1. الرئيسية 2. اقتصاد خصصت له الدولة 15 مليار درهم.. ما مصير "صندوق محمد السادس للاستثمار" بعد تولي بنشعبون إدارة "اتصالات المغرب"؟ الصحيفة من الرباط الأربعاء 26 فبراير 2025 - 12:20 يبدو مسار محمد بنشعبون، الذي عُين يوم أمس رئيسا مديرا عاما ل"اتصالات المغرب" خلفا لعبد السلام أحيزون، واحدا من المسارات المثيرة للانتباه من حيث انتقاله بين المناصب الاستراتيجية بشكل مفاجئ، وفي غمرة توليه لمهام أخرى. بنشعبون كان مديرا عاما للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات منذ 2003، قبل أن يصبح فجأة، في 2008، رئيسا مديرا عاما للبنك الشعبي المركزي، وفي 2018، وبشكل غير متوقع مرة أخرى، جرى تعيينه وزيرا للاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في حكومة سعد الدين العثماني الثانية، ومباشرة بعد انتهاء مهامه سنة 2021، سيُصبح سفيرا للمغرب بفرنسا. وفي غمرة مهامه الدبلوماسية في باريس، ووسط أزمة متفاقمة آنذاك بينها وبين الرباط، سيستدعي الملك محمد السادس بنشعبون إلى المغرب مرة أخرى، في أكتوبر 2022، ليعينه رئيسا للصندوق الاستثماري الذي يحمل اسم العاهل المغربي، وهي المهمة التي يُفترض أنه لا زال يتولاها، رغم أنه عُين في منصبه الجديد على رأس الفاعل الأول في مجال الاتصالات بالمملكة. صندوق لإنعاش الاقتصاد المهام الجديدة لبنشعبون، تطرح علامات استفهام حول مستقبل صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي تبتغي المملكة جعله صندوقا سياديا رئيسيا يُنعش الاقتصاد الوطني المُقبل على استحقاقات كبرى، والذي تلقى ضربة قوية ما بين 2020 و2021 بسبب جائحة "كوفيد 19"، والتي كانت السبب الرئيس وراء إنشائه بقرار صادر عن الملك. سياق المشروع يُمكن فهمه من خلال العودة إلى الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ال21 لعيد العرش، بتارخ 29 يوليوز 2020، حين أعلن العاهل المغري عن "إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تُمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل". ووفق الخطاب، فإن ذلك "يقتضي تعبئة جميع الإمكانات المتوفرة من تمويلات وتحفيزات، وتدابير تضامنية لمواكبة المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة، التي تشكل عمادا لنسيج الاقتصادي الوطني"، وأورد العاهل المغربي "وفي هذا الإطار، سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة (كوفيد 19)". ولذلك، ارتأى الملك محمد السادس إحداثَ "صندوق للاستثمار الاستراتيجي" تتمثل مهمته في "دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات"، مشددا على أنه يجب أن يرتكز، بالإضافة إلى مساهمة الدولة، على تنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية. البداية ب 15 مليار درهم وكان استدعاء بنشعبون لتولي رئاسة هذا الصندوق الاستثماري مفهوما، على اعتبار أنه تولى إدارة أهم مؤسسة بنكية في المغرب لمدة عقد من الزمن، وهي "البنك الشعبي"، بالإضافة إلى كونه تولى حقيبة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في حكومة وُصفت ب"حكومة الكفاءات"، فالأمر يتعلق بالاستعانة بخبرات رجل اقتصاد من أجل "تحفيز الاستثمار"، و"دعم مشاريع البنية التحتية الكبرى"، وفق ما جاء على لسان بنشعبون نفسه. وقد حدد الملك محمد السادس، في خطابه الموجه للبرلمان بمجلسيه بتاريخ 9 أكتوبر 2020، أولويات هذا الصندوق، التي تتمثل في أن "يقوم بدور ريادي في النهوض بالإستثمار، والرفع من قدرات الاقتصاد الوطني، من خلال دعم القطاعات الانتاجية، وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص". وكان الملك حريصا على توفير الظروف الملائمة لقيام هذا الصندوق بمهامه على الوجه الأمثل، حسب ما جاء في خطابه، لذلك قرر أن يتم "تخويله الشخصية المعنوية، وتمكينه من هيآت التدبير الملائمة، وأن يكون نموذجا من حيث الحكامة والنجاعة والشفافية"، بالإضافة إلى ذلك وجّه بأن تُرصد له 15 مليار درهم، من ميزانية الدولة، بما يشكل "حافزا للشركاء المغاربة والدوليين لمواكبة تدخلاته، والمساهمة في المشاريع الاستثمارية، دعما لخطة الإنعاش وتوسيع أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي"، مبرزا أنه سيرتكز في تدخلاته على صناديق قطاعية متخصصة تابعة له، حسب المجالات ذات الأولوية، التي تقتضيها كل مرحلة، وحسب حاجيات كل قطاع. انتقال في توقيت حساس وتبدو المرحلة الراهنة حاسمة بالنسبة لتدخلات هذا الصندوق الاستثماري، بالنظر لمشاريع البنيات التحتية الكبرى التي تشهدها المملك في أفق احتضانها لكأس العامة 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، وقد دخل صندوق سيادي آخر على خط هذا الورش، وهو صندوق الإيداع ولتدبير، الذي تولى بناء وإعادة تأهيل الملاعب. استدعاء بنشعبون لتولي مهامه على رأس البنك الشعبي، تأتي في غمرة إطلاقه ورشا اقتصاديا جديدا، من خلال اختيار 15 صندوق بقيمة 18,5 ملايير درهم، من أجل خلق استثمارات بقيمة قد تصل إلى 60 مليار درهم، منها 7 صناديق متخصصة، 3 منها مكلفة بتوليد الاستثمارات في القطاع الصناعي، واثنان في مجال السياحة، وصندوق واحد في مجال النقل واللوجستيك، وواحد في الفلاحة. تحويل بنشعبون لوجهته أتى أيضا بعد نحو 4 أشهر فقط على توقيع صندوق محمد السادس للاستثمار اتفاقية مع وكالة التنمية الفرنسية وبنك الاستثمارات العامة الفرنسي، بقيمة 30 مليار درهم من أجل تحفيز الاستثمارات، منها 28 مليار درهم ستكون موجهة لمشاريع البنية التحتية المستدامة، والباقي من أجل تشجيع صناعة الاستثمار برأسمال الشركات بالمغرب. إلى جانب ذلك، فإن إحدى مهام هذا الصندوق الرئيسية، والمتمثلة في إحداث مناصب عمل، تبرز بقوة في الفترة الراهنة، مع وصول البطالة إلى مستويات قياسية، وعجز حكومة عزيز أخنوش عن التعامل مع هذا الوضع، حيث ارتفع معدل البطالة مع متم 2024 إلى 13,3 في المائة مقارنة ب13 في المائة قبل ذلك بسنة، مع تسجي نحو 1,64 مليون عاطل، حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط.