1. الرئيسية 2. المغرب رفقة مصر والجزائر.. المغرب خارج نادي الدول الإفريقية المتقدمة في تمكين المرأة وتعزيز حضورها في مختلف القطاعات الصحيفة - خولة اجعيفري الأربعاء 26 مارس 2025 - 18:46 في وقتٍ ترفع فيه الحكومة المغربية الحالية، بقيادة عزيز أخنوش، شعار "الدولة الاجتماعية" وتعد بتمكين المرأة وتعزيز حضورها في مختلف القطاعات، جاء تقرير صادر عن المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي ليكشف عن واقع مغاير، يبرز فشلاً ذريعاً في تنزيل مقاربة النوع في السياسات العمومية، وتدني الأثر الفعلي للإصلاحات المُعلنة، بعدما احتل المغرب المرتبة 32 من أصل 42 دولة إفريقية في مؤشر إدماج المرأة الإفريقية لعام 2025، مسجلاً 44.2 نقطة فقط، أي أقل بكثير من المتوسط القاري البالغ 53.5 نقطة. ورغم تحقيق المملكة لتحسن نسبي بزيادة 14 نقطة مقارنة بنتائج سنة 2017، إلا أن هذا التقدم لم يكن كافياً لترجمة الخطاب الرسمي إلى واقع ملموس، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي تواجه النساء المغربيات، والهوة الكبيرة بين الإصلاحات القانونية والتنزيل العملي على أرض الواقع. وفي أعلى سلم الترتيب، تربعت جنوب إفريقيا على عرش الدول الإفريقية بخصوص إدماج النساء، محققة 86.4 نقطة، بفضل سياسات مندمجة ترتكز على إدماج النوع الاجتماعي في السياسات العمومية، وتعزيز حضور النساء في مواقع القرار، وتحقيق قفزات نوعية في الإدماج المالي والاقتصادي. أما ناميبيا وكينيا، فتبعت بدورهما نهجاً تصاعدياً في تمكين النساء، إذ سجلتا على التوالي 77.7 و73.7 نقطة، في وقتٍ راهنت فيه حكومات هذه البلدان على الاستثمار في رأس المال البشري النسائي، وربطت ذلك مباشرة بمخططاتها التنموية. في المقابل، سجل التقرير أداءً ضعيفاً لدول مثل الجزائر ومصر والنيجر، والتي حلّت في ذيل التصنيف، ما يعكس استمرار بنية محافظة تُقيّد حضور النساء في الفضاء العام، وتُبقي على فجوات اقتصادية واجتماعية يصعب ردمها دون إصلاحات جذرية. المؤشر المعتمد من طرف المركز الافريقي للتحول الاقتصادي، استند إلى أربعة مكونات رئيسية، احتل فيها المغرب مركزًا متقدماً نسبيًا في مؤشر القانون والبنيات التنظيمية ب 68 نقطة، مستفيدًا من التعديلات القانونية التي عرفها البلد في السنوات الأخيرة، بما في ذلك رفع تحفظاته عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). لكن بالمقابل، هذا المكسب القانوني سرعان ما يتبدد حين ننظر إلى مؤشري الإدماج المالي (35.5 نقطة) والإدماج الاقتصادي (27.7 نقطة)، واللذين يشكلان الحلقة الأضعف في الأداء المغربي، ما يكشف عن فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، والتي لم تنجح في إدخال النساء إلى دائرة الإنتاج والثروة. ورغم أن حكومة أخنوش جاءت بوعود كبيرة تتغنى بتمكين النساء في سياق نموذج الدولة الاجتماعية، إلا أن واقع الأرقام يشي بغير ذلك، فالخطط الاقتصادية، من "أوراش" إلى "فرصة"، لم تنجح في إشراك النساء بشكل فعّال في سوق العمل، ولا في معالجة معيقات الولوج إلى التمويل وريادة الأعمال. الأخطر في التقرير هو التحذير الصريح من أن الإدماج الشامل للنساء في القارة الإفريقية قد لا يتحقق قبل سنة 2093، إذا استمرت وتيرة التقدم الحالية على ما هي عليه، وفي هذا السياق، فإن المغرب، الذي يعتبر نفسه بلدًا رائدًا إقليميًا، لا يبدو في موقع يؤهله للريادة في هذا الملف. وفي هذا الإطار، دعا التقرير الحكومات الإفريقية، ومن ضمنها المغرب، إلى تحسين آليات جمع البيانات حول الفجوة بين الجنسين، وتوفير مؤشرات دقيقة تساعد على تصميم سياسات فعالة، بدل الاستمرار في اعتماد مقاربات عامة تفتقر إلى التخصص والاستهداف، كما أوصى بضرورة دمج مقاربة النوع في السياسات الاقتصادية، والعمل على كسر الأعراف الاجتماعية التي تحول دون وصول النساء إلى مراكز القرار، مع تعزيز الأطر القانونية والتنظيمية التي تسمح لهن بالولوج إلى سوق الشغل الرسمي. ورغم أن المغرب قطع أشواطًا مهمة على المستوى التشريعي، فإن الهوة بين النصوص والواقع لا تزال شاسعة، ذلك أن المناصب القيادية لا تزال حكراً على الرجال في كثير من المؤسسات، والمبادرات الاقتصادية تظل موجهة بشكل كبير للذكور، أما النساء، فغالباً ما يُتركن في الهامش، خاصة في العالم القروي والهش. وأمام هذه الصورة، تبدو شعارات التمكين الاقتصادي للنساء التي تروج لها الحكومة الحالية فارغة من مضمونها، ما لم تُرفق بسياسات عمومية حقيقية وموجهة، قادرة على رفع مشاركة النساء في الدورة الاقتصادية، وتحويل حضورهن من رمزي إلى فعّال، إذ يبقى الإدماج الحقيقي للمرأة المغربية مرهونًا بجرأة سياسية وإرادة مؤسساتية تقطع مع منطق التزيين، وتتجه نحو تمكين فعلي يُفضي إلى عدالة اجتماعية واقتصادية تشمل نصف المجتمع.