1. الرئيسية 2. تقارير خاص - مصادر حكومية سورية ل"الصحيفة": لقاءات غير مُعلنة جمعت الشيباني ببوريطة الشهر الماضي "بعيدا عن الأضواء" الصحيفة - خولة اجعفري الأثنين 24 فبراير 2025 - 17:24 في ظل ديناميات دبلوماسية متسارعة، تتجه العلاقات المغربية - السورية نحو مرحلة جديدة من التقارب والتفاهم، مدفوعة برغبة مشتركة في تعزيز التعاون وإعادة إحياء قنوات التواصل السياسي بين البلدين، وفق ما كشفته مصادر حكومية سورية رفيعة ل"الصحيفة"، مشيرة إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت تطورًا لافتًا في مستوى التنسيق الثنائي، تُوّج بلقاءات دبلوماسية مكثفة و"غير معلنة" جمعت مسؤولين من البلدين بعيدًا عن الأضواء، في خطوة تمهيدية لزيارة مرتقبة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى دمشق. ورغم ما راج من تأويلات حول تأجيل هذه الزيارة، تؤكد المصادر ذاتها ل "الصحيفة" أن البرنامج الدبلوماسي لا يزال قائمًا، وأن الأمر لا يعدو كونه مسألة ترتيبات لوجستية وأجندات سياسية مزدحمة، وليس انعكاسًا لأي تباين في المواقف أو الرؤى بين الرباطودمشق. وكشفت مصادر حكومية سورية رفيعة ل"الصحيفة" أن مستوى التنسيق الثنائي بين المغرب وسوريا شهد تطورًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، مع تسجيل تقدم لافت في تعزيز العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين المشتركة، موضحة أن سلسلة من اللقاءات التي جمعت دبلوماسيي البلدين خلال الشهر الماضي، ساهمت في توطيد أسس التعاون والتفاهم بين الرباطودمشق، مشددة على أن الزيارة المرتقبة لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى العاصمة السورية "ما تزال قائمة ولم يطرأ عليها أي تغيير"، خلافًا لما تداولته بعض وسائل الإعلام. ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن التواصل الدبلوماسي بين المغرب وسوريا ليس وليد اللحظة، بل هو ثمرة لقاءات وتنسيق مستمر امتد لعدة أشهر، تزامنًا مع المستجدات التي تشهدها الساحة السورية، كما أكدت المصادر أن الموقف المغربي الثابت، الذي يعبر عن دعم المملكة لاستقرار سوريا ووحدتها الترابية، يأتي في إطار نهج سياسي واضح تبناه العاهل المغربي الملك محمد السادس، والذي شدد في مناسبات عدة على وقوف المغرب إلى جانب الشعب السوري في محنته، ودعمه لتحقيق تطلعاته نحو الحرية والاستقرار. وفي سياق متصل، أفادت المصادر الدبلوماسية ذاتها بأن اجتماعات غير معلنة جمعت بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره السوري أسعد حسن الشيباني، على هامش لقاءات دولية وعربية خلال الشهر الماضي، كما أشارت المصادر إلى أن هذه الاجتماعات ظلت بعيدة عن الأضواء، مراعاة لحساسية المرحلة وضرورة تهيئة الظروف المثلى قبل الإعلان الرسمي عن زيارة وزير الخارجية المغربي إلى دمشق، والتي يُرتقب أن تكون محطة فارقة في مسار العلاقات بين البلدين. وأوضحت المصادر أن تأجيل هذه الزيارة لا يرتبط بأي خلاف سياسي أو تباين في وجهات النظر بين الرباطودمشق، وإنما يعود إلى أسباب لوجستية تتعلق بأجندة الوزيرين المتخمة، إضافة إلى ضرورة وضع برنامج دقيق لزيارة بهذا الحجم، خاصة في ظل التحولات الإقليمية الراهنة. وأكدت المصادر ذاتها، أن المغرب وسوريا يتقاسمان رغبة صادقة في تعزيز علاقاتهما الثنائية، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات، فيما وعلى الرغم من أن اللقاءات الدبلوماسية الأخيرة لم تكن مُعلنة، إلا أنها شكلت فرصة لتبادل الرؤى حول قضايا جوهرية تهم البلدين، كما ساهمت في تمهيد الطريق نحو مرحلة جديدة من التنسيق والتشاور حول القضايا الثنائية وأيضا الإقليمية. وأضافت المصادر: "سوريا تنظر إلى المغرب كدولة شقيقة وصديقة وموثوقة، وتثمّن مواقفه الثابتة التي ظلت متسقة مع مبادئها على مر السنوات، خصوصًا ما يتعلق بدعمه الثابت لوحدة سوريا وسيادتها الوطنية". وفي هذا السياق، استحضرت المصادر ذاتها الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى أحمد الشرع بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، والتي عبّر فيها عن موقف المغرب الراسخ في دعم الشعب السوري ومساندته خلال هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، مؤكدة أن وقع هذه البرقية كان كبيرًا على القيادة السورية، حيث عزز منسوب الثقة والتقدير المتبادل بين البلدين. ونبّهت المصادر الدبلوماسية، إلى أن الملك محمد السادس يحظى باحترام وتقدير كبيرين من قبل القيادة السورية، وأن مواقفه الثابتة تجاه القضية السورية ظلت راسخة في الذاكرة السياسية للبلاد، وهو ما انعكس في مستوى الارتياح الذي أبداه المسؤولون السوريون خلال اللقاءات التشاورية الأخيرة. وبناءً على هذه المعطيات، يبدو أن العلاقات المغربية - السورية تسير بخطى ثابتة نحو مزيد من التقارب والتفاهم، وسط توقعات بأن تشكل زيارة بوريطة إلى دمشق، حينما تتحقق، علامة فارقة في إعادة رسم معالم الشراكة بين البلدين، بما يعكس حرصهما المشترك على تجاوز تحديات الماضي، واستشراف مستقبل أكثر إشراقًا للعلاقات الثنائية. وكانت الحكومة السورية الانتقالية قد أعلنت عن أول تواصل مباشر بينها وبين المغرب، إثر سقوط نظام بشار الأسد، مبرزة أن وزير الخارجية أسعد الشيباني تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره ناصر بوريطة، الذي أكد على "دعم المغرب للشعب السوري، ودعمه لسيادة سوريا ووحدة أراضيها والقواسم المشتركة بين البلدين، وضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية بما يخدم المصالح المشتركة". وبتاريخ 9 دجنبر 2024، تفاعلت المملكة لأول مرة مع سقوط النظام السابق في سوريا، حيث أورد بوريطة أن "المملكة المغربية تتابع عن كثب التطورات المتسارعة والمهمة التي تشهدها سوريا، وتأمل أن تسهم في تحقيق آمال الشعب السوري في الاستقرار والتنمية". وقال بوريطة إنه، وفق تعليمات الملك محمد السادس، فإن موقف المملكة المغربية "ظل دائما واضحا ويرتكز على الحفاظ على الوحدة الترابية وعلى السيادة الوطنية وعلى وحدة الشعب السوري"، وتابع أن "هذا الموقف كان ويظل ثابتا للمملكة التي تتمنى أن تجلب هذه التطورات لسوريا الاستقرار، وللشعب السوري ما يحقق تطلعاته إلى التنمية وإلى تحقيق مستقبل أفضل". وذكَّرَ بوريطة بأن المغرب كان قد أغلق سفارته بدمشق، منذ 2012، وطلب إغلاق سفارة سوريا بالمملكة، خالصا إلى أن "المغرب، بقدر ما يقف إلى جانب سوريا، مُناديا بالحفاظ على سيادتها وبعدم التدخل في شؤونها، فهو يدفع دائما نحو ما فيه مصلحة واستقرار وسيادة ووحدة سوريا وما يحقق تطلعات شعبها الشقيق".