1. الرئيسية 2. المغرب الكبير في أقل من أسبوع.. السلطات الموريتانية تلغي صفقة "تنظيف نواكشوط" فازت بها شركة مغربية بعد طعون شركتين منافستين مغربية وموريتانية الصحيفة - خولة اجعيفري الجمعة 24 يناير 2025 - 16:56 في تطور مفاجئ، أصدرت لجنة تسوية المنازعات التابعة لسلطة تنظيم الصفقات في موريتانيا قرارًا يقضي بإلغاء الصفقة المتعلقة بنظافة العاصمة نواكشوط، والتي كانت قد فازت بها الشركة المغربية "SOS NDD"، وهو القرار الذي يعقب طعون قدمتها شركتان، إحداهما مغربية، والأخرى موريتانية، وذلك بعد أقل من أسبوع على إعلان فوز الشركة المغربية بالصفقة، ليعيد الملف إلى واجهة النقاش ويثير تساؤلات حول الشفافية وتشابك المصالح في إدارة الصفقات العمومية بالبلاد. القرار، الذي صدر يوم الخميس 23 يناير 2025، بحسب بيان رسمي أصدرته سلطة تنظيم الصفقات، استند إلى دراسة طعون تقدمت بها شركتان متضررتان، وهما الشركة الموريتانية لمعالجة النفايات (SMTD) ومؤسسة SOUDATRI المغربية، سيما وأن الطعون ركزت على نقطتين أساسيتين: أولهما أن الشركة المغربية الفائزة في نظرهما لا تملك المؤهلات الفنية اللازمة التي نص عليها ملف المناقصة، وثانيهما وجود خروقات في إجراءات إبرام الصفقة. واللجنة أكدت في إشعارها أن قرار الإلغاء جاء التزامًا بالنصوص المنظمة لإبرام الصفقات العمومية، وأحكام ملف استدراج العروض، إضافة إلى النتائج التحليلية التي كشفت عن عدم تطابق الشركة الفائزة مع معايير المناقصة. وقد بررت السلطة الموريتانية قرار الإلغاء بما وصفته في بلاغها ب "عدم أهلية المتعهد نظرا لعدم توفره على المواصفات الفنية المطلوبة وفقا لملف المناقصة، وكذا سلامة إجراءات إبرام الصفقة"، مؤكدة أنها "قررت إلغاء المنح المؤقت للصفقة والإجراءات المتعلقة بإبرامها بناء على النصوص المنظمة لمسطرة إبرام الصفقات العمومية المطبقة في الحالات المشار إليها، وأحكام ملف استدراج العروض والاستنتاجات والتحليلات التي سيتم تقديمها في القرار". والشركة المغربية "SOS NDD"، التي يملكها رجل الأعمال عبد الوافي سعيد الفكيكي المعروف بانتمائه السياسي لحزب جبهة القوى الديمقراطية، كانت قد نجحت قبل أيام فقط في انتزاع عقد ضخم يمتد لعشر سنوات، تبلغ قيمته السنوية أكثر من 7.5 مليار أوقية، وكان يتعلق بجمع ونقل النفايات الصلبة في العاصمة نواكشوط إلى مركز طمر النفايات، ما يمثل واحدًا من أكبر العقود العمومية في البلاد. لكن هذا النجاح لم يدم طويلًا، إذ إنهار أمام الطعون القانونية التي شككت في نزاهة عملية منح الصفقة، والتي أشهرتها كل من مؤسسة SOUDATRI المغربية، والشركة الموريتانية SMTD، التي سبق لها أن تولت إدارة نظافة نواكشوط في العقد المنتهي، وقد استندت في طعنها إلى ما وصفته ب"عدم أهلية الشركة المغربية من الناحية الفنية"، إضافة إلى رصد مخالفات في الإجراءات القانونية لإبرام العقد. كما أن الإلغاء المفاجئ لهذا العقد أثار أيضا، عدة أسئلة ملحة حول إدارة الصفقات العمومية في موريتانيا، وكيف نجحت الشركة المغربية في اجتياز معايير التأهيل الفني والفوز بالصفقة رغم الطعون التي أشارت إلى عيوب واضحة؟ وهل كانت هناك ضغوط سياسية أو تدخلات خفية ساهمت في ترجيح كفتها على حساب المنافسين الآخرين؟، فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن بعض الشركات المتنافسة اشتكت مسبقًا من ضبابية مسطرة التقييم ومنح النقاط، وهو ما يفتح باب التكهنات حول وجود شبهات فساد أو استغلال نفوذ في القضية. وقرار الإلغاء يعيد الشركة الموريتانية SMTD إلى واجهة المشهد، إذ إنها لم تتوقف عن تقديم اعتراضات منذ إعلان فوز الشركة المغربية. SMTD، وهي التي كانت قد تولت لسنوات إدارة ملف النظافة في نواكشوط قبل انتهاء عقدها، وتعتبر نفسها الأجدر بالصفقة، فيما ومع قبول اللجنة لطعنها، يبدو أن ملف نظافة العاصمة سيعود مجددًا إلى المنافسة، وربما لصالح الشركة المحلية. من جهة ثانية، فإن قضية إلغاء الصفقة وفق مصادر موريتانية في حديثها ل "الصحيفة" ليست مجرد قرار إداري، بل تكشف عن خلل أعمق في منظومة الصفقات العمومية بموريتانيا، ففي ظل تعقيدات الملف، يُطالب الآن بفتح تحقيق شامل حول الظروف التي أحاطت بعملية التقييم ومنح الصفقة، وضمان معايير الشفافية والنزاهة. وشركة "SOS NDD" المغربية المختصة في معالجة النفايات والتثمين الطاقي لصاحبها رجل الأعمال عبد الوافي سعيد الفكيكي، المحسوب على حزب جبهة القوى الديمقراطية، كانت قد تمكنت قبل أيام من انتزاع صفقة نظافة عاصمة موريتانيا، نواكشوط، التى تبلغ أكثر من 7 ملايير ونصف مليار أوقية سنويا على مدى 10 سنوات. ووفق المعطيات التي حصلت عليها" الصحيفة" من مصادر موريتانية حينها، فقد عانت العاصمة نواكشوط لسنوات من فوضى بيئية خانقة، نتيجة عجز العديد من الشركات المحلية والدولية عن الارتقاء بمستوى خدمات النظافة إلى المعايير المطلوبة، لعلّ من أبرزها "بيزورنو" الفرنسية، إلى جانب شركات أسسها اتحاد أرباب العمل الموريتاني. ورغم حصول بعض هذه الشركات في فترات سابقة على صفقات لتنظيف أجزاء من العاصمة، إلا أن تقاسمها للمسؤوليات بين مقاطع متفرقة حال دون تحقيق أي نتائج ملموسة، وبالتالي تفاقمت الأزمة مع عدم التزام تلك الشركات بتنفيذ تعهداتها، مما دفع بالسلطات إلى إعادة النظر في النهج المتبع وإطلاق صفقة شاملة وموحدة لتنظيف العاصمة قبل بضعة أشهر. وهذه الصفقة، التي أثارت اهتمام كبرى الشركات الدولية والمحلية، شهدت منافسة شرسة بين ست شركات بارزة، كان من ضمنها شركة "بيزورنو" الفرنسية نفسها التي تُعد واحدة من أكبر الأسماء في هذا القطاع، ومع ذلك، لم تتمكن أي من هذه الشركات من تقديم رؤية مقنعة تتماشى مع متطلبات المشروع، باستثناء شركة "SOS NDD" المغربية. ووفق ما أكدته المصادر ذاتها، فإن الشركة المغربية، بقيادة رجل الأعمال عبد الوافي سعيد الفكيكي، أظهرت تفوقًا ملحوظًا سواء من حيث الكفاءة الفنية أو تقديم حلول مبتكرة ومستدامة لإدارة أزمة النظافة في نواكشوط، وذلك بفضل قدرتها على صياغة استراتيجية متكاملة تلبي احتياجات العاصمة الموريتانية، وبالتالي تمكنت من انتزاع الصفقة التي تبلغ قيمتها أكثر من 7.5 مليارات أوقية سنويًا، على مدى عشر سنوات. والشركة المغربية، التي يقع مقرها وسط مدينة الدارالبيضاء، تحمل إرثًا يمتد لأكثر من أربعة عقود في قطاع النظافة، حيث تنشط في مدن مغربية مثل المحمدية وتيفلت ووجدة، فيما ورغم هذا التاريخ، فإن انتقالها إلى سوق خارجي بحجم وتعقيد نواكشوط يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على التكيف مع تحديات جديدة تختلف تمامًا عن البيئة المغربية.