الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة 1. الرئيسية 2. آراء الشراكة الأمنية والاستراتيجية بين أمريكا والمغرب مع صعود ترامب للرئاسة الداود أبا الأحد 23 فبراير 2025 - 23:45 العلاقات الأمريكية المغربية عرفت تحولًا كبيرًا منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة (2017-2021)، حيث أصبح المغرب شريكًا أمنيًا واستراتيجيًا رئيسيًا للولايات المتحدة في منطقة إفريقيا، و على امتداد الساحل الإفريقي. ويرجع هذا التقارب إلى التحولات الجيوسياسية الكبيرة التي تعرفها المنطقة، ومن أبرزها خسارة الولاياتالمتحدة لقاعدتها العسكرية في النيجر، والتكهنات بنقل أكبر قاعدة أمريكية في إسبانيا إلى المغرب. هذه التطورات على المستوى الدولي تعكس محاولة الولاياتالمتحدةالامريكية تعزيز تواجدها الأمني في إفريقيا واستعادة السيطرة والنفوذ على منطقة الساحل الإفريقي التي أضحت تعرف سيطرة روسية صينية واضحة، كما أنها تعرف تحركا كبيرا للجماعات المسلحة التي تمثل تهديدا للغرب وتعرف تخبطا سياسيا أبرز بوضوح هشاشة الحكومات العسكرية الحالية. وبالتطرق للمسار التاريخي للعلاقات بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن المسار حافل بالتواجد المغربي في الاستراتيجية الأمريكية، فهو أول دولة تعترف بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذلك ساعد في إنهاء الحرب الأهلية الأمريكية. وإبان الحرب العالمية ساعد الحلفاء في تحرير أوروبا من النازية، وخلال الحرب الباردة كان المغرب حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة حيث قدم دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا لها، واستمرت هذه العلاقات في التطور إلى أن شهدت قفزة نوعية خلال فترة رئاسة ترامب. التحول في السياسة الخارجية الأمريكية مع صعود دونالد ترامب للرئاسة شكل صعود ترامب إلى السلطة تحولا استراتيجيا شهدته السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك بتبني نهج أكثر واقعية وعملية، إضافة إلى التركيز على المصالح الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدةالأمريكية، حيث أصبح المغرب شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة. أحد أهم المنجزات في العلاقات الدبلوماسية المغربية خلال فترة رئاسة ترامب الأولى كان الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء في ديسمبر 2020، كجزء من اتفاقية تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. هذا الاعتراف كان له تأثير كبير على تعزيز العلاقات الثنائية حيث أعطى المملكة المغربية دفعة دبلوماسية وسياسية كبيرة. المغرب الشريك الأمني و الاستراتيجي في السنوات الأخيرة، أصبح المغرب شريكًا أمنيًا رئيسيًا للولايات المتحدة في منطقة شمال إفريقيا والساحل الإفريقي، وذلك بالدور المهم الذي يلعبه في مكافحة الإرهاب، حيث يعتبر مركزًا للتدريب والاستخبارات في المنطقة. وتعتبر خسارة الولاياتالمتحدة لقاعدتها العسكرية في النيجر في أعقاب الانقلاب العسكري في عام 2023 من بين أهم البوادر التي أبرزت أهمية المغرب كبديل استراتيج،ي حيث كانت القاعدة العسكرية في النيجر تمثل دورًا رئيسيًا في عمليات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، ومركز انطلاق العمليات الجوية للجيش الأمريكي، وخسارتها تركت فراغًا أمنيًا كبيرًا. في هذا المنوال، زادت التكهنات برغبة الولاياتالمتحدة في نقل أكبر قاعدة عسكرية لها في إسبانيا، وهي قاعدة "روتا"، إلى المغرب. قاعدة روتا، التي تضم آلاف الجنود الأمريكيين، تعتبر واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا والأقرب حاليا إلى إفريقيا، حيث نقل هذه القاعدة إلى المغرب سيعزز بشكل كبير التواجد العسكري للولايات المتحدةالأمريكية في المنطقة، وسيمكنها من استعادة السيطرة الأمنية و لو جزئيا على منطقة الساحل الإفريقي. الشراكة الامريكية المغربية بين الفرص التحديات تمثل الشراكة الأمريكية المغربية فرصة كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات عديدة بما فيها التجارة، الطاقة والاستثمار. حيث سيشكل المغرب بوابة للولايات المتحدة إلى إفريقيا، وزيادة الاستثمارات الأمريكية في المغرب نحو إفريقيا كذلك سيشكل بيئة أمنة للتعاون و يمكن لهذه الشراكة أن تعزز النمو الاقتصادي في المنطقة. وبالرغم من الفرص الكبيرة التي يوفرها التقارب الأمريكي المغربي إلا أن هناك أيضًا تحديات كبيرة لابد من الإشارة لها صراحة، من ضمنها التوترات الإقليمية بما في ذلك النزاع حول الصحراء، والتي سبق لإدارة ترامب الاعتراف بسيادة المغرب عليها، والذي يمكن أن يؤثر على التواجد الأمريكي بالمنطقة . بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن زيادة الوجود العسكري الأمريكي في المغرب يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات مع الدول المجاورة، بما في ذلك الجزائر، التي لديها علاقات متوترة مع المغرب والمعروفة بولائها لروسيا. وفي النهاية، يعد التقارب بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمغرب خلال فترة رئاسة ترامب تحولًا استراتيجيًا في السياسة الخارجية الأمريكية نحو تعزيز التواجد الأمني والاقتصادي في إفريقيا من خلال المغرب، وذلك باستغلال موقعه الاستراتيجي ودوره الأمني المحوري في القارة الإفريقية، ليصبح شريكًا لا غنى عنه للولايات المتحدة في المنطقة. وللاشارة، فإن خسارة القاعدة العسكرية في النيجر والتكهنات بنقل قاعدة روتا إلى المغرب تعكس محاولة أمريكية لاستعادة السيطرة الأمنية على منطقة الساحل الإفريقي، وبالتالي فإن نجاح هذه الاستراتيجية سيعتمد على قدرة الولاياتالمتحدة والمغرب على مواجهة التحديات الإقليمية وتعزيز التعاون في مجالات متعددة وأهمها الامنية و العسكرية. باحث في العلاقات الدولية بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس الرباط