1. الرئيسية 2. تقارير قبل تقريره شهر أبريل.. دي ميستورا يكثف مشاوراته في ظل تقاطعات مواقف روسيا وأمريكا وفرنسا حول ملف الصحراء الصحيفة - خولة اجعيفري الأربعاء 19 مارس 2025 - 16:26 مع اقتراب موعد الجلسة المغلقة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المقرر عقدها في منتصف أبريل، يكثف المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، تحركاته ومشاوراته الدبلوماسية في مسعى لتهيئة الأجواء قبيل تقديم تقريره الرسمي حول تطورات النزاع، وكل ذلك في ظل متغيرات إقليمية ودولية تعزز موقف المغرب، فيما تضعف الدعم التقليدي لجبهة البوليساريو. وتمثل هذه الجلسة المرتقبة، امتدادًا للقرار 2756 الذي اعتمده مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2024، بأغلبية 12 صوتًا مؤيدًا وامتناع عضوين فقط عن التصويت، وهو ما اعتبر خطوة إيجابية لصالح مبادرة الحكم الذاتي المغربية، سيما وقد أكد القرار على أهمية التوصل إلى حل سياسي واقعي وتوافقي، مشددًا على المبادرة التي اقترحها المغرب في 2007 كإطار قابل للتطبيق لحل النزاع، وهو ما يفسّر أن تعداد الدول الداعمة للمقترح المغربي وصل إلى مستواه الأكبر على الإطلاق سنة 2024، وفق تقديرات تقرير مجلس الأمن الصادر بتاريخ 30 شتنبر 2024، حول الإجراءات المتوقعة منه إزاء هذا الملف. ومنذ عام 2019، رصد مجلس الأمن تصاعدًا ملحوظًا في عدد الدول التي تؤيد الموقف المغربي، وهو دعم لم يقتصر فقط على الدول الإفريقية واللاتينية، بل شمل قوتين دوليتين بارزتين هما الولاياتالمتحدة وفرنسا، اللتين تحتفظان بمقعدين دائمين في مجلس الأمن. في المقابل، يشهد عدد الدول المعترفة بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" تراجعًا ملحوظًا منذ عام 2022، حيث تقلص إلى 42 دولة فقط، وهو نفس العدد الذي يضم الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي المغربي، ولأول مرة في عام 2024، تعادلت الكفتان، بعدما كان التأييد للطرح الانفصالي يفوق دعم الحكم الذاتي في السابق، كما كشف تقرير مجلس الأمن عن وجود ما بين 8 إلى 9 دول تعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل "أساسًا جيدًا" للوصول إلى حل نهائي، وهو الرقم الأعلى على الإطلاق، وبذلك، يتضح أن مجلس الأمن أصبح مدركًا لمواقف ما لا يقل عن 50 دولة تدعم السيادة المغربية على الصحراء، في مؤشر يعزز موقف الرباط في الأروقة الأممية. من جهة ثانية، فإن الأمر اللافت في القرار 2756 الذي اعتمده مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2024، والذي سيكون أرضية للاجتماع المقبل في منتصف أبريل، هو امتناع روسيا عن التصويت، وهو تحول يعكس عزلة متزايدة لأنصار أطروحة الانفصال، في ظل دينامية متغيرة لصالح المقاربة المغربية المدعومة من قبل المجتمع الدولي، ويعكس هذا التحول أيضًا البراغماتية الروسية التي باتت تفضل الحياد الاستراتيجي في هذا النزاع، مع الأخذ بعين الاعتبار العلاقات الاقتصادية القوية التي تجمعها بالرباط، ومساعي تدشين مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي، وفق ما عبّر عنه أنطوان كوبياكوف، مستشار الرئيس الروسي، قبل أسابيع ويؤكد وجود مفاوضات جارية مع المغرب حول إنشاء مناطق تجارة حرة، من شأنها أن تفتح الباب أمام شراكة اقتصادية أعمق بين الطرفين. هذا، ومن المنتظر أن يقدم دي ميستورا تقريرًا مفصلًا لمجلس الأمن خلال اجتماع أبريل، حول الوضع الراهن لمسار العملية السياسية، في وقت تتوسع فيه دائرة الاعتراف الدولي بموقف المغرب وتعزز فيه الرباط استراتيجيتها الدبلوماسية، وسيشمل التقرير عرضًا لمجريات الحوار السياسي، والتحديات التي تواجه المسار الأممي، إضافة إلى تطلعات الأطراف الإقليمية والدولية نحو حل دائم ومستدام. بالتوازي مع ذلك، سيقدم ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة المينورسو، إحاطة حول الوضع الميداني في المنطقة الخاضعة لولاية الأممالمتحدة، ومن المرجح أن يسلط التقرير الضوء على الخروقات المتزايدة لجبهة البوليساريو في المنطقة العازلة، حيث سجلت تقارير أممية سابقة أكثر من 80 انتهاكًا لوقف إطلاق النار خلال 2023، مما يثير تساؤلات حول التزام الجبهة بقرارات الأممالمتحدة. وفي إطار استعداداته لهذه الجلسة، بدأ دي ميستورا بالفعل سلسلة من المشاورات مع عدة جهات فاعلة على الساحة الدولية، شملت وزير الدولة للشؤون الخارجية في سلوفينيا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، وهي التحركات التي تأتي ضمن استراتيجية لتأمين توافق أكبر حول مستقبل العملية السياسية. كما يرتقب أن يجري دي ميستورا لقاءات أخرى مع مسؤولين أوروبيين وأمريكيين بهدف صقل رؤيته قبل تقديم تقريره الرسمي، ويأتي ذلك في ظل دعم متزايد لمقاربة الرباط، حيث تؤكد معظم القوى الدولية على ضرورة حل النزاع عبر مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الخيار الأكثر واقعية، وعلاوة على ذلك، فإن الزيارة المرتقبة لدي ميستورا لبعض العواصم المؤثرة قد تكون مؤشرًا على مدى جدية الجهود الأممية لإعادة إطلاق الحوار السياسي. ويواصل القرار الأممي التأكيد على ضرورة مواصلة المحادثات عبر آلية المائدة المستديرة، التي تجمع المغرب وجبهة البوليساريو وموريتانيا والجزائر، غير أن هذه الصيغة لا تزال محط جدل، إذ تُصر الجزائر الطرف الرئيسي في النزاع على التنصل من مسؤولياتها عبر رفضها المشاركة المباشرة في المفاوضات. من جهة أخرى، يبرز التساؤل حول مدى فعالية هذه الآلية في ظل استمرار تعنت جبهة البوليساريو، التي لم تُبدِ حتى الآن أي استعداد للانخراط في حل سياسي واقعي، مستمرة في طرح مقاربة متجاوزة تفتقر إلى الدعم الدولي، كما أن تزايد الاعترافات الدولية بموقف المغرب يفرض واقعًا جديدًا على الجزائر، التي باتت تجد نفسها في موقف دفاعي على الساحة الدبلوماسية، خصوصًا بعد تراجع نفوذها داخل الاتحاد الإفريقي، حيث فقدت تأييد العديد من الدول التي كانت تدعم موقفها. وتشكل جلسة مجلس الأمن المقبلة فرصة للإدارة الأمريكيةالجديدة لتوضيح موقفها من الديناميات المحيطة ببعثة المينورسو ومن النزاع برمته، وباعتبارها عضوًا رئيسيًا في مجموعة أصدقاء الصحراء وفاعلًا مؤثرًا في المشهد الدبلوماسي الدولي، إذ ستلعب واشنطن دورًا محوريًا في توجيه المناقشات واتخاذ القرارات المتعلقة بالملف. ويبدو أن الإدارة الأمريكية ستواصل نهجها الداعم للحل التوافقي، خاصة أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء لا يزال قائمًا ومن المرتقب أن يثمن أكثر مع عودة ترامب لقيادة البلد، وهو ما يمنح الرباط دعمًا استراتيجيًا إضافيًا في هذا السياق، كما أن التوجه الأمريكي الجديد يركز على تعزيز الاستقرار الإقليمي، وهو ما قد يترجم إلى دعم أقوى لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي، خصوصًا أن الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية للمغرب تجاوزت 300 مليون دولار خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس اهتمام واشنطن بترسيخ واقع اقتصادي وتنموي في المنطقة. وتأتي كل هذه التحركات في وقت يشهد فيه الملف تحولًا ملحوظًا لصالح الطرح المغربي، مدعومًا ببراغماتية المجتمع الدولي، وتراجع المناورات الدبلوماسية التي كانت تعيق مسار التسوية، فيما ومع توالي اعترافات دولية بمبادرة الحكم الذاتي المغربية، والتطورات الجيوسياسية التي باتت تحاصر مناورات خصوم المغرب، يبدو أن الجلسة المقبلة لمجلس الأمن قد تمثل محطة مفصلية نحو إنهاء النزاع وفق مقاربة أكثر واقعية، وفي ظل كل هذه المعطيات، تتجه الأنظار نحو نيويورك، حيث ستكشف مناقشات أبريل مدى استعداد المجتمع الدولي لمواكبة الدينامية الجديدة في ملف الصحراء.