1. الرئيسية 2. المغرب الكبير "البرود الدبلوماسي" بين المغرب وتونس يدخل عامه الثاني في ظل تحولات جيوسياسية وتعقيدات أمنية تزيد من الفوضى في المنطقة الصحيفة من الرباط السبت 31 غشت 2024 - 14:00 أقفلت الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وتونس سنتها الثانية في ظل تفاؤل حذر من حلحلتها اثر المصافحة "الودية" التي جرت بين رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ووزير الخارجية التونسي المُقال، نبيل عمار، قبل أيام على هامش الاحتفال الدولي بالذكرى 80 لعملية الإنزال البحري بمنطقة بروفانس في فرنسا، والتي اعتبرها الإعلام التونسي "مؤشرا قويا" على احتمالية عودة العلاقات بين البلدين سيّما وأن هذه المصافحة والحديث القصير والودي الذي بينهما، كان الأول من نوعه بين مسؤولين رفيعي المستوى من البلدين منذ اندلاع أزمة "تيكاد" سنة 2022، حينما استقبل الرئيس التونسي قيس سعيّد رئيس جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي في المطار استقبالا رسميا، مما دفع المغرب لاستدعاء سفيره وردت تونس بالمثل. ومُنذ هذا الوقت، ظلت العلاقات المغربية التونسية على أرجوحة "احتمالية حدوث انفراج"، سيّما وأن العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين ظل في منآى عن هذا الخلاف على الرغم من استقراره في خانة "المستوى غير المأمول"، وهو ما سبق واعتبرته مصادر حكومية مغربية في حديثها ل "الصحيفة"، طبيعي جدا على اعتبار أن "المغرب دولة مؤسسات تتعامل وفق عقيدة الفصل بين ما هو سياسي واقتصادي". وفي هذا الإطار، تُظهر بيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط التونسية، أن المبادلات التجارية بين الرباطوتونس، مستمرة على الرغم من الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة، ففي وقت تتواصل الهيمنة الأوروبية على المبادلات التجارية لتونس بأكثر من 70% ،لا تتعدى قيمة صادرات البلاد لسوق المغرب 7.5 في المائة من إجمالي الصادرات في 2023 وهي النسبة ذاتها بالنسبة للواردات والتي تقدر ب 8 في المائة من إجمالي الواردات. وهذا يعني، أن المبادلات التجارية لتونس مع دول الاتحاد المغاربي، ترتكز أساسا على دولتين من إجمالي 4 دول، حيث تستقبل ليبيا لوحدها أكثر من 55% من إجمالي الصادرات التونسية تجاه التكتل الاقليمي، فيما تحتكر الجزائر حوالي 90% من واردات تونس من دول المنطقة، وبالتالي تمسك كل من ليبيا والجزائر بميل الميزان التجاري لتونس مع مجموعة دول الاتحاد المغاربي والتي تعتبر بدورها ذات حضور هامشي مقارنة بمجموعة الاتحاد الأوربي أومجموعة آسيا. ومُقابل الاستمرارية الضعيفة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، اعتُبر اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بوزير خارجية تونس المُقال، نبيل عمار، قبل أيام على هامش الاحتفال الدولي بالذكرى 80 لعملية الإنزال البحري بمنطقة بروفانس في فرنسا، مؤشرا قويا عل احتمالية عودة العلاقات بين البلدين سيّما وأنه الأول من نوعه بين مسؤولين رفيعي المستوى من البلدين منذ اندلاع أزمة "تيكاد" في 2022. وقد اهتم كثيرا الإعلام التونسي، بصورة أخنوش وعمار وهما يتصافحان في فرنسا، خلال اللقاء الذي هَمّ "مناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين"، ووصفته صحيفة "Tuniscope" التونسية ب"الهام"، لافتة إلى أن المسؤولين "تبادلا الابتسامات والآراء حول سبل تعزيز التعاون الثنائي" وهو ما يعكس رغبة مشتركة في تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، في سبيل إنهاء الأزمة التي أثرت سلباً على العلاقات الثنائية. وذكرت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، أن الوزير نبيل عمار، التقى برئيس الحكومة المغربية خلال الاحتفال الذي أُقيم في مدينة سان رفاييل تحت إشراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما نشرت صورًا توثق مشاركة نبيل عمار في الاحتفالات، بما في ذلك صورة له مع عزيز أخنوش، الذي حضر كممثل عن الملك محمد السادس. وفي هذا السياق، تواصلت "الصحيفة" مع وزارة الخارجية التونسية لتبيّن مدى حدوث تغيير في مستوى العلاقات بين البلدين، بيد أن مصادر مسؤولة في ذات الوزارة فضّلت إرجاء الحديث في هذا الموضوع مكتفية بالتأكيد أن "العلاقات بين البلدين الشقيقين مستقرة حاليا". وجوابا على سؤال "الصحيفة"، حول احتمالية وجود قرار بإعادة السفير التونسي في الرباط إلى منصبه، سيّما وأن وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، قبل إقالته كان قد كشف أن بلاده والمملكة سيُعيدان السفيرين إلى منصبيهما مع مرور الوقت، قالت المصادر الدبلوماسية المسؤولة ذاتها، والتي فضّلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب مهنية أنه "إلى حدود الساعة، لا يوجد أي قرار بهذا الخصوص أو مستجدات حول عودة السفيرين، لكن العلاقات مستمرة ولم تنقطع أبدا". وفي وقت فتحت تصريحات رئيس الدبلوماسية التونسية السابق باب التخمينات ل " انفراج محتمل" للأزمة الدبلوماسية بين البلدين، عادت خُطوة إقدام الرئيس التونسي قيس سعيّد على اجراء تعديل وزاري واسع النطاق شمل 19 وزيرا بينهم وزراء الدفاع والخارجية والاقتصاد قبل أقل من شهر ونصف على موعد الإنتخابات الرئاسية في البلاد، ليُحفز تساؤلات جديدة حول مصير العلاقات المغربية التونسية، ذلك أن البعض يراها مؤشرا إيجابيا لقرب موعد المفاوضات بين البلدين في سياق التحولات التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، والبعض الآخر يعتبرها اجهاضا لمسار عودة السفيرين إلى منصبهما برحيل رئيس الدبلوماسية السابق نبيل عمار الذي أبدى رغبته في حلحلة الأزمة. والوزير الجديد، الذي عيّنه سعيّد رئيسا للدبلوماسية لم يكُن سوى محمد علي النفطي، الذي تبدو سيرته الذاتية أكثر انفتاحا مقارنة مع سلفه، بحيث شغل منصب مدير عام الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية، كما شغل عدة مناصب في وزارة الخارجية التونسية، أبرزها سكرتير الخارجية للدول العربية والآسيوية، ومستشار الشؤون الخارجية، وسفير تونس في سيول، كما عمل في السفارة التونسية في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وأثينا باليونان، ومدريد بإسبانيا، على التوالي، كسكرتير أول وقائم بالأعمال. هذا، وعيّن الرئيس التونسي، محمد بن عايد، سفير تونس الأسبق لدى موريتانيا خلال الفترة الممتدة ما بين 2013-2016، كاتبا للدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وهو ما يُحيل إلى أن سعيد الذي يراهن كثيرا على الظفر بعهدة ثانية على رأس الجمهورية التونسية، حيث بات مصرّا أكثر من أي وقت مضى على النهوض بالوضع الدبلوماسي وتحسين علاقات تونس مع عدد من الدول، بعدما شهدت اضطرابات متواصلة بسبب المواقف الدبلوماسية غير المسبوقة التي اتخذها في وقت سابق.