لا يختلف اثنان على أن الناظور يتميز بموقع جيو استراتيجي جد مهم فهو البوابة الأقرب إلى الشرق الأوسط وعموم قارة آسيا، علاوة على قربه من أوروبا ومحاذاته للمياه الأطلسية، ويتميز بتوفره على سواحل شاسعة غنية بالثروة السمكية. وكما أن الإقليم هو الوحيد على الصعيد الوطني الذي يتوفر على ثلاثة مناطق رطبة غنية بتنوعها الايكولوجي: مصب ملوية وبحيرة مارتشيكا ورأس ورك، إضافة إلى غابة كوروكو التي تعتبر رئة الإقليم التي تحافظ على التوازن البيئي بالمنطقة. ويتوفر الإقليم كذلك على ثلاثة سهول خصبة تتوفر على أجود الأراضي المسقية في الجهة الشرقية حيث يتعلق الأمر بسهل صبرة وسهل بوعرك وسهل كرت. أما في الإرث التاريخي للإقليم فهو يزخر بالعديد من المواقع الأثرية كإفري نعمر بأفسو، و قصبتي سلوان وفرخانة، علاوة على تواجد العديد من المدن الأثرية المنسية كثازوضا و غساسة و مدن رأس هرك. بالإضافة أن الإقليم يتوفر على موروث كولونيالي يتسم بتواجد العديد من المواقع التي تجعله أحد الأقطاب السياحية بالمنطقة، أما في مجال البنية التحتية فالإقليم يتوفر على مطار دولي إضافة إلى ميناء دولي و خط سككي يربط ميناء بني انصار مع أهم الأقطاب الصناعية بالمغرب، فضلا عن مشروع إحداث ميناء طاقي وتجاري سيكون الثاني على المستوى الافريقي. و كما يعرف الإقليم إحداث مناطق صناعية عديدة وكما يتوفر الإقليم على مشاريع للبنية التعليمية كمدينة المهن و الكفاءات، و المدارس العليا علاوة على كلية متعددة التخصصات . أما في المجال البنكي فهو يعتبر أحد أهم الأقاليم في المغرب الذي يتوفر على ودائع بنكية بفضل التحويلات المالية المهمة لأبناء الجالية المنحدرون من االناظور . هذا فضلا على أن الإقليم يعتبر الأكبر من الناحية الديموغرافية على صعيد جهة الشرق، وعلى هذا الأساس يمكن القول أن الإقليم يتوفر على ثروة بشرية ومالية واقتصادية وبيئية وفلاحية قادرة على تحوله إلى قاطرة للتنمية على الصعيد الوطني، وفي مقابل هذا هل يتوفر الاقليم على نخبة قادرة على تثمين هذه الثروة المهمة وبلورة مشروع للتصميم الجهوي لإعداد التراب يرقى إلى تطلعات ساكنة الاقليم .؟ علما أن هذا التصميم المصيري سيربط مصير الاقليم والجهة لخمسة وعشرين سنة القادمة وهل يتوفر الناظور على نخبة واعية بحجم الانتظارات الراهنية و قادرة عل مواكبة مختلف التحديات التي تواجه الاقليم؟ .إن التصميم الجهوي لإعداد التراب حسب الدليل المتعلق بمسطرة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب و تحيينه وتقييمه يعد وثيقة مرجعية تمكن من بلورة منظور التهيئة المجالية وتحديد توجهاتها على مدى خمسة وعشرين سنة على صعيد الجهة. كما يضع إطارا عاما للتنمية الجهوية المستدامة و المنسجمة بالمجالات الحضرية و القروية. ومقترحات مشاريع ترابية ومهيكلة. فالاطار المرجعي للتصميم الجهوي لإعداد التراب هو روح دستور المملكة لسنة 2011 الفصل 143 .و القانون التنظيمي رقم14. 111 المتعلق بالجهات . و مرسوم رقم 583.17.2. بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب. على هذا الأساس يهدف التصميم الجهوي لإعداد التراب إلى تحقيق التوافق بين الدولة و الجهة حول تدابير تهيئة المجال و تأهيله وفق رؤية استراتيجية و استشراقية، بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية. فهو يشكل إطارا عاما للتنمية الجهوية المستدامة و المنسجمة بالمجالات الحضرية و القروية، ويسعى إلى تحديد الاختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة للجهة و تحديد مجالات المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها المهيكلة. في هذا السياق يؤكد تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي على أن التصميم الجهوي لإعداد التراب يشكل فرصة ثمينة لأجرأة الاستراتيجيات والسياسات العمومية بشكل أفضل و أن لا تعد مجرد إجراء تقني وشكلي و لا تؤدي إلى توزيع الاعتمادات بغرض إرضاء المنتخبين الذين تحركهم ارتباطاتهم وانشغالاتهم المحلية، بل ينبغي اعتبارها رافعة حقيقية للتنسيق بين الرؤى والعمليات ذات البعد الجهوي.و من هذا المنطلق يتضح أن التصميم الجهوي لإعداد التراب يحتاج إلى نخبة قادرة على تنزيله بما يلائم الوضع الاعتباري للإقليم الذي حظي في العقد الأخير بعناية خاصة من أعلى السلطات بالبلاد، والتي أعطت تعليماتها السامية من أجل فتح العديد من الأوراش التنموية التي تهم مختلف المجالات، لكن في مقابل هذا فالإقليم رغم المكانة التي أضحى يعنى بها إلا أنه يفتقر إلى نخبة واعية بأهمية المرحلة وبحجم انتظارات الساكنة وتطلعاتها نحو المستقبل، ويتجلى هذا في غياب النخبة الناظورية في مسار إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب، حيث اختفى الصوت الناظوري في إعداد تصوره للإقليم و للجهة، وفي تثمين الموارد الطبيعية والبشرية التي تميز الإقليم، لذلك لم نرى أية استراتيجية للتهيئة المجالية و التشخيص الترابي للإقليم. أمام هذا الوضع الذي يرسم طبيعة النخبة السياسية الناظورية يبقى مستقبل الناظور غامض في ضل هذا الوضع السائد الذي يتسم بغياب رؤية استراتيجية محلية للنخبة السياسية من أجل تحقيق الانصاف الاجتماعي و المجالي، و تمكين الناظور من فعاليته الاقتصادية التي ينبغي أن تؤسس لنهضة تنموية شاملة تكون نموذج يحتذى بها في جميع أقاليم و جهات المغرب. *المنسق الاقليمي لجبهة العمل الأمازيغي