"لم أفكر أبدا في جنسي أو عمري .. أنا أفكر فقط في الأسباب التي حملتني إلى السياسة"، هذا ما تقوله سانا مارين، أصغر رئيسة حكومة في العالم. لكن رغم تولي مارين رئاسة الحكومة الفنلندية، فإن المساواة في فنلندا ليست قضية بديهية. تولت سانا مارين رئاسة الحكومة الفنلندية. وبتوليها هذا المنصب تحقق الاشتراكية الديمقراطية البالغة من العمر 34 عاما كذلك رقما قياسيا، إنها أصغر رئيسة وزراء في العالم. لكن هل هذا فعلا قضية مذهلة؟ في الحقيقة لا. فكل منصب سياسي من عمدة المدينة إلى رئيس الدولة في فنلندا شغلته على الأقل مرة واحدة امرأة. النساء الفنلنديات لهن الحق في الانتخاب منذ 113 عاما "نحن سعداء جدا ومرتاحون"، تقول تيهري هاينيلا ل DW (دويتشه فيله). فالأمينة العامة للمجلس الوطني للنساء الفنلنديات تعتبر أنه حان الوقت لتشغل سياسية أعلى منصب في البلاد، لأنه منذ 1906 تملك النساء في الجمهورية السكاندينافية نفس الحقوق السياسية مثل الرجال. "لكن كان لدينا إلى حد الآن رئيستا وزراء بقيتا فقط فترة وجيزة في المنصب"، كما تقول هاينيلا. ورئيس الوزراء السابق، أنتي رينه قدم الأسبوع الماضي استقالته، والسبب هو خلاف داخل الائتلاف. وبالرغم من ذلك فإنه يبقى رئيسا للحزب الاشتراكي الديمقراطي مؤقتا، إذ من المرجح أن تتولى سانا مارين هذا المنصب أيضا في يونيو 2020. وفنلندا ستبقى في ظل حكم مارين تحت قيادة ائتلاف حكومي من خمسة أحزاب هي: الاشتراكيون الديمقراطيون وحزب المركز والخضر واليساريون وحزب الشعب السويدي. والجانب المثير هو أن جميع هذه الأحزاب تقودها سيدات بينهن ثلاث تحت الأربعين سنة. وجوه نسائية شابة في قمة الائتلاف فهناك مثلا كاتري كولموني البالغة من العمر 32 عاما التي انتُخبت ب 28 عاما لشغل مقعد داخل البرلمان ومنذ سبتمبر هي رئيسة حزب المركز. وستقوم قريبا باستبدال منصب وزيرة الاقتصاد بمنصب وزيرة المالية. وهناك أيضا زعيمة حزب اليسار البالغة من العمر 32 عاما ووزيرة التعليم لي أندرسون. وماريا أوهيسالو، رئيسة الخضر ووزيرة الداخلية تتقدم عليها فقط بسنتين. وفي المجموع يمثل النساء 47 في المائة من مجموع البرلمانيين الفنلنديين. وبهذه النسبة تقع البلاد فوق المتوسط الأوروبي الذي يصل إلى 29 في المائة. وهذا ما كشفت عنه دراسة مجلس البلديات والأقاليم في أوروبا. وأحد أسباب نسبة النساء العالية في السياسة الفنلندية هو أنه منذ أكثر من مائة عام يحق للنساء في فنلندا الانتخاب. مينا سيلانبا، التي كانت عاملة مصنع السيدة الأولى التي تولت في 1929 منصبا وزاريا. وللمقارنة تم في ألمانيا بعد 30 عاما انتخاب اليزابيت شفارتسهاوبت أول وزيرة اتحادية. وإلى جانب حق الانتخاب النسوي المبكر تطرح تيرهي هاينيلا وجهة نظر أخرى لتفسير تولي هذا العدد الكبير من السياسيات الشابات مناصب مهمة في البلاد. "عندما كان هؤلاء النساء أطفالا، حصلت فنلندا مع تاريا هالونين على أول رئيسة نسوية، والبنات الشابات رأين أنه بإمكان النساء أن يكن سياسيات ناجحات". والكثير من الفنلنديين فخورين بقيادتهم النسوية الشابة. رياح معاكسة من اليمين ورياح معاكسة تشعر بها الحكومة لاسيما من الحزب الشعبوي اليميني "الفنلنديون". فأثناء الانتخابات البرلمانية في أبريل احتل الشعبويون اليمينيون ب 17.5 في المائة من مجموع الأصوات لأول مرة ثاني أقوى مرتبة. "منذ نجاحهم باتت خطابات الكراهية ضد الأقليات والنساء شيئا عاديا"، تقول كوربينين، المحللة السياسية التي لاحظت في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في معاداة النساء في البلاد. "الآن حان الوقت للنظر إلى الأمام وكسب ثقة الفنلنديين"، تقول سانا مارين بعد انتخابها في هلسنكي، وهي تريد لاسيما الدفع إلى الأمام بحماية البيئة والمساواة الاجتماعية. وبالنسبة إلى هذه الاشتراكية الديمقراطية لا تلعب مسألة الجنس أو العمر أي دور. "لم أفكر أبدا في جنسي أو عمري"، كما تفيد سانا مارين " أنا أفكر في الأسباب التي حملتني إلى السياسة". *DW عربية