تدريجيا، يتضح أن ما ورد في بلاغ الديوان الملكي مساء الخميس الماضي حول الإعفاء السريع لنبيلة الرميلي من منصبها كوزيرة للصحة والحماية الاجتماعية بعد أسبوع واحد من تعيينها، من كون هذه الخطوة أتت بطلب منها لرغبتها في التفرغ لرئاسة المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء، ليس إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد الذي بات رئيس الحكومة عزيز أخنوش مطالبا بإذابته حتى لا يُسجل عليه فشل تاريخي في امتحان اختيار الكفاءات التي يفترض أن تعمل على تنزيل البرامج الاستراتيجية للدولة خلال السنوات الخمس المقبلة. واستغرب الكثيرون "الاستفاقة المتأخرة" للرميلي التي لم تنتبه إلى أنها تدير مدينته هي الأكبر في المغرب بتعداد سكاني يصل إلى نحو 6 ملايين نسمة، مع وزارة تحمل مسؤولية الملف الأبرز الذي يذكر الملك محمد السادس بإشرافه المباشر عليه في كل خطاباته، وهو ملف الحماية الاجتماعية، إلا بعد أسبوع من أدائها القسم في القصر الملكي بفاس، لكن ما نشرته مجلة "تيل كيل" في نسختها الورقية يوم أمس الجمعة، يبرز أن الأمر ليس كذلك، بل يتعلق ب"الهاجس الانتقامي" الذي أبانت عنه الوزيرة المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار. فحسب المجلة الناطقة بالفرنسية، لم تتباطأ الرميلي في إصدار قرارات الإعفاء في حق مجموعة من "خصومها"، أولهم هو المفتش العام لوزارة الصحة وهو نفسه الذي صاغ التقرير الذي أدى إلى عزلها عندما كانت مديرة لقطاع الصحة بجهة الدارالبيضاءسطات قبل أشهر، وثانيهم المديرة الجهوية لتحاقن الدم بالعاصمة الاقتصادية، والتي كانت لديها صراعات مع الرميلي، لدرجة أن قرار الإعفاء السريع لم يفاجئها. ولا يبدو أن الرميلي استمعت إلى الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الولاية التشريعية الجديدة، الذي تطرق لمشروع تعميم الحماية الاجتماعية، مبرزا أن "التحدي الرئيسي يبقى هو القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية طبقا لأفضل المعايير وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص"، ولا يبدو أنها أصغت حتى للبرنامج الحكومي الذي عرضه رئيسها في الحكومة والحزب، عزيز أخنوش، أمام البرلمان بمجلسيه الذي جعل من إصلاح قطاع الصحة أحد ركائز خيار الدولة الاجتماعية الذي تبنته الحكومة. ويبدو الأمر غريبا ومحرجا لأخنوش بكل تفاصيله، فإلى جانب أن الإعفاء كان بعد أسبوع واحد من التعيين، كان البديل هو وزير الصحة السابق خالد آيت الطالب، الذي سلم للرميلي حقيبة بقطاع واحد ثم عاد لاسترجاعها بقطاعين، وكأن في الأمر رسالة إلى رئيس الحكومة الجديدة مفادها "أنك عجزت عن إيجاد الشخص المناسب لتولي هذه المهمة، فما عليك إلا أن تستعين بشخص من الحكومة السابقة". متابعة