مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بمنح بطاقة شخص في وضعية إعاقة    بايتاس… عدد الطلبات المتعلقة بالدعم المباشر للسكن تناهز 64 ألف طلب    بوريطة: الأمن الغذائي أولوية استراتيجية ضمن السياسة الإفريقية لجلالة الملك    وزير خارجية إسرائيل: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية على إسرائيل    السعودية تقرر عدم السماح بدخول المشاعر المقدسة لغير حاملي بطاقة "نسك"    الشباب السعودي يضم بشكل رسمي نجم مغربي لصفوفه    إدارة نهضة بركان تلعب ورقة "المال" في مواجهة الزمالك المصري    الداخلية تشرف على تجاوز تعثر منطقة الأنشطة الاقتصادية بتطوان    درك الحسيمة يُوقف شابا بسبب التحرش الجنسي بسائحة    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    بايدن: "لن نزود إسرائيل بالأسلحة إذا قررت مواصلة خطتها لاقتحام رفح"    تندوف تغلي بعد جريمة قتل طفل .. انفلات أمني ومطالب بتدخل دولي    فرار 80 ألف شخص من رفح خلال ثلاثة أيام    بايتاس: 90% من طلبات دعم السكن مقبولة    245 ألف ليلة مبيت سياحية بوجهة طنجة    "كارثة" في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وتوخيل يصب غضبه على التحكيم    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه نظيره البلجيكي وديا استعدادا لأولمبياد باريس    افتتاح بورصة البيضاء على وقع الارتفاع    بسبب الاقتطاع من رواتبهم.. موظفون يعتصمون بمقر جماعة أولاد عياد    الأمن يمنع ترويج آلاف "الإكستازي" بطنجة    طنجة تواصل تأهيل مدينتها العتيقة وتستهدف ترميم 328 بناية جديدة مهددة بالانهيار    عامل إقليم تطوان يترأس اجتماعا موسعا لتدارس وضعية التعمير بالإقليم    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    سابقة.. حكم قضائي ينصف مشتكية مغربية في ملف "مضاعفات لقاح كورونا"    كونفرنس ليغ | أستون فيلا يحل ضيفا على أولمبياكوس في مهمة انتحارية بعد هاتريك الكعبي    رسميا.. وزارة بنموسى تعلن مواعيد الامتحانات الإشهادية وتاريخ انتهاء الدراسة    سلطات مراكش تواصل مراقبة محلات بيع المأكولات بعد حادث التسمم الجماعي        توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة        بحضور الملك..الحموشي يشارك في احتفالات الذكرى 200 لتأسيس الشرطة الإسبانية    مرضى السكتة الدماغية .. الأسباب والأعراض    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    ملتمس الرقابة يوسع الخلاف بين المعارضة وتبادل للاتهامات ب"البيع والمساومة"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    تراجع أسعار السيارات الكهربائية لهذا السبب    ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتقلص مخزونات الخام الأمريكية    المغرب يدخل القطيع المستورد من الخارج الحجر الصحي قبيل عيد الأضحى    بعد اعترافها بآثاره الجانبية المميتة.. هيئة أوروبية تسحب ترخيص لقاح كورونا من أسترازينيكا    أفق جديد لسوسيولوجيا النخب    من بينها المغرب.. سبع دول تنضم لمبادرة "طريق مكة"    "طيف سبيبة".. رواية عن أطفال التوحد للكاتبة لطيفة لبصير    متحف "تيم لاب بلا حدود" يحدد هذا الصيف موعداً لافتتاحه في جدة التاريخية للمرة الأولى في الشرق الأوسط    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    مهرجان تطوان الدولي لمسرح الطفل يفتتح فعاليات دورته الخامسة عشرة    علم فرنسا يرفرف فوق كلية الطب بالبيضاء لتصوير "حرب العراق" (صور)    جوائز الدورة 13 لمهرجان مكناس للدراما التلفزية    ريال مدريد يضرب بايرن ميونخ 2-1 ويتأهل رسميا لنهائى أبطال أوروبا    المرزوقي: لماذا لا يطالب سعيّد الجزائر وليبيا بالتوقف عن تصدير المشاكل إلى تونس؟    البرهان: لا مفاوضات ولا سلام إلا بعد دحر "تمرد" الدعم السريع    ملتقى طلبة المعهد العالي للفن المسرحي يراهن على تنشيط العاصمة الرباط    كأس العرش.. الجيش الملكي يتجاوز نهضة الزمامرة ويتأهل إلى دور ربع النهائي    "ريال مدريد لا يموت".. الفريق الملكي يقلب الموازين في دقيقتين ويعبر لنهائي "الأبطال"    الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرث المدني.. من المغرب الذي في خاطري
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
الإرث المدني.. من المغرب الذي في خاطري
رمضان مصباح
الأحد 9 يوليوز 2023 - 12:57
الحلقة:2
انتهيت في الحلقة الأولى:
إلى أن كسب الدولة لرهان حضانة أبنائها كلهم ،لا يُعد فتحا جديدا ؛بل مجرد عود على بدء؛إذ الأصل في منشأ الدولة التاريخي هو ثبات الأسلاف –الأمازيغ أولا ،ثم بمعية العرب لاحقا– في خريطة شديدة الإغراء- إذن الخطورة - توالت مداهماتها برا وبحرا من جميع جهاتها.
تعددت الأسباب طبعا ،لكنها لاتخرج عن كونها اقتصادية توسعية ؛حتى وان اكتست مسوحا دينية أحيانا.
وعليه فلم يكن المغرب القديم من السذاجة بمكان،حتى يُفرط في سواعد رجاله ،وأرحام نسائه،وهو مقصد الجميع ،الأقوياء غزاةً، والضعفاء مهاجرين .
مطلب حضانة الأبناء ،اليوم،لايعني الانكفاء على الذات ،الذي يجعله الموقع المنفتح مستحيلا؛بل يعني تحقيق ولو الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية و الاقتصادية للجميع ،حتى لا يُضطر للهجرة إلا من رغب،سائحا أو ساعيا لرزق أوفر .
وبعبارة أخرى انبعاث الدولة المستقطبة،من أطلال الدولة الطاردة: (تذكروا بالخصوص غارات شبابنا وأطفالنا على مدينتنا ؛حينما دعا النفير إلى ذلك).
الإرث المدني:
في خاطري ،أيضا، أن يقطع حمَلَةُ الفقه الإسلامي – لا أقول العلماء،لأن شرط العلم الحق جلي - مع الاجتهاد لإرضاء نصوص شرعية يرونها قطعية الدلالة،وسلفٍ لم يجتهد لهم أبدا؛للدفع في اتجاه اجتهاد يحقق حاجيات العصر ،وضمنها حاجيات مجتمع مغربي يسير نحو الحداثة ،سير مُلزَم ،إذا تخلف انقرض. (ودِّع هريرة إن الركب مرتحلٌ).
لقد تأخرنا كثرا في تحقيق هذا الاجتهاد الدينامي البناء؛وكأن العقل الدولتي الذي يُوقِّع العهود والمواثيق الدولية،هو غير العقل الموكول إليه تنزيلُها ميدانيا.
إننا لم نبرح ،بعد، استعادة الخطيئة الأصلية ،بل وتفريعها إلى خطايا ؛نتوههما كلما دعا الداعي المدني إلى الإصلاح العقلاني الحق؛في جميع القضايا ذات الاختلاط بالدين.
لو كان الدين- أي دين - كابحا صارما لبناء المجتمعات، وفق متطلبات عصرها ،لكُنا اليوم ،لانزال على عقائد اللات والعُزَّى ومناة ،أو ياكوش ،وبَعْلٍ وغيرهما.
لقد كان البعث إيذانا بدولة الإسلام المدنية ،المحطمة لكل الأصنام،وكل الأرباب ،حتى التي رأى الشاعر العربي الثعالب تتبول عليها:
(أربّ يبول الثعلبان برأسه؟**لقد ذُلَّ من بالت عليه الثعالبُ).
هي دولة حكمها الأصل المدني ،وحاجيات المستضعفين ،في مواجهة طواغيت الوقت؛فكيف ينكفئ كل هذا ،ويصير المدنيون علمانيين ،لا يُرى فيهم ،ومنهم، غيرُ تقويض الدين؟.
طبعا خالطت المنشأ المدني اختلالاتٌ ،كبرت مع القرون ،كرةً للثلج والجمود ،وصارت جِرما عظيما يحطم أضلع من يشاء، حفاظا على ركود قاتل ،وأسمال كأسمال الفراعنة ،لم يعبُر بها الأزمنة غيرُ التحنيط،وقد كان علميا كيميائيا ،ياللمفارقة.
للذكر مثل حظ الأنثى:
إذا قسمنا اليوم حظوظهما في العلم،الفن،الشعر،الفلسفة ،الفيزياء والكيمياء وما تشاؤون.
وفي السياسة ،المناصب،الجندية،وغزو الفضاء ،وما تشاؤون عروجا..
وزد الرياضة،كرة القدم،السباقات والسباحة ،وماتشاؤون .
وهلم تسوية ،أو جدت العظمة الإلهية كل شروطها ؛ولم يُترَك للخلق أن يبدل فيها ،إلا واقعا تحت ضغط العصر وثقافته ؛وليس حتمية البيولوجيا.
ومناط الحكم بعدم التسوية راجع إلى الضغط الثقافي ،ومتطلبات مجتمع ذكوري قديم ،لايخرج عن كونه ناهبا أو منهوبا ؛صائلا أو دافعا للصائل.
"أنتم أدرى بأمور دنياكم " وما في معناها من نصوص في مرتبتها أو أعلى منها، لا تتقيد بخصوص السبب ،بل بعموم اللفظ ،الذي يستدخل المصالح المرسلة في كل زمكان.
لحظة هذا التشريع لم تكن طفرة كلام غير مُؤَسس- وما ينطق عن الهوى - بل مستحضرة لكل ما سبق من نصوص شرعية. وان لم يكن هذا هكذا انحل النسيج الديني كله.
وهل يستقيم مع أمور دنيانا اليوم أن نقطع يد السارق ،لنعفيه من العمل كلية ؛ونضطر لتلبية حاجياته المعاشية من المال العام؟
وهل يستقيم معها الرجم - في حق الشيخ والشيخة- حتى الموت ،لزلل بيولوجي لاسلطة عليه إلا قيمية وأخلاقية.وبعد الرجم ما مصير الحمل إن حصل علوق؟
وهل يقبل منا العصر –والمواثيق الدولية – أن نقيم أسواقا للرقيق في حواضرنا ؛على غرار ما جرى به العمل،جهارا نهارا ،وصولا إلى مطلع القرن العشرين؟
أي دور للمجالس العلمية؟
سبق أن دفعت في اتجاه نعتها بالمواقف ،وليس المجالس؛إذ ليست مجالس للشاي،وتبادل النشوق؛بل يفترض فيها أن تكون أوراش بناء للفقه الجديد ،الذي يخدم التنمية ،مستعيدا مدنية الدولة الأولى التي أطاحت بالأصنام والجمود الفكري والجبروت.
نعم أوراش للفقه الجديد ؛في ظل إمارة للمؤمنين ،توالى منها الاجتهاد ؛وما انعقدت إلا له،لأن الجمود موت ، لايتطلب إمارة.
وكأني بها اليوم، في خضم نقاش الحكامة الفقهية ، أوراش ميكانيكية لتصنيع الفرامل ليس إلا؛والحال أن محركات التنمية تتطلب قطع غيار عديدة؛مولدة للدفع .
ومادمنا ضمن مجال ،في خاطري أن أنعته بالإرث المدني المغربي؛أترضى هذه المجالس/المواقف بكل مظالم التعصيب- خصوصا التعصيب بالنفس - في حق النساء؟ كيف ينهض العصبة الذكور من وراء وراء ،للإجهاز على حق البنات والزوجة في كل الميراث؛ وهو مستحق لهن بالمساهمة فيه؛والحال أن هذه العصبة قد لاتدري حتى بمرض موت الهالك ،والأحرى أن تكون سندا له في حياته ،حتى تستحق بعضا من ميراثه؟
ألا تكفي كل قرون تعطيل الحقوق –القائمة عقلا وشرعا- لنواصل تكريس الاستفادة من الباطل؟
كم من أرملة طردتها العصبة من منزل الزوجية ،لتتوزع نصيبَها الكبير منه ، على هواها ،وهي تعلم ألا حق منطقيا لها فيه؟
ليبكِ النص المعتمد إذا أراد البكاء؛ولِتُكَفكَف دموعُ الأرامل والبنات؛ إذْ اشتغال المواقف العلمية الفقهية ،يجب أن يكون لحركية المجتمع وليس لجمود النص.
إن اللااجتهاد يتجاوز مجرد تعطيل حركية المجتمع ،ومسار التنمية الاقتصادية عموما ، إلى بناء صرح كامل من التحايل على النصوص الحالية،وإبداع صيغ كثيرة لرفع الحرج ،في شتى المجالات ذات الارتباط بالفقه.
لاخلاص إلا في مدنية الدولة ،وفي الإرث المدني العادل ؛فحيثما ظهرت المصلحة فثمة شرع الله.
وبعد هذا لاوجود لأي مانع – عقلي أو شرعي - يمنع الهبة والصدقة بين الورثة بعد القسمة؛ على غرار انتفاء المانع بالنسبة لمن يرغب منهم في تبذيرها تبذيرا.
ولاحائل شرعيا يحول دون اعتماد الوصية للورثة ؛تثبيتا من الهالك في حياته لحكم "للذكر مثل حظ الأنثيين".
وأغلب الظن ألا يلجأ الناس إلى هذا النوع من الوصية "الاجتهادية" إلا نادرا.(على أي الناس أحرار في دينهم،فكيف لا يكونون طلقاء اليد في أموالهم؟.
هذا "الإرث المدني " من المغرب الذي في خاطري؛وهو كما ترون لايعطل الإرث الشرعي.
ولنا في تجربة السنغال خير نموذج يُحتذى.
حتى لاتُحرَمَ أرملة أو بنت – في أسرنا النووية اليوم- من مال مستحق لها عقلا،ومساهمة؛قل أو كثر.
وفي هذا فلتجتهد المواقف "العلمية".
والى حلقة أخرى من مغرب آخر في خاطري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.