1. الرئيسية 2. دولي زعيم حزب العمال الكردستاني يعلن وضع السلاح وإنهاء "حلم الدولة".. فهل يتحلى أصدقاؤه في "البوليساريو" بالواقعية أيضا؟ الصحيفة – حمزة المتيوي الخميس 27 فبراير 2025 - 22:30 تحول راديكالي غير متوقع، ذلك الذي كشفت عنه رسالة موقعة من طرف عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، القابع في السجون التركية منذ 26 عاما، حيث دعا الحزب إلى تسليم سلاحه وحل نفسه، واضعا بذلك نقطة النهاية لطموح استمر لما يقارب خمسة عقود من أجل تأسيس "دولة كردية"، قبل أن يتأكد له أنه الطرح الانفصالي بعيد عن الواقعية. وللمفارقة، فإن إعلان أوجلان، يأتي بعد أسابيع إعلان "البوليساريو" الانفصالية، دعم عناصره من خلال استقبالهم في مخيمات تندوف بالأراضي الجزائرية ورفع علمهم هناك، ما يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت الجبهة الانفصالية "الحالمة" منذ أكثر من 50 عاما بتأسيس "دولة صحراوية" جنوب المغرب، قادرة على ممارسة النقد الذاتي كما فعل "حلفاؤها"، والذهاب إلى خيارات أخرى أقرب إلى المنطق الجيوسياسي؟ أم أنها ستستمر على نهجها الحالي؟. أوجلان الواقعي اليوم الخميس، عقد حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب التركي، الموالي لحزب العمال الكردستاني، ندوة صحفية لتلاوة رسالة أوجلان التي كتبها من داخل السجن، والتي حملت دعوة إلى أعضائه من أجل إلقاء السلاح وعقد مؤتمر عام للحزب لإعلان حل نفسه، مشيرا إلى أن تأسيسه مرتبط بفترة كانت متسمة "بإنكار الوجود الكردي". أوجلان، المعتقل منذ 1999 والذي كان يواجه حكما بالإعدام خُفض إلى المؤبد، اعتبر أن تأسيس الحزب كان في "فترة عصيبة"، وهي الفترة التي انقضت حاليا، موردا في بينه أنه يتحمل "المسؤولية التاريخية" عن هذه الخطوة، وأورد أن "لغة العصر هي السلام والمجتمع الديمقراطي بحاجة إلى التطوير"، في إشارة إلى أن حمل السلاح لن يُنتج شيئا لصالح الأكراد. الأكثر من ذلك، هو أن أوجلان أبدى استعداده لتحويل حزبه إلى جزء من المشهد العام التركي، حيث كتب في رسالته أن "لا سبيل سوى الديمقراطية والحوار الديمقراطي، ولا بقاء للجمهورية إلا بالديمقراطية الأخوية"، في إشارة إلى نهاية حقبة الدعوة لإقامة "دولة كردية"، والتي كان يحلم بها الانفصاليون في أجزاء من تركياوسوريا والعراق وإيران. نهاية الصدام الحديث عن طي صفحة حزب العمال الكردستاني، كان يبدو إلى أمد قريب صعب التصور، في ظل صراع علني مستمر مع العديد من دول الجوار، وخصوصا تركيا، فالحزب الذي تأسس أواخر سنة 1978 دخل في حرب مفتوحة ضد الجيش التركي منذ 1984 أدت في المحصلة إلى مقتل ما يقارب 40 ألف شخص، انتهى المطاف بزعيمه للوقوع في يد أنقرة، وإعلانه منظمة إرهابية في تركياوالولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأخرى مثل المملكة المتحدة وأستراليا وإيران. الحرب الضروس التي خاضها الحزب، والتي تخللتها فترات هدنة، آخرها ما بين 2013 و2015، كانت تثبت مع مرور الوقت أنه لن يستطيع أبدا الوصول إلى "حلم" تأسيس "الدولة الكردية"، لا في تركيا ولا في أي مكان آخر، وهو ما تبين في عدة محطات، آخرها إعلان قوات سوريا الديمقراطية الموالية له، والتي تسيطر على أجزاء واسعة من الشمال السوري، قبل يام، استعدادها للاندماج في الجيش النظام السوري، تحت قيادة السلطات الانتقالية الجديدة، وبالتالي التمهيد لإنهاء الطرح الانفصالي. وبين حزب العمال الكردستاني و"البوليساريو" الكثير من التقاطعات، فكلاهما خرجا من رحم إيديولوجيا يسارية ماركسية ثورية رفعت شعار "التحرر" و"تقرير المصير" إبان فترة الحرب الباردة، وهما معا أصبحا تدريجيا يعيشان خارج الزمن، وتبرز الفروق الشاسعة بين ميليشياتهما المسلحة من جهة، وبين الجيش النظامي التركي والمغربي من جهة أخرى، ما جعل حضورهما الميداني محصورا وتأثير عملياتهما العسكرية محدودا. لا انفصال في الأفق قد يكون مصير "البوليساريو" مشابها بحزب العمال الكردستاني على مستوى آخر، وهو تصنيفها منظمة إرهابية، وهو الأمر الذي تسعى إليه الدبلوماسية المغربية من خلال عملها داخل الأممالمتحدة، وقد يكون لملف الأول الذي ستتم مناقشته مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستقبلا، بعد إعلانها، أواخر سنة 2021 الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الأمم سنة 1991 ثم الهجوم على مدنيين في مدينة السمارة في نونبر 2023. إلا أن ما تأمله الرباط، بالموازاة مع ذلك، هو أن تتشارك "البوليساريو" مع حزب العمال الكردستاني في "التحلي بالواقعية"، والقبول بمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، الأمر الذي أصبح حاضرا في القرارات الأممية الدورية، وآخرها قرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 31 أكتوبر2024 الذي حث على ضرورة الوصول إلى "حل سياسي واقعي وقابل للتحقيق ومستدام ومقبول من الطرفين"، في حين قررت أكثر من 30 دولة فتح قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة. هذا المسار يلقى معارضة مطلقة من طرف واحد، ويتعلق الأمر بالجزائر، الراغبة في تحقيق "حلم" الوصول إلى المحيط الأطلسي، وهو مسعى قال عنه الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء شهر نونبر الماضي إنه "لا يرفضه"، لكنه ربطه بمبادرة تسهيل دول الساحل إلى هذه الوجهة في ظل السيادة المغربية، لكن في المقابل، فإن قوى كبرى، مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، أصبحت تتعامل معها كمسلمة، وأصبح خيار "الانفصال" النسبة لها مجرد "وهم" غير قابل للتحقيق.