِباتٍ وناخبين، لكي يركبوا على انتخابات مُفبرَكة، ويعبَثوا كالعادة في صناديق البلد، وَيقترضُوا باسمِنا من الأبناك الدولية.. اللعبةُ لم تعُد تنطَلي على أحد.. وعندما تتَوفّر شروطُ الانتخاباتِ الحقيقية، ستجِدون الناس، ناخبين ومرشّحين، يشاركون في الانتخابات.. أما أن تكون الانتخاباتُ شكلية، صورية، فهذا يعني إبقاءَ الحالِ على ما هو عليه، من الفوارق الاجتماعية، والظلم والتحقير واللاحُرّية واللاعدالة.. البلادُ غيرُ جاهزة لانتخابات لا تملكُ القواعدَ الانتخابيةَ السليمة.. - الحياةُ الكريمةُ أوّلاً! والناسُ سواسيّة.. أمام الحقوق والواجبات.. وقبل هذا، نَنتَظرُ الجواب الفِعلي عن السؤال الأساسي: أين حقوقُنا في ثرواتِ البلد؟ ألا يستوجبُ الوضعُ إعادةَ توزيعِ الثّروات؟ وسؤال يقودُ إلى أسئلة اجتماعيةٍ كثيرة.. وإذا كان يهُمّكم البلد - مَعشرَىمُنظّرِي النّخبةِ السياسية - فعليكُم بدولةِ الحقوق والواجبات.. هذا من الأساسيات.. نحن أيضا نريدُ المشاركة في ضبط مسارِ ما ستُقرّره انتخاباتٌ هي انتخابات، لا شِبهُ انتخابات.. هكذا تقولُ نبَضاتُ المجتمعِ المقهور، المظلوم.. أما أباطرةُ الأحزاب، فإليهم سؤالٌ ما زال عالقا: أين المحاسبةُ الحزبية والنقابية وغيرها من المحاسبات؟ أين الدستور؟ أين القوانين التنظيمية؟ ولماذا الأحزابُ جُلّها مرفوضة؟ ألا تعرفُون؟ هي مرفُوضةٌ شعبيًّا وديمُقراطيّا.. لماذا؟ لأنها تَعتَمدُ على أشخاصٍ لا على برنامجٍ انتِخابي.. والناخبُ هل يثِقُ في برنامجِ الحزب؟ أم في ما يدورُ في دماغِ المُرشّح؟ وعلى العموم، لا علاقةَ للمُرشّح بالحزب، ولا للحزبِ بالمُرشّح.. العلاقةُ تقتِصرُ على الانتِماء، لا على الالتزام، والجدّية، ومَصلحةِ الوطنِ والمُواطِن.. بَوْنٌ شاسِعٌ بين الطرَفيْن.. وأحيانًا، صراعاتٌ داخليةٌ من أجلِ أشخاص، لا من أجلِ برنامج.. ويستحيلُ تطبيقَ البرنامج، في غيابِ توافُقٍ داخلي.. وأحزابٌ في هذه الحالةِ من الاختلال، عاجزةٌ عن خوض انتخاباتٍ جديدة، ذاتِ قواعدَ جديدة، وفيها مُجتمعٌ جديد.. فما الأسبق؟ انتخاباتٌ غيرُ مضمُونة؟ أم حلُولٌ مضمُونة؟ وجبَ الرهانُ على الحلول.. ومن أجلِ حلّ جِذري: 1 - حكومةٌ انتقالية لا تتجاوز 11 وزيرا، منهم 4 من خُبراء مغاربة العالم.. دورُها: التركيز على مشاكلِ البلد، من أجل مغربٍ ديمُقراطي، حدَاثي، تنموي، مَعرِفي.. 2 - قرارات حاسمة: الانفراجُ الشامل.. الحرية لكل مُعتقَلي المسيرات الاجتماعية المُسالمة.. العدالة الاجتماعية.. المحاسَبة.. ومجّانيةُ التعليمِ والصّحة... 3 - قانون يتضمنُ مُحاسبةَ الأحزاب التي لا تَفِي بوُعودِها.. وفيه: تجريمُ استغلالِ الدّين لأهداف سياسية.. 4 - أربعةُ أحزاب فقط - لكل البلد - لا تنزلُ من فوق، بل تطلعُ من تحت.. 5- القطيعةُ مع الأسلوبِ الحكومي الحالي من حيثُ الارتجاليةُ والانتهازيةُ والاحتكارُ والإقصاءُ والفشَلُ والإفشال.. ومع سلوكاتٍ تجلبُ أطماعا ومؤامراتٍ وتبَعيّةً وفسادًا بلا حدود.. - نُقطٌ يُمكنُ تأمُّلُها لبناءِ الاستقرار، والتنمية، وتحقيقِ النهضة، والحداثة، والسّيرِ قُدُمًا إلى الأمام... [email protected]