1. الرئيسية 2. تقارير خاص - الجامعة العربية تبدي امتعاضها من تصريحات تبون حول "مَغربية مُوريتانيا" وعدم وجود قرار عربي حول الصحراء الصحيفة - خولة اجعيفري الأحد 31 مارس 2024 - 22:02 علمت "الصحيفة"، بأن التصريحات "المثيرة" التي أدلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خرجته أمس السبت، أثارت انزعاجا شديدا في أروقة جامعة الدول العربية، خصوصا في شقّها المرتبط باستحضار رئيس الدولة الجزائرية لقرار سابق يهم الاعتراف بسيادة المغرب على موريتانيا الذي "فرضه سياق تاريخي معيّن وظروف معروفة" وفق تعبير مصادر دبلوماسية مسؤولة، أعربت عن أسفها حيال هذه التصريحات ومُحاولة إقحام الجامعة في ملف الصحراء المغربية من خلال المقارنة. وبدأت فصول الحكاية، بتصريح جديد أدلى به الرئيس عبد المجيد تبون خلال مروره أمس السبت في حوار خاص على القنوات الجزائرية الرسمية، قال فيه إن "قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار، ولو تم استعمال منطق العقل بدل منطق القوة لتم إيجاد الحل"، قبل أن يضيف أنه "لا يوجد قرار للجامعة العربية حول سيادة المغرب على الصحراء". ولم يكتف تبّون بهذا، بل عاد ليعزف على ذات الوتر الحساس من جديد وهو يقول إن "قرار الجامعة العربية القديم بالاعتراف بسيادة المغرب في موريتانيا لا نحاسب عليه، لأننا لم ننل استقلالنا بعد حينها" مضيفا: " تشرذم الدول العربية يكفي ولا أريد أن أزيد الطين بلة بالتعليق على اعتراف الجامعة العربية بسيادة المغرب على أراضي موريتانيا". وفق تعبير تبون وهو يُحاول ربط موضوع دعم مجلس الجامعة العربية للمغرب في دعواه بضم موريتانيا في سياق تاريخي معين، بملف الصحراء المغربية وإقحام "اللا مُقارن" وفق تعبير مصدرنا. وبناء عليه، توجّهت "الصحيفة" صوب جامعة الدول العربية، للتحقق أولا من مزاعم الرئيس الجزائري بشأن غياب قرار حول سيادة المغرب على صحراء، فكان أول باب نطرقه هو مكتب حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربي، الذي أكد في جوابه على مراسلة كتابية للجريدة بأنه "لا يوجد أي قرار مطروح في جدول أعمال الجامعة العربية حول موضوع الصحراء". ولأن هذا الجواب المقتضب وإن كان مُباشرا وواضحا، لا يجيب البتة على أسئلة مستفيضة بهذا الخصوص، سيما وأنه مقترن بواجب التحفظ ومواثيق معينة خصوصا في هذه المواضيع الحساسة ذات العلاقة بسيادة الدول الأعضاء، توجّهت "الصحيفة" صوب مصادر مسؤولة أخرى لبحث تفاصيل أكثر في الموضوع. وبناء عليه، أكدت مصادر دبلوماسية في جامعة الدول العربية، بأن صدى التصريحات التي أدلى بها الرئيس الجزائري بلغت أروقة الجامعة وقد عبّر عدد من مسؤوليها عن عدم رضاهم عنها بتاتا، نظرا للدور الفعال الذي لطالما قامت به ومنذ تأسيسها عام 1945 في صيانة استقلال وسيادة الدول الأعضاء والبالغ عددهم 22 دولة عربية وإسلامية. المصادر ذاتها، والتي فضّلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب مهنية مرتبطة بالأعراف الدبلوماسية، أكدت أن الجامعة ومنذ تأسيسها ظلت ذلك البيت الذي تحتمي فيه الدول العربية الأعضاء للتعبير عن مواقفهم وقضاياهم، كما تقوم بدور التنسيق وتوثيق الصلات والتعاون ودعم قرارات الدول الأعضاء، والتصدي للأزمات من خلال منعها أو التعاطي معها بفعالية، وكل ذلك تحت لواء واحد هو الحفاظ على سيادة الدول العربية الأعضاء واستقلاليتها باعتبار هذه السيادة أعلى من سيادة المنظمة ذاتها. ورجعت المصادر ذاتها، إلى موضوع الاعتراف بسيادة المغرب على موريتانيا، الذي ذكره الرئيس الجزائري في تصريحه، ويرجع تاريخه إلى انعقاد مجلس الجامعة العربية في مدينة شتورة بلبنان عام 1960، ليوضح بأن هذه المساندة "فرضها سياق تاريخي معيّن وظروف معروفة"، وحينما اتفقت المغرب وموريتانيا على اجراءات محددة لتقسيم الصحراء بينهما تمخضت عنها اتفاقية مدريد الثلاثية، ولجت نواكشوط الجامعة عام 1973 كنتيجة لذلك، وانتهى الموضوع وهذه التفاصيل تعرفها جميع الأطراف". وبالنسبة لقضية الصحراء المغربية، فقد اهتمّت بها الجامعة العربية منذ اللحظة الأولى، وفق المصادر ذاتها التي أشارت إلى أنه ومنذ أوائل سبعينيات القرن الماضي قد تطرقت لها تحت مؤطر عام يصُب في أنها مطالب عربية لإنهاء الاستعمار الإسباني في الصحراء، بيد أنها لم تستطع أن تتعمق في حل المشكلة أكثر بسبب الميثاق الذي حدد مقدما عمل الجامعة العربية. من جهة ثانية، اتخذت العديد من القرارات تواليا والمؤيدة للاتفاق المغربي الموريتاني حول الصحراء، فيما لم يتم التطرق إلى الموقف الجزائري، إذ أن الجامعة اعتبرت وقتها أنها غير معنية بالموضوع، وأيدت أن يكون تقسيم الصحراء بالحل الذي ارتأته الدولتان المغرب وموريتانيا، كما حثت اسبانيا بالمقابل عام 1974 على الإسراع ي حل مشكل الحدود. وأشارت المصادر ذاتها، إلى أنه وبعد توقيع الاتفاقية الثلاثية في مدريد، تأزمت الأوضاع بين دول المغرب العربي، ما دفع الجامعة العربية وقتها إلى التدخل في شخص رئيسها حينها محمود رياض، الذي سافر إلى العواصم الثلاث الرباط، الجزائرونواكشوط، لتقريب وجهات النظر والتمهيد لمفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية، خصوصا بعد انسحاب الاستعمار الإسباني، لكنه وقف على أن المشكلة أعقد مما كان يتصور والموضوع يتطلب مساع دبلوماسية أخرى، بادر إليها عدد من زعماء الدول العربية ودول قريبة من الأطراف لكن لم تصل إلى أي نتيجة حتى الآن. وجوابا على سؤال "الصحيفة"، حول احتمالية أن تُبادر الجامعة العربية لتقريب وجهات النظر سيّما في ظل التقدم الذي يشهده ملف الصحراء مع انضمام عدد من الدول الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي المغربية وتأكيدهم سيادة المغرب على أراضيه بما فيهم المستعمر القديم إسبانيا، قالت المصادر ذاتها: "الجامعة حاليا، لا دخل لها في هذا النزاع ولن تتدخل ما دام أحد أطرافه لم يطلبوا ذلك" مضيفا: "نؤيد استقلالية الدول في اتخاذ قراراتها، لكن أيضا نُقدّس سيادة الدول على أراضيها". وتأكيد المصادر ذاتها، بأن الجامعة مكبّلة قانونيا في حلحلة النزاعات المرتبطة بالسيادة بين الدول الأعضاء داخليا، دفع "الصحيفة" إلى البحث في في تفاصيل الميثاق المؤطر لجامعة الدول العربية، ليتبيّن حقيقة الأمور، وهو ما لُخّص في المادة الخامسة التي تقول في فقرتها الأولى إن "الخلافات التي تتعلق باستقلال الدول أو سيادتها أو سلامة أراضيها ليست المسائل الخاضعة للتحكيم، وأنه لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها، ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض هذا الخلاف، كان قراره عندئذ نافذاً وملزماً." وفى هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس وقراراته، ويتوسط المجلس في الخلاف الذى يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة، وبين أية دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها، للتوفيق بينهما، وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلبية الآراء.