1. الرئيسية 2. آراء المخزن الجديد ورهان التغيير عبد الكريم ساورة الأربعاء 27 دجنبر 2023 - 15:15 يعتقد الكثير من الأشخاص، أن التغيير بالمغرب لايمكن تحقيقه، لأن البلاد بلاد مخزنية بامتياز ، وأن مايريده المخزن هو الذي يكون سواء بالرضى أو بالعصا, لمن يعصى ولهذا فهذه الفئة تقول أنه لا داعي للدخول في صراع مع المخزن المتحكم في كل شيء وأنه لاينسى من ناهضه يوما وسوف ينتقم منه في الوقت المناسب، وهو مايعرف "بالمخزن المنتقم " ، ولهذا فهذه الفئة تنتصر إلى عنصر الزمن وترك التغيير يقوم به صاحب البيت وبطريقته الخاصة لأنه يملك كل الوسائل للقيام بذلك ولنا نماذج كثيرة في تاريخ المغرب المستقل تظهر بما لايدع مجالا للشك فيه ومنها "حركات المخزن " سواء في محاربة التجار الكبار في المخدرات، أو من انقلاب السياسين أو تحالف رجال الأعمال أو انقلابات رجال الجيش أو تجاوزت رجال السلطة المخلين بمسؤولياتهم. بينما هناك فئة أخرى وتمثل أقلية، تدافع عن توجه مخالف للأولى وتقول بضرورة أخذ المبادرة وتغليب الاتجاه في دفع المخزن بكل الوسائل السلمية والقانونية والسياسية في تحقيق التغيير المنشود، ولهذا فيجب أن يتم ذلك تنظيميا وجماهيريا، لأن التغيير هو مطلب جماهيري ، وكل تقاعس عن هذا المطلب و عدم المرافعة عنه سيساهم لا محالة في تأخر البلاد وسيزيد من تفاقم الوضع وتفشي الفساد وتغول طبقة رجال المال وتحكمهم في القرار السياسي بالبلاد. بصراحة أنا لم أقرأ ولم أصادف يوما أن بلادا يوما ما في تاريخ البشرية عرفت تغييرا تحقق عن طريق الحوار والتوافق بين الطبقة الحاكمة والجبهات المناضلة التي تسعى إلى تحقيق التغيير التي تنشده في خطاباتها ، فدائما يتم الأمر بشكل دموي فإما تنتصر الجهة الحاكمة أو الجهة المناهضة ولايتم الحوار إلا بعد صراع طويل وهذا الأمر قد حدث في بلاد متعددة أهمها ماحدث من صراع دموي مع بينوشي في التشلي عندما قام بالانقلاب على الاشتراكي سلفادور أليندي والذي كان مدعما بشكل كبير من طرف الفئات الأكثر فقرا بالبلاد ، وبإيعاز من طرف الشاعر العظيم بابلو نيرودا، ونفس الأمر عاشته الجارة اسبانيا مع الديكتاتور فرانكو الذي هدم كل مدن اسبانيا على المعارضين من الاشتراكيين وحكم بالدم والحديد طول فترة حكمه ، وبنفس الطريقة حكم الديكتاتور جان بيديل بوكاسا إحدى عشر عاما دولة افريقيا الوسطى بكل الوسائل القمعية والدموية حتى تم الانقلاب عليه بنفس الطريقة التي حصل بها على الحكم. لقد علم التاريخ الجميع ، سواء المنتصرون أو المنهزمون، أن أسلوب الحكم الدموي لايصنع أمة وإنما عصابة تحكم لفترة قد تطول في بعض الأحيان ولكن لايمكنها أن تستمر بحال من الأحوال، و في الأخير فإنها ستسقط لامحالة، لأنها مع مرور الوقت سيصيبها التعفن وتصبح أكثر خطرا على الجميع، فَيَعافُها الناس ويتروكونها تموت وحدها، وهذا ما حدث مع الكثير من التجارب سواء عربية أو إفريقية أو بأمريكا اللاثينية. وربحا للوقت، فإن أحسن طريقة للتعلم من التاريخ هو محاسبة الذات، وبلغة الأذب ، هو النقد الذاتي ولعمري فهذا عمل نبيل لايقوم به سوى النبلاء، وذلك من أجل إنقاذ ماتبقى من مستقبل البلاد، وهذا الأمر هو ما يجب أن تقوم به حكومة أخنوش لأنها بأسلوبها الترقيعي وفشل جل وزراءها في تدبير الشأن العام فقد أوصلت البلاد إلى الإفلاس التام ،وهاهو قطاع التعليم النموذج الأكبر في البلاد متوقف وهاهما أبناء الشعب المغربي لايعرفون ماذا يفعلون بمحفظاتهم ودفاترهم الكثيرة، وها هو الوزير لايستحيي ويرفض أن يقدم استقالته، أيها الوزير إن كل أخلاق العالم تحثك أن تتنحى وتقدم استقالتك وبسرعة، وأي تأخير هو وصمة عار على الدولة المغربية. ونحن نستشهد بالتاريخ، لا بد أن نعترف بأن خطاب التغيير الذي تدافع عنه الدولة منذ سنوات، فقد ظهر بالملوس أنه مجرد خطاب للإستهلاك، وأن لاشيء تغير سوى إسم الوزارات أو المؤسسات أو أسماء رجال السلطة والقضاء لكن الفساد لازال في تفاقم وأن الشطط في استعمال السلطة بلغ ذروته في بعض المناطق ، وأن نسبة الفقراء في ارتفاع مهول وأن الغلاء المصطنع هو السائد والمتحكم، وأن القوي يأكل الضعيف، وهنا أتساءل : مع باقي المتسائلين ببلادنا العزيزة علينا هل تقارير مجلس الأعلى للحسابات التي تظهر كل سنة بحلة جميلة ستخلص البلاد من هذا التعفن العظيم في كل الميادين؟ وإلا متى سننتظر المعجزة ؟ أقصد معجزة المخزن الجديد في تحقيق التغيير الذي انتظرناه طويلا ولكن بدون جدوى مع الأسف الشديد. كاتب صحافي