الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة 1. الرئيسية 2. آراء إلغاء التحقق من المنشورات.. هل تصنع شركة "ميتا" الفوضى أم تحاربها؟ نور الدين البيار الأربعاء 19 فبراير 2025 - 13:28 إعلان مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، التخلي عن برنامج التحقق من المنشورات Fact-checking على منصات "فيسبوك" و"إنستغرام" و"ثريدز"، سيفتح الباب أمام فوضى معلوماتية جديدة، ويُثير تساؤلات حول خلفيات هذا القرار وتأثيراته المحتملة على المؤسسات الإخبارية ومنظمات التحقق من المعلومات، وعلى الانتخابات القادمة في أكثر من بلد. لطالما اتسمت العلاقة بين "فيسبوك" والمؤسسات الإخبارية بالتوتر، خاصة بعدما شن زوكربيرج حربًا على بعض وسائل الإعلام بحجة محاربة الأخبار الزائفة قبل 8 سنوات، وهو ما اعتبره البعض محاولة لرد الاعتبار للمنصة فيما رآه آخرون مجرد تكتيك لتحقيق مكاسب ربحية. ولعل أبرز مثال على معركة كسر العظام بين فيسبوك ووسائل الاعلام ما وقع للشركة مع المؤسسات الإخبارية في استراليا في 2021. منذ فضيحة كامبريدج اناليتيكا في 2016، ومارك زوكربرج يحاول دفع تهمة التحيز عن المنصة الأكبر عالميا، لكن ما يجري في الولاياتالمتحدة مؤخرا يطرح أكثر من علامة استفهام. اليوم، يُثير قرار إلغاء التدقيق مخاوف متزايدة بشأن قدرة المنصة على مكافحة المعلومات المضللة، خاصة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية المتسارعة المدفوعة بالثورة الرقمية وخطر الذكاء الاصطناعي. وقد برر زوكربيرج هذا القرار بكون المدققين الخارجيين متحيزين للغاية، لكن هذه الحجة تبدو غير مقنعة للتخلص من آلاف المدققين الذين استعانت بهم "فيسبوك" في السابق، قبل ظهور الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه القيام بهذه المهمة بشكل او بآخر لكنه ليس بدقة المتحققين من الخبراء والصحافيين. يحاول فيسبوك أن ينحو منحى اكس/ تويتر التي لجأت لآراء الجمهور عوض المدققين المتعاقدين مع المنصة، لكن الجمهور من المستخدمين غير مؤهل للتعامل مع التضليل، وأيضا قد يكون هو بدوره متحيزا بسبب خوارزمية متحيزة او ترند او غرفة الصدى التي تفرضها سطوة الترند. يُثير هذا التحول المفاجئ تساؤلات حول علاقة زوكربيرج بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فبعدما قام "فيسبوك" بحظر حساب ترامب في عام 2021 بعد فوز جو بايدن في انتخابات 2020، يبدو أن مالك فيسبوك يسعى اليوم للتقرب من ترامب، خاصة بعد تعيين الجمهوري جويل كابلان لقيادة فريق السياسات في شركة ميتا، وانضمام دانا وايت، من UFC، وهو من أشد المؤيدين لترامب، إلى مجلس إدارتها. ويُثير هذا التقارب مع ترامب مخاوف من أن يكون "فيسبوك" بصدد التخلي عن التزامه بمكافحة المعلومات المضللة، والسماح بنشر المحتوى الذي يخدم مصالح ترامب وحلفائه. وقد حذرت الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق من أن توسيع شركة "ميتا" قرارها إلغاء برامج التحقق من المنشورات على فيسبوك وإنستغرام سيؤدي إلى "ضرر في العالم الحقيقي"، مشددة على أن بعض البلدان معرَّضة بشدة لخطر المعلومات المضللة التي تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والتدخل في الانتخابات والعنف الجماعي وحتى الإبادة الجماعية. ويبدو أن شركة "ميتا" تسعى للربح فقط، وتتخلى عن مسؤوليتها الاجتماعية في مكافحة المعلومات المضللة، والسماح بنشر المحتوى الذي يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية، وهو ما يثير قلق المؤسسات الإخبارية ومنظمات التحقق من المعلومات، التي تخشى من أن يؤدي هذا القرار إلى تفاقم مشكلة انتشار المعلومات الكاذبة والمضللة على الإنترنت. ففي عالم تتسارع فيه وتيرة انتشار المعلومات، يظل التعامل مع التضليل والسياق المزيف والسخرية والخبر الكاذب تحديًا كبيرًا، خاصة في الدول النامية حيث يفتقر الجمهور إلى الأدوات اللازمة للتحقق من صحة المعلومات. وقد نادينا في غير مرة بوضع برنامج وطني بالمغرب، للتحقق وتدريب الصحافيين ومسؤولي التواصل على التعامل مع هذه التغيرات، اليوم بات ضروريا أن تستثمر الدولة في هذه البرامج استباقا للحروب القادمة والاستهداف الذي يتعرض له المغرب على أكثر من جبهة، خاصة وأن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المغاربة يتجاوز 22 مليون مستخدم وهو رقم كبير. لكن مع الأسف معظم المؤسسات الإخبارية الوطنية لا تتوفر على قسم للتحقق، ولا تخصص ميزانية للتدريب وليست لديها أدنى فكرة على التعامل مع وحش الأخبار الكاذبة الذي يتقوى يوما بعد يوم بعد ظهور الذكاء الاصطناعي. لقد عشنا في المغرب خلال الكثير من الاحداث الكبرى التي تستأثر بمتابعات حية على منصات التواصل الاجتماعي، مثل كورونا وقضية الطفل ريان وزلزال الحوز، كيف تسربت الأخبار المضللة والخلل المعلوماتي إلى هواتف المغاربة، وستتسرب مستقبلا فهل نحن مستعدون لها؟.