1. الرئيسية 2. المغرب في يومها العالمي.. المرأة المغربية مازالت تتعثر في ظل إصلاحات حكومية بطيئة وتراجع مستمر في معدل النشاط الاقتصادي للنساء وفارق 50 نقطة مع الرجال الصحيفة - خولة اجعيفري السبت 8 مارس 2025 - 15:39 يحتفل المغرب، إسوة بدول العام في 8 مارس 2025 باليوم العالمي لحقوق المرأة في سياق إصلاحات هامة لكنها غير كافية، تصبو تحقيق التكافؤ الكامل بين الرجال والنساء على مستوى حقوق الإنسان وحقوق المواطنة انسجاما وروح دستور 2011، الذي نص على "تمتيع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية"، وعلى أنْ "تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وتُحْدث هيئة للمناصفة ومكافحة التمييز"، وأن "تعمل السلطات على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومشاركتهم في الحياة السياسية". ويأتي العيد الأممي للمرأة هاته السنة، في سياق مغربي استثنائي حيث دخلت المبادرة الملكية لإصلاح مدونة الأسرة، التي تم الإعلان عنها في عام 2023، مرحلة حاسمة في طريقها نحو تنفيذ التعديلات التي يترقبها الجميع، وهو الإصلاح، الذي يهدف إلى تحسين وضع المرأة المغربية، ويتيح مساحة واسعة من النقاشات والتطلعات لتقدم حقوق النساء في المملكة، مما يثير آمالًا كبيرة حول تعزيز مكانة النساء في المجتمع المغربي. ومنذ اعتماد مدونة الأسرة في 2004، شكلت هذه الوثيقة خطوة حاسمة في مجال حقوق المرأة في المغرب، حيث قدمت للنساء العديد من الحقوق المعتبرة في مجالات الزواج، الطلاق، وحضانة الأطفال، مما مهد الطريق لتحسين وضعهن القانوني والاجتماعي، بيد أنه ومع مرور الوقت، كانت المدونة تمثل حجر الزاوية في تطوير حقوق النساء في البلاد، إذ نص الدستور المغربي لعام 2011 على مبدأ المساواة بين الجنسين باعتباره مبدأً أساسيًا، مما أدى إلى انفتاح المجتمع المغربي على إمكانية تحقيق العدالة بين الجنسين. ومع ذلك، فقد أظهرت العديد من التقارير الحكومية وغير الحكومية، أن هناك تفاوتات ملحوظة ما زالت قائمة في قضايا حساسة مثل زواج القاصرات، قضايا السلطة الوالدية، المساواة في الميراث، وحماية النساء من العنف، وهذه القضايا تمثل تحديات كبرى أمام سعي المغرب لتحقيق مجتمع عادل يضمن حقوق النساء بشكل كامل. وفي إطار الإصلاحات الجارية، تسعى الحكومة بتوجيهات من الملك محمد السادس، إلى تحديث القوانين الخاصة بالأسرة وتوسيع الحقوق التي يتمتع بها النساء، في الوقت الذي تحافظ فيه على المبادئ الأساسية التي تشكل أساس المجتمع المغربي. وفي سياق التقدم التشريعي، يشهد المغرب أيضًا تقدمًا في مجالات أخرى تتعلق بالتحرر الاقتصادي للنساء، إذ بدأت النساء المغربيات تظهرن بشكل واضح في مجال ريادة الأعمال، حيث أبدعن في إدارة مشاريع خاصة، مما يدل على تطور في الفكر الاقتصادي الاجتماعي. ومع ذلك، تظل التحديات قائمة، حيث لا تزال نسبة النساء اللواتي يدرن الشركات في المغرب منخفضة، وفقًا للمركز المغربي للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، الذي أكد أن حوالي 15% فقط من الشركات في المغرب تديرها نساء، وهو رقم ثابت منذ عام 2020، كما أظهرت الدراسات أن 14.6% فقط من هذه الشركات يمكنها الوصول إلى الائتمان البنكي، وهو ما يمثل 11.3% من إجمالي الائتمان الممنوح في السوق. وهذه الإحصائيات تسلط الضوء على العقبات الرئيسية التي تواجه النساء في مجال ريادة الأعمال، لا سيما في ما يتعلق بالحصول على تمويل لمشاريعهن، والتي لم تتمكن الحكومة الحالية بقيادة عزيز أخنوش من حلحلتها حتى الآن، رغم إطلاق العديد من المبادرات لدعم النساء في مجالات ريادة الأعمال. ولعل من أبرز هذه المبادرات، برنامج "She's Next" الذي أطلقته فيزا في المغرب بالتعاون مع تكنوبارك في شتنبر 2023، والذي يهدف إلى دعم النساء رائدات الأعمال من خلال منح مالية تصل إلى 20,000 دولار أمريكي بالإضافة إلى استشارات مهنية شخصية، تماشيا مع الجهود المبذولة لتعزيز الشمول المالي للنساء وتقوية النظام البيئي لريادة الأعمال النسائية في المغرب. علاوة على ذلك، قامت جمعية النساء المقاولات في المغرب (AFEM) بالكشف في دجنبر الماضي عن استراتيجيتها الجديدة "She Impulse: Créateur de valeurs" للفترة 2025-2026. وهي استراتيجية تهدف إلى تمكين النساء من تعزيز مهاراتهن والوصول إلى أسواق جديدة. وتعتمد هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور رئيسية هي: "She Learn"، التي تقدم منصة تعليمية عبر الإنترنت مدعمة بالذكاء الاصطناعي؛ "She Start"، التي تقدم دعمًا للمشروعات النسائية المبتكرة؛ و"She Industriel"، التي تهدف إلى إدماج النساء في القطاع الصناعي، مما يعزز التوجه نحو إدماج النساء في القطاعات الحيوية للاقتصاد الوطني. ويُعد التعاون النسائي في إطار التعاونيات مثالًا آخر على هذا التحول الملحوظ في المغرب، فمن خلال هذه التعاونيات، يمكن للنساء أن يتمتعن بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يساهم في تحقيق رؤية المغرب لمجتمع أكثر شمولًا وعدالة، بل إن هذه التعاونيات أصبحت أكثر من مجرد وحدات اقتصادية، إذ تحولت إلى مراكز تدريب وتطوير للقيادة حيث تتعلم النساء من مختلف الأوساط الاجتماعية والاقتصادية المهارات اللازمة للمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع، سواء كن من المناطق الريفية أو الحضرية. ورغم الجهود المبذولة لتعزيز ريادة الأعمال النسائية والتوظيف، ما زال معدل النشاط الاقتصادي للنساء في المغرب ضعيفًا، بل إن هذا المعدل في تراجع مستمر، كما يظهر من خلال البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط ففي عام 2000 كان معدل النشاط الاقتصادي للنساء 28.1%، بينما انخفض هذا المعدل إلى 19% في عام 2023، وهو ما يمثل فارقًا كبيرًا مقارنة بمعدل النشاط الاقتصادي للرجال الذي بلغ 69% في نفس العام. وهذا التفاوت الذي يقارب 50 نقطة بين الذكور والإناث يُعتبر تحديًا كبيرًا في المغرب، ويعكس ضرورة تبني سياسات استراتيجية تهدف إلى تعزيز خلق فرص العمل للنساء وزيادة وصولهن إلى الفرص الاقتصادية المتاحة. ولا شك أن التعليم والتدريب هما مفتاحان رئيسيان لدخول النساء إلى سوق العمل، لكن يتطلب الأمر أيضًا سياسات عامة أكثر شمولًا تدمج الجهود الحكومية مع المبادرات الخاصة وتغيير التصورات المجتمعية تجاه دور المرأة في سوق العمل، لهذا ينبغي أن تستمر الجهود لضمان وصول النساء إلى الفرص الاقتصادية، خاصة في القطاعات الاستراتيجية التي يمكن أن تسهم في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة. وتجدر الإشارة إلى أن النساء يمثلن 50% من السكان و50% من الخريجين في المغرب، لذا هنّ لا يشكلن أقلية بل جزءًا أساسيًا من المجتمع، وفي هذا السياق، تبرز "خطة الحكومة للمساواة 2023-2026"، التي تتضمن ثلاثة محاور رئيسية: تمكين المرأة من خلال تطبيق سياسات تهدف إلى رفع معدل مشاركتها الاقتصادية؛ الوقاية وحماية النساء من العنف بجميع أشكاله؛ وتعزيز القيم والمبادئ التي تكافح الصور النمطية وتروج لحقوق النساء ومكافحة جميع أشكال التمييز. ورغم التقدم الذي تم إحرازه في إدماج النساء في سوق العمل وريادة الأعمال، ما زالت العديد من التحديات تعترض سبيلهن، خاصة فيما يتعلق بالمسؤوليات الأسرية والضغوط الاجتماعية التي تفرض على النساء دورًا مزدوجًا كأمهات وعاملات. وكانت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، قد أكدت في تصريحاتها، أن "النجاح المهني ليس الهدف الوحيد، بل يجب أن نوضح للنساء أنهن قادرات على الجمع بين دور الأم والعمل المهني، وأنهن يمكنهن أن يحققن توازنًا بين حياتهن الشخصية والمهنية، ليكن في نفس الوقت عناصر فاعلة ومساهمة في المجتمع. ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على النساء فقط، للرجال أيضًا دور حاسم في دعم المرأة، من خلال دورهم كآباء وأزواج وإخوة وزملاء عمل، إذ يمكنهم تقديم الدعم اللازم للنساء لتحقيق تطلعاتهن".