نظرا للصعوبة البالغة في الوصول إلى المخزون التراثي الشفوي، لكونه قديم وغير مدون ورواته في الأغلب من النساء، إضافة إلى اختلاف الروايات في المنطقة الواحدة وصعوبة نقلها إلى لغات أخرى. وفي ظل ندرة المراجع التي تناولت الحكاية الشعبية الأمازيغية، رأى النور في الآونة الأخيرة كتاب قَيم في بابه، ثمين في مادته، يتعلق الأمر هنا ب "الحكاية الشعبية الأمازيغية بالريف (عشر حكايات من قبيلة إبقوين)" لصاحبه الدكتور عبد الصمد مجوقي، الذي أهداه إلى الأنثروبولوجي العصامي الأستاذ عبد العزيز طليح فرج الله كربته. وقد صدرت طبعته الأولى منذ أيام قلائل فقط عن مطبعة الحمامة بمدينة تطوان، صمم غلافه الخارجي الأنيق محمد شيبلا، في حين حملت الصورة الخارجية المعبرة والدالة توقيع الفنان أحمد عبد الخالقي، بينما راجع النص الأمازيغي الأستاذ المتخصص أشرف أوراغ، دون أن ننسى تقديم الكتاب بقلم الأستاذ عزالدين بوقيش، الذي بين فيه قيمة الكتاب من الناحية التوثيقية والتحليلية، وظروف ولادته بعد مخاض عسير، فضلا عن مراحل إنجازه والصعوبات المختلفة التي اعترضت مؤلفه. وأتى مشتملا على مائتين وسبعة عشر صفحة من الحجم المتوسط، ومقسما إلى قسمين رئيسين: الحكاية الشعبية الأمازيغية بالريف وعشر حكايات من قبيلة إبقوين، وفصلين الأول خصص لتحديد الحكاية الشعبية وأصنافها، مع تفريعات ثلاث: مفهوم الحكاية الشعبية وأصنافها، وبعض أشكال القص المتقاطعة مع الحكاية الشعبية، وتشابه الحكايات في لغات أخرى. بينما الثاني عالج فيه الكاتب الخصائص المميزة للحكاية الشعبية الأمازيغية، مع تفريعات ثلاث كذلك: خصائص السرد في الحكاية الشعبية، وشخصيات الحكاية الشعبية الأمازيغية، ووظيفة الحكاية الشعبية، مع ضرورة الإشارة إلى استئثار المتن الحكائي بنصيه الأمازيغي والعربي بغالبية الصفحات (148). ومما ورد في الغلاف الخارجي لهذا السِّفر القيّم: (لقد حاولنا قدر جهدنا تلمس بعض ملامح الحكاية الأمازيغية الريفية، من خلال الوقوف على بعض خصائصها ومميزاتها الكثيرة، لذلك عملنا جاهدين على البحث عن بنيات مميزة لها، دون إغفال إعطاء تعريفات أولية لبعض أشكال القصص الشعبي، كما ارتأينا تقديم لمحة عن بعض توظيفات الحكاية الشعبية اليوم، لنختم بذكر عشر حكايات بالأمازيغية مع ترجمتها إلى العربية). ومما يجدر ذكره هنا، أن الدكتور عبد الصمد مجوقي من مواليد مدينة الحسيمة، حاصل على شهادة الماستر في تخصص التراث الشعبي والتنمية سنة 2011م، من كلية الآداب بجامعة محمد الأول بوجدة، ليتبعها سنة 2021 م بحصوله على شهادة الدكتوراه تخصص دراسات ثقافية، من كلية الآداب بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، صدر له كتاب "المقاومة الريفية من خلال الشعر الأمازيغي الريفي – دهار أوبران نموذجا"، عن منشورات المندوبية السامية للمقاومة في طبعتين (2014- 2021)، كما نشر عددا من الدراسات في كتب جماعية محَكّمة منها "المسرح الأمازيغي بالحسيمة وإشكالية التوثيق" و"رمزية الحمار في المثل الأمازيغي" و" إيزران وثيقة ترصد التغير الاجتماعي بالريف" و" مساهمة آيت تمسمان في نشأة المقاومة وتطورها".. كما نشر بعضا من مقالاته بعدد من المنابر الإعلامية الورقية منها والإلكترونية.