أصبحت ألسن وسائل الإعلام الجزائرية والعديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الموالية للجيش ولرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تلوك عبارة "الحرب" أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعد التوعد الصادر من قصر المرادية ب"العقاب" في حق المغرب عقب إعلان عن مقتل 3 جزائريين في هجوم قال إن مصدره القوات الجوية المغربية، حتى مع اتضاح أن مكان الواقعة كان داخل المنطقة العازلة في الصحراء. ولم يصدر عن المغرب أي رد رسمي إلى حدود الآن بخصوص ما جرى، ومع صدور تصريحات شبه رسمية تتحدث عن أن الأمر يتعلق بانفجار شاحنتين كانتا تحملان الذخيرة لمسلحي جبهة "البوليساريو" الانفصالية داخل حقل للألغام، برزت تصريحات أخرى نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية تتحدث عن أن المغرب "لن ينجر إلى الحرب مع الجزائر"، وهي الحرب التي تُظهر تنبؤات المحللين العسكريين والسياسيين أنها إن قامت لن تُحسم بسهولة لصالح أي من الطرفين. وتميل أغلب التحليلات إلى توقع عدم دخول النزاع المسلح بين الجيشين الجزائري والمغربي، إن حدث، في حرب شاملة سيمتد تأثيرها إلى كامل المنطقة المغاربية وغرب إفريقيا والعديد من دول أوروبا الغربية المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، ما يُرجح أن يكون السيناريو الأقرب للواقع هو اشتعال المعارك داخل نطاق جغرافي ضيق على طول الحدود الفاصلة بين الجزائر والمنطقة العازلة من الصحراء المغربية البالغة 42 كيلومترا، ما يعني أن المواجهة ستكون بين القوتين البرية والجوية وسط جغرافيا صحراوية صعبة. التفوق الجوي.. الظاهر والخفي ويعطي موقع "غلوبال فاير باور" الأمريكي المتخصص في القدرات العسكرية، مقارنة تقريبية بين الجيشين المغربي والجزائري على مستوى القدرات العسكرية الجوية والبرية، وبقراءة الأرقام الخاصة بسنة 2021 المتعلقة بقدرات سلاح الجو لدى كل طرف، يتضح أن الكفة تميل إلى الجزائر من خلال توفرها على عدد أكبر من الطائرات العسكرية ب551 وحدة مقابل 249 للمغرب، لكن هذا الفارق يتضاءل جدا بالاطلاع على عدد الطائرات المقاتلة تحديدا، إذ يصل إلى الرقم لدى الجزائر إلى 102 مقابل 83 لدى المغرب. وبخصوص الطائرات المروحية، يقول الموقع إن الجزائر تتوفر على 268 منها 45 هجومية، مقابل توفر المغرب على 64 دون أي طائرة "هيليكوبتر" هجومية، وهو رقم غير دقيق انطلاقا من أن شركة "بوينغ" ووزارة التجارة الأمريكية أعلنتا سنة 2020 بشكل رسمي أن الرباط عقدت صفقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل الحصول على 24 مروحية قتالية من طراز أباتشي AH-64، وهي الطائرات التي من المفروض أن المغرب توصل بأولى الدفعات هذه السنة. ويغفل المؤشر الأمريكي أيضا حساب الطائرات المسيرة عن بُعد "الدرونز" التي أصبحت كلمة السر في التفوق الجوي المغربي على "البوليساريو" خلف الجدار الأمني، والتي أشارت إليها الرئاسة الجزائرية أمس عند حديثها عن استهداف القتلى الجزائريين ب"سلاح متطور"، وفي الوقت الذي لا توجد فيه أي تقارير دقيقة على حصول الجيش الجزائري على طائرات هجومية أو استطلاعية منها، أصبح في حكم المؤكد أن المغرب يتوفر على درونات بيرقدار TB2 التركية وهيرمز 900 الإسرائيلية، والأقوى عالميا MQ-9-Reaper الأمريكية. تفوق مغربي في البر أما على مستوى القوات البرية، ووفق المؤشر الأمريكي، فتميل فيها الكفة لصالح القوات المغربية التي تحتل الرتبة العاشرة عالميا في قوة الدبابات البالغ عددها 3033 دبابة مقابل 2024 دبابة لدى الجزائر، علما أن الرباط كانت قد دخلت في صفقات متتالية مع واشنطن لتحديث قواتها البرية تضمنت اقتناء دبابات "إم 1 إي 1 أبرامز"، بعد أن كان قد حصل على دبابات أمريكية أخرى من طراز "إم 60′′، علما أن الجيش المغربي يستخدم خلال مناوراته أيضا دبابات فرنسية وصينية وحتى روسية، التي تمثل العمود الفقري للقوات الجزائرية البرية. وعلى مستوى المركبات المصفحة يحتل المغرب الرتبة 13 عالميا بتوفره على 8000 وحدة مقابل 7000 لدى الجيش الجزائري، كما يتفوق في عدد الآليات المدفعية ذاتية الدفع بتوفره على 510 قطع منها مقابل 324 قطعة لدى الجزائر، لكن هذه الأخيرة تتفوق رقميا في عدد راجمات الصواريخ ب300 قطعة مقابل 144 في الجانب المغربي، وذلك وسط تكتم رسمي من الطرفين على طبيعة وحجم العتاد البري، حتى مع وجود تقارير عدة تتحدث عن تطويره بشكل كبير في السنوات الأخيرة. مواجهة بين "إس 400′′ و"باتريوت" وفي حال ما اشتعلت الحرب بين البلدين بشكل فعلي، فالمنتظر أن يبرز دور منظومات الدفاع الجوي بشكل أوضح في فرض التفوق العسكري لإحدى القوتين على الأخرى، وذلك وسط شح المعلومات بخصوص قدرات كل بلد في هذا المجال، رغم وجود تأكيد روسي على أن الجزائر تتوفر على منظومة "إس 400" منذ سنة 2015 مقابل تأكيد أمريكي رسمي العام الماضي لخبر تزويد المغرب بمنظومة "باتريوت" التي تُصنف بأنها الأكثر كفاءة في هذا المجال. وكانت تقارير روسية قد أكدت أن موسكو زودت الجيش الجزائري بمنظومة "إس 400" كأول دولة أجنبية تحصل عليه، وفي نونبر من سنة 2020 أكدت الجزائر بشكل شبه رسمي توفرها على هذه المنظومة حين عرضت صورا لصواريخ "إسكندر إي"، وحينها أكدت شبكة "روسيا اليوم" أن الأمر يتعلق بجزء من صفقة تشمل منظومة الدفاع الجوي. وفي دجنبر من سنة 2020 أكد تقرير لوزارة التجارة الأمريكية أن واشنطن وافقت على بيع الرباط منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" المتطورة، القادرة على التصدي للطائرات والصواريخ الباليستية، ورغم عدم وجود أي توضيحات مغربية بخصوص هذه الصفقة ومواقع نشر البطاريات، فإن المؤكد هو أن هذا الأمر يدخل في إطار ضمان الأمريكيين لحليفهم العسكري في المنطقة المغاربية توازنا مع جاره المعتمد بنسبة كبيرة على التسليح الروسي لضمان تفوقه الميداني.