عادت ظاهرة العنصرية والإسلاموفابيا لفرض نفسها بقوة في فرنسا مؤخرا، بعدما تحولت قضية تعرض أم محجبة لهجوم لفظي من طرف عضو في برلمان جهوي لقضية رأي عام، خاصة وأن الأمر تم أمام أعين تلاميذ من بينهم ابن الضحية، الشيء الذي دفع رئيس الوزراء الفرنسي للتدخل. وتعود تفاصيل القضية إلى يوم الجمعة الماضي، حينما رافقت سيدة مسلمة تدعى "فاطمة" مجموعة من الأطفال في رحلة مدرسة إلى مجلس جهة "بورغوني فرانش كومتي" شرق فرنسا، للتعرف عن قرب إلى طريقة عمل إحدى آليات الديمقراطية الفرنسية، قبل أن يجد هؤلاء التلاميذ أنفسهم أمام مشهد عنصري صادم، إثر مطالبة أعد الأعضاء المنتمين لليمين المتطرف بنزع حجاب مرافقتهم أو طردها. وقام العضو المنتمي لحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بمطالبة رئيسة المجلس الاشتراكية بإجبار السيدة على نزع حجابها أو الخروج من المجلس "باسم قيم الجمهورية والعلمانية"، وفي الوقت الذي انتقد فيه أعضاء آخرون كلامه قام زملاؤه في الحزب بمساندته ومهاجمة المرأة ما خلق فوضى كبيرة داخل المجلس. ونالت السيدة تعاطفا كبيرا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أظهرتها صورة نشرتها صحيفة "لوباريزيان" وهي تعانق ابنها وتحاول تهدئته بعدما أرعبه التهجم الكبير على والدته من طرف الأعضاء اليمينيين المتطرفين. وزعم عضو "التجمع الوطني" جوليان أودول، الذي طالبها بنزع الحجاب أن الأمر يتعلق ب"احترام القانون"، لكن رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، عجل بنفي ذلك وأكد للحزب أمس الثلاثاء أن الحكومة "ليس لديها أي نية لإعداد تشريع يحضر ارتداء الحجاب خلال الرحلات المدرسية". وكانت السيدة البلاغة من العمر 35 عاما، قد تحدثت لتجمع مناهض للإسلاموفوبيا عن تفاصيل ما جرى، قائلة إنها في الأصل لم تكن تخطط لمرافقة الأطفال خلال هذه الرحلة المدرسة التي نظمتها مؤسسة جمعوية من الحي الذي تقطن فيه، لكن إصرار أعضاء هذه الأخيرة على مشاركتها في النشاط بحكم تجاربها السابقة في تنظيم الرحلات الميدانية للأطفال جعلها توافق. وأوضحت الضحية أن تهجم عضو برلمان الجهة عليها كان صادما لها وللتلاميذ ال15 الذين كانوا معها، خاصة بعدما شتمها بعض زملائه ونعتوها بأوصاف عنصرية، لكنها رغم ذلك قررت البقاء داخل القاعة، إلى أن لاحظت صدمة ابنها وانكساره، لتقرر المغادرة. وكشفت الأم أن إحدى عضوات اليمين المتطرف حاولت استفزازها عند خروجها وخاطبتها قائلة "سوف ترين، سننتصر"، موردا أنها كلما تذكرت تلك التهديدات ترتجف وتشعر بالخوف، قبل أن تضيف "لقد دمروا حياتي"، معلقة "ما جرى جعلني أفهم لماذا لا تريد الكثير من المحجبات المشاركة في الرحلات المدرسية". ورغم الجدل الكبير الذي أثاره تصرفه واتهامه بالعنصرية والإسلاموفوبيا، إلا أن السياسي اليميني المتطرف جوليان أودول قال إنه "ليس نادما على ما فعله"، معلقا "لا يمكن الوصول إلى الديمقراطية مع الحجاب الإسلامي في السياق الذي نحن فيه، ومن يعتقد ذلك إما أنه ساذج أو مستفز".