1. الرئيسية 2. لهيب الصحراء لهيب الصحراء - خاتمة [ 34 ] محمد الساحلي الخميس 20 أبريل 2023 - 21:14 رواية لهيب الصحراء هي حكاية عن مقاتل داعشي يراجع أفكاره خلال عملية بين ليبيا والمغرب حين يكتشف فساد أفكار داعش، وتحكم بعض الأنظمة العربية فيها. خلال رحلة أبي حفص عبر صحراء ليبيا، متوقفا في مخيمات تيندوف في الجزائر، يكتشف العلاقات السرية بين أمير داعش في ليبيا والمخابرات الجزائرية. يجد أبو حفص نفسه في مواجهة التناقضات التي يرزح تحتها الفكر الداعشي، وكيف أن القادة يصطادون الشباب مستغلين لحظات ضعفهم الإنسانية لملئ رؤوسهم بأفكار متطرفة وفاسدة. حين يقرر أبو حفص التخلي عن العملية والهروب من سجن أفكار داعش، يجد أمامه ضابطا من المخابرات الجزائرية لهما معا تاريخ مشترك، وعندها تبدأ المواجهة، ويشتعل اللهيب في الصحراء. [ 34 ] بعدشهر: 1. نقرت الملازم آمنة بطرقات خفيفة على باب مكتب المقدم كمال، ودفعت الباب حين جاءها الرد من الداخل. "تفضلي بنيتي." أشار لها أبوها بالدخول فخطت مغتبطة، ثم توقفت دفعة واحدة واستقامت باعتداد وألقت التحية العسكرية حين رأت رجلا آخر يجلس رفقة والدها. "أقدم لك الرائد صلاح." أشار المقدم كمال إلى الشاب الجالس، فوقف ومد يده يصافح الملازم آمنة. "سعيد بلقائك ملازم أول آمنة. أهنئك على مهمتك المميزة في تندوف." نظرت إليه الملازم آمنة باستغراب وأرادت أن تصحح، لولا أن انطلقت ضحكة أبيها عاليا. "أفسدت عليّ المفاجأة أيها الرائد. لم أخبرها بعد." "آسف، لم أكن أعلم." احمر وجه الرائد صلاح وغمغم معتذرا. تحرك المقدم كمال بعيدا عن المكتب واحتضن ابنته. "مبروك الترقية بنيتي. أنت أسرع ضابط في الجهاز يترقى من ملازم إلى ملازم أول. أنا فخور بك." "شكرًا. أتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنك، وظن الوطن." ابتسمت آمنة محرجة، ثم همست مترددة. "أتمنى ألا تكون الترقية السريعة جاءت لأني ابنتك." "مستحيل،" ارتفعت ضحكة الرائد صلاح. "الكل يشهد بنزاهة المقدم كمال، ولا يمكنه إطلاقا استغلال سلطته لغايات شخصية." احمر وجه آمنة وخفضت رأسها معتذرة. ربت المقدم كمال على كتفها وطلب منها الجلوس. "بدأ الرائد صلاح مؤخرا تكوين فريق عمل خاص للمهام الصعبة، اسمه المكتب العاشر. وقد طلبك لتكوني قائدة الفريق الميداني." رفعت الملازم أول آمنة عينيها واجتاحتها مشاعر متداخلة من النشوة والفضول. "ما رأيك؟" سألها الرائد صلاح. "موافقة طبعا." رفعت كتفيها وابتسمت. 2. خطى العميد أحمد بخطوات واسعة عبر رواق المستشفى العسكري في الجزائر العاصمة حتى وصل إلى غرفة في آخر الممر، وطرق على الباب ثم دفعه حين جاءه صوت العقيد حسن من الداخل. "كيف حالك اليوم حسن؟" سأل العميد أحمد وتقدم إلى النافذة يفتح الستارة. "دع بعض النور يدخل الغرفة يا رجل." زم حسن شفتيه وغمغم بكلام لم يصل مسمع أحمد. تقدم أحمد وجلس على الكرسي الوثير المواجه للفراش. "ما الجديد هذه المرة؟" جاء صوت العقيد حسن يائسا أكثر مما كان يشتهي. بدا التردد واضحا على وجه العميد أحمد، ثم قرر أن يلقي بالخبر رغم كل شيء. "وقع المدير اليوم على قرار منحك إجازة مطولة." "تقصد إحالة مبكرة على المعاش." "دعك من هذا اليأس يا حسن. لا تعتبره تقاعدا مبكرا، بل هي ترقية لو تعلم. أتيت لك بالبديل. هل توافق على منصب مستشار أمني في الديوان الأميري لدولة—" قاطعه العقيد حسن وهو يدير رأسه إلى الجهة الأخرى، مغمغا بنبرة حسرة لم تخفَ على أذني العميد أحمد. "أنا موافق." 3. ردت الملازم أول آمنة التحية العسكرية التي ألقاها الجندي الواقف على باب غرفة أبي حفص في المستشفى العسكري في الرباط وأفسحت المجال للممرضة لتخرج قبل أن تدخل. "كيف حالك اليوم عمر؟" "الحمد لله، أصبحت بأفضل حال،" رد عليها أبو حفص وهو يعتدل في جلسته، "أعتقد لا حاجة لبقائي في المستشفى أكثر من هذا." ضحكت آمنة والتقطت اللوح الطبي المعلق على الفراش وراجعته بسرعة. "الحمد لله. أرى أن كل معدلاتك الحيوية عادت لطبيعتها." "إذًا، متى يمكنني المغادرة حضرة الملازم آمنة؟" عقد عمر ذراعيه وقطب حاجبيه متظاهرا بالجدية. تقدمت آمنة وجلست على طرف السرير، واضعة ساقا على أخرى، وقطبت بدورها حاجبيها مقلدة أبا حفص. "أولا، من قال بأنك ستغادر؟ ثانيا، لم أعد ملازما،" ورفعت ضحكتها، "أصبحت الآن ملازما أولا." مال عمر إليها ووضع راحته على يدها. "مبروك. تستحقينها." توقف عن الكلام فجأة ولاحظت آمنة أنه يصارع فكرة ما في رأسه لا يعرف كيف يعبر عنها. ابتسمت في وجهه، وسألته. "ما رأيك بالعمل مع المخابرات المغربية؟" "كيف؟ تقصدين بأن أقدم لكم كل ما أعرفه عن داعش؟" "تعرف أنك ستقدم لنا كل ذلك،" وأحنت رأسها بخجل، "مقابل الحرية واللجوء." "نعم أفهم ذلك." "قصدت أمرا مختلفا." وقفت آمنة وذرعت الغرفة قليلا، ثم استندت على النافذة. "أنشأنا مؤخرا فريق عمليات متخصص في مكافحة الأنشطة الارهابية. هل تقبل بالانضمام للفريق؟" "حقا؟ أهذا ممكن أصلا؟" "أقصد كمستشار للفريق و —" "موافق طبعا." * * *