لا يختلف اثنان على أن البطالة ظاهرة مسلم بها عالميا و أن المغرب بلد تعشعش فيه البطالة منذ عقود بسبب سياسة المحسوبية و الزبونية و الفساد و الموظفين الأشباح .ووصلت ذروتها في الأونة الأخيرة بعد تولي الحزب الاسلامي مقاليد الحكم الذي ورث تركة مهمة من الملفات الحساسة من الحكومة السابقة و التي تشاركه زمام الحكم حاليا بعد حوارات مراطونية لتشكيل التحالف الحكومي الهش )العدالة و التنمية و الاستقلال و الحركة الشعبية و التقدم و الاشتراكية ( ولكن التعامل مع هذه الملفات الحساسة خاصة ملف التشغيل يبقى رهين ثقافة سياسية متشبعة بروح القانون و عدم الالتواء عليه لا من قريب و لا من بعيد و هذا ما حصل للأسف الشديد مع ملف الأطر العليا المعطلة التي تطالب بحق قانوني وهو الادماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية كما ينص على ذلك المرسوم الاستثنائي رقم 02/11/100 الصادر في تاريخ 08 أبريل 2011 الذي خرج من رحم المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك . وبدون الغوص في مدى قانونية و دستورية المرسوم لأنه استهلك من طرف الأساتذة و الباحثين في المجال القانوني و الدستوري و سالت مداد أقلام الكثير من الصحفيين و الغايورين على الشأن الحقوقي في المغرب و خارجه . لذلك ارتأيت التطرق الى نقطة هامة في هذا الملف و التي حركت أناملي و هي اقتراح السيد شكيب بنموسى رئيس المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي المحترم لحل معضلة المعطلين . السيد المحترم اقترح على رئيس الحكومة توظيف المعطلين الحاصلين للشهادات بالانتداب لمدة تتراوح بين 6 أشهر و سنة قابلة للتجديد مقابل أجر شهري و الاستفادة من التغطية الاجتماعية مع تسليم المعني بالأمر شهادة تعطيه حق الأولوية في التوظيف أثناء اجتياز المباريات المنظمة لولوج الوظيفة العمومية.و بعبارة واضحة الانتداب بعقود عمل محددة المدة 6 أو 9 أو 12 شهرا قابلة للتمديد مرة واحدة . وهذا الاقتراح مردود عليه من طرف كل من له غيرة على هذا الوطن لأنه نوع من أنواع التمييز بل قل هو التمييز بعينه الذي ما فتأ أعضاء الحكومة خاصة وزراء العدالة و التنمية يتبجحون بها في كل اطلالة اعلامية لنسف الحق المشروع للأطر العليا المعطلة -المرسوم الوزاري- و يصرحون بأن الدستور يحظور التمييز) ف (31 و أن قانون الوظيفة العمومية المحين يشترط اجتياز المباراة. كل هذا و ذاك لن أتطرق اليه لأنه في نظري على الأقل ترهات لا أساس لها من الصحة القانونية و الدستورية في شيئ و سندي في ذلك مبدأ عدم رجعية القوانين التي تشبع بها خريجوا كليات الحقوق و تم ترسيخه من طرف أساتذتنا الأجلاء بقولهم لا مكان لدولة الحق و القانون دون احترام الدولة للقانون . لكن ما يؤسفنا حقا هو هذه الحلول الترقعية التي يقترحونها لحل معضلة تشغيل المعطلين كيف يعقل لرجل تقلد منصب وزارة الداخلية سابقا أن يقدم مجلسه مثل هكذا اقتراح الذي ينم على تمييز محض لا لبس فيه و ربما القارئ لهذا الرأي سيجد حال لسانه يقول أين يتجلى هذا التمييز ? ببساطة و بدون فلسفة ايديولوجية و بالمختصر المفيد يتجلى هذا التمييز في تلك الشهادة التي تسلم لمن انتدب في الوظيفة -هذا اذا ما كتب لهذا الاقتراح تفعيله و هذا مستبعد – لكي تكون المعين في تقلده لمنصب وظيفي في القطاع العام حين اجتيازه المباراة .بمعنى أن هذه الشهادة عبارة عن جواز الأسبقية و الأولوية ان صح الوصف للتوظيف القار. ومن لا يتوفر على هذه الشهادة فلينتظرالزمان و المكان اللذين لا يعرف متى موعدهما سوى من كان المقهى مكتبه و الكرسي صديقه و الجريدة الصفراء عالمه . و في الختام أتساءل مع رئيس المجلس أعلاه أليس التمييز جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي ناهيك عن القوانين الدولية فان كان الجواب بالايجاب فدعوا السيد رئيس الحكومة لتفعيل المرسوم الوزاري الاستثنائي بدل الانكباب في اقتراح حلول مبتورة وان كان الجواب غير ذلك فأدعوك وأدعوا الحكومة لتعديل القانون الجنائي و اضافة فصول تجرم كل من تحصل على شهادة عليا من نظامكم الجامعي و حذف فصول جريمة التمييز حتى يكون اقتراحكم شرعي و ذو صبغة قانونية و دستورية دون احالة .