عادت موريتانيا إلى المواقف الغامضة بشأن قضية الصحراء، وذلك بعدما استقبل رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، أحد زعامات جبهة "البوليساريو" الانفصالية، وهو عمر منصور، بصفته مبعوثا شخصيا من طرف زعيم الجبهة إبراهيم غالي، قبل أن يلتقى مجموعة من قيادات الجبهة بأحزاب الأغلبية الموريتانية باستثناء حزب "الإنصاف" الحاكم. واستضاف الرئيس الموريتاني عمر منصور، الذي تمنحه جبهة "البوليساريو" صفة "وزير الداخلية" بمخيمات تندوف، باعتباره موفدا من زعيمها حاملا رسالة خطية من هذا الأخير تتعلق ب"بتطورات القضية الصحراوية على ضوء مجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي قام خلال الأسابيع الماضية بجولة داخل المنطقة" على حد توصيف الجبهة. وفي نهاية الأسبوع الماضي، ومباشرة بعد هذا الاستقبال، التقى وفد الجبهة الانفصالية بالأحزاب الموريتانية المحسوبة على صف الأغلبية، غير أن الحزب الذي ينتمي له رئيس الجمهورية غاب عن المشهد، إلاّ أن قيادات التجمع الوطني للإصلاح والتنمية وحزب قوى التقدم، المشاركة في الائتلاف استضافت المبعوثين الانفصاليين الساعين لكسب دعم نواكشوط ضد مقترح الحكم الذاتي المغربي. والمثير للانتباه أن هذه الخطوة تأتي عقب بروز ملامح تقارب كبير بين الرباطونواكشوط على عدة مستويات، فبتاريخ 27 شتنبر 2022 أجرى عبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، مباحثات مع مسغارو ولد سيدي لغويزي المدير العام للأمن الوطني الموريتاني، واتفق الطرفان على التعاون في مجال التكوين والتعاون الأمني بين البلدين. ويأتي ذلك أيضا بعد أن اصبحت موريتانيا طرفا في مشروع استراتيجي كبير، هو خط أنابيب الغاز المغربي النيجيري، الذي يمر من الصحراء المغربية، حيث انضمت الشركة الموريتانية للهيدروكربورات و شركة "بتروسن" السنغالية، إلى المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن المغربي وشركة النفط الوطنية النيجيرية، لإنجاز المشروع الذي سيضمن الأمن الطاقي لكل دول غرب إفريقيا. وكان ستافان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء، قد اختتم الشهر الماضي جولته في المنطقة، بزيارة نواكشوط أين استقبله رئيس البلاد ولد الشيخ الغزواني، قبل أن يقدم تقريره لمجلس الأمن، ورغم أن موريتانيا لا زالت تعترف رسميا بما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، إلا أن المملكة تحتفظ بعلاقات إيجابية معها نظير مواقفها المحايدة.