-منذ الإعلان عن نتائج الإنتخابات البرلمانية والتحاق كل بكرسيه ,لم يعد لبرلمانيي اقليم الدريوش الثلاثة أثر يذكر.فها هي المئة يوم من عمر البرلمان الجديد قد مرت ولا جديد.نواب الأمة الثلاثة ,فؤاد الدرقاوي وعبد الله البوكيلي والمختارغامبو يتفرقون حسب الخريطة السياسية التي أفرزتها الإنتخابات بين المعارضة والأغلبية التي تقود الحكومة.فالأول ينتمي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي اصطف في المعارضة ,لكن السؤال الذي سيطرحه المواطنين الذين انتخبوه اليوم ,ماذا سيقدم لنا سي فؤاد من منبر المعارضة.هل سيكتفي بالقول إنه في المعارضة ولا يملك شيئا في يده بل يملك لسانه فقط .أسئلة وأخرى سنحاول التطرق إليها في معرض مقالنا. النائب الثاني وهو عبد الله البوكيلي سليل العائلة البوكيلية التي حفرت اسمها على كراسي البرلمان ,بدوره تقوقع في صفوف المعارضة وسقط سهواُ بعدما التحق على غير عادة البوكليين بحزب الحمامة الذي يقوده تلميذ نجيب للبام.بدوره سنطرح عليه أسئلة من قبيل ,ماذا سيقدم السيد النائب لمنتخبيه في دائرة الدريوش الذين انتفضوا مؤخراُ في وجه أخيه رئيس المجلس البلدي وطالبوا برحيله ونادو بالكرامة والعيش الكريم ولم يقدم سيادة النائب والذي يجدر أنه يمثل الساكنة وهمومها أي مقترح ولم ينزل لمحاورة المحتجين ولم يقم بخطوة نحو تهدئة الأمور حتى لا تتطور كما حدث بتازة ,لكن تازة مختلفة تماماً فهناك تحرك النواب البرلمانيين وشمروا على سواعدهم وطالبوا بمقابلة رئيس الحكومة ,هذا هو دور ممثل الأمة يا سعادة النائب .هذا كله لا يعير اهتمامه وأنا متأكد من ذلك فالرجل مازال مصعوقا نظراً لحساباته الخاطئة عندما قرر الإلتحاق بحزب رأى قبل الإنتخابات أن رئيسه الحالي هو من سيقود الحكومة ,كما كان متداولاً ومستهلك إعلامياً.ومازال يتأمل أيضاً في الدور الذي سيلعبه الآن من خلال المعارضة خاصة أنه حامل لإرث ثقيل ,ورطه فيه أبوه .فما هو العهد الجديد الذي سيعاهد به المواطن ليغير النظرة النمطية المترسخة لعقود جراء الفشل في تدبير الأمور العامة حول آل البوكيلي ,الذين عششوا بالبرلمان ولم يلدوا لنا شيئاً. لنأتي للنائب البرلماني الثالث وهو المختار غامبو,الذي عاش طوالاً في أمريكا ويشغل أستاذاً في جامعة ” يال ” ورئيساً للمعهد المغربي – الأمريكي ,والذي انتخب مرشحاً من قبيلة بني وليشك وعن الإقليم عموماُ ببذلة الحركة الشعبية الذي كان وما يزال محمد الفضيلي رئيس المجلس البلدي لبن الطيب والنائب البرلماني السابق وخليفة رئيس مجلس المستشارين الحالي صقرها الأول بالمنطقة بالأخص .الحزب الذي ينتمي للأغلبية الحكومية والذي استطاع انتزاع أربع حقائب وزارية وهي الداخلية والسياحة والشباب والرياضة وتحديث القطاعات العامة. بدوره سنطرح عليه أسئلة مغايرة نوعا ما على المعارضين .فالرجل ضمن الأغلبية والقرارات الحكومية يشارك في صياغتها حزبه ,خاصة القطاعات التي يتربعون عليها.فماذا سيقدم وسينفع به المختار غامبو ساكنة الإقليم الذين انتخبوه باعتباره نائبا عنهم.وهل صحيح أن كرسي البرلمان يتقاسمه مع محمد الفضيلي بحكم أن غامبو كثير السفر والجولان والمشاغل العملية بأمريكا ,حتى أنه وهو في المغرب يتواصل مع طلبته بأمريكا عبر “السكايب” .أمر جيد لكن المواطن هنا يطلب منك يا أستاذ أن تبقى قربه ,تتحسسه ,تستمع لنبضاته وهمومه لأنك أصبحت نائب في مجلس الشعب .وكذا لضعف تجربته واطلاعه القاصر على الحياة السياسية بالمغرب ,وكواليس البرلمان التي يتخصص فيها الفضيلي.أسئلة مشروعة سيطرحها كثيرين بغية معرفة من ينوب عنهم ,أغامبو أم الفاضيلي . إن البرلمان والذي يمثل السلطة التشريعية الآن ,والحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية والمعارضة التي تعتبر عنصراً هاما في تنزيل الديموقراطية التشاركية إن استعملت صح,نابعين كلهم من اختيارات المواطن ويجب عليهم تحقيق مطالبه التي اغتصبت وسرقت منه في الحكومات والبرلمانات السابقة الزائلة.ومطالبين اليوم بتنزيل مقتضيات الدستور الجديد الذي أعطى لكل واحد منها مساحة للتعبير واتخاذ والمشاركة في اتخاذ القرار وفق قانون أسمى يضمن للمؤسسة هيبتها وللمواطن هيبته وكرامته.ويعتبر ممثلي الأمة بالبرلمان بغرفتيه نواب عن الشعب الذي اختارهم ليكونو حراسا على حقوقه ومكتسباته .وبدورهم يتحملون مسؤولية كبرى تتجلى في التشريع ,أي إصدار القوانين التي تتماشى مع الدستور.ولكل هذا فإن النائب البرلماني مطلوب منه الكفاءة والمصداقية والشجاعة ليكون بحق نائباً عن الشعب . بعودتنا لبرلمانيي إقليم الدريوش ,فإننا إذا تحدثنا عن كل واحد على حدة فسيكون ذلك أفضل وأوضح: فؤاد الدرقاوي :مقاول يستقل الجرار - فؤاد الدرقاوي الذي نزع قبة المقاول مؤقتاُ ليخوض معركة الإنتخابات البرلمانية ,وهو يركب الجرار كان ضحية حسابات سياسية ناقصة خذلته وقلت من شهيته السياسية وهو في بداية الطريق ,كيف ذلك . عند ترشح الدرقاوي اختار منذ البداية حزب الأصالة والمعاصرة لاعتبارات عدة منها أنه رأى فيه حزباً قوياً بوجود كوادر ريفية سبق وأن تعامل وعرفها سابقاً ,ستضخ دماء جديدة في العمل السياسي المغربي ,كما أن تحالف الثمانية الذي شكل قبل الإنتخابات والهالة الإعلامية التي صاحبته والتي وضعته في الحكومة أتوماتيكيا,عززت الثقة في نفس فؤاد ورأى نفسه في حزب سيقود المغرب مستقبلاً وسيضرب لنوابه وشخصياته ألف حساب .لكن كما يقال الصدمة كانت قوية ومزلزلة ,فبمجرد فوز الإخوان صرحوا بأن الأصالة والمعاصرة خط أحمر.رغم أن البام إجمالاُ حقق مرتبة جيدة وهي الرابعة.فضربت كل الحسابات الأولية عرض الحائط ولم يجدوا أمامهم غير الإتجاه نحو المعارضة ,التي سبق إليها حزب الحمامة قبل معرفة الخريطة الساسية الجديدة المشكلة بعد نتائج الإنتخابات ,الشيء ” لي جبد نحل ” على مزوار بعد ذلك . فؤاد في تلك الفترة انزوى وبدأ يطرح أسئلة على نفسه .ماذا سأقدم للذين وعدتهم بأنني سوف أدافع عن تشغيل أبنائهم من خلال حكومة سنقودها وسنحل المعضلات الإجتماعية الأخرى.بماذا سأواجه الناس عندما يسألونني عن حظ الإقليم في المخططات الوزارية والتي لم أطلع عليها أصلاً ,لأني ببساطة في المعارضة وأقلية لا حول لنا ولا قوة.لكن المواطنين وهذا يعلمه سي فؤاد جيداً لن يعير لكلامه هذا أي اهتمام ,فهم انتخبوه ليأتي لهم بالتغيير الذي انتظروه وحلموا به طوال عقود.كن معارضاً أو وزيراً ,المهم ماذا أنت فاعل ومغير.نسي سي فؤاد أنه عندما كان في حملته الإنتخابية يخاطب الناس بالإقليم ,ماذا كان يقول لهم .سأذكرك بذلك ,كنت تقول لعامة الناس إذا انتخبتموني ونجحت سنغير لكم الوضعية تدريجيا طبعاً.لكنه لم يفهم ويقول ويوضح لعامة الناس أميين ومثقفين ,لم يقل لهم :” وعليكم أن تعلموا أننا إن اصطففنا في المعارضة فهذا ما سيكون دورنا “.لم يقل ذلك ,إن الخطاب السياسي قبل ولوج البرلمان مهم جدا وهذا ما لم يحرص عليه أغلب النواب ,بل اتجهوا نحو ترديد الوعود الوردية المثالية طبعاً لكسب الأصوات ,ونسوا أوتناسو أنهم ملاحقون ومسؤولون أمام الشعب. عبد الله البوكيلي ..فين شتك لمن شبهتك - سليل امحمد البوكيلي الذي تربع على كرسي البرلمان لأربع ولايات باسم الإتحاد الدستوري ,حزب الإدارة العتيد الذي لم يظفر بدوره بحقه في الكعكعة رغم توسله وتمرغه في التراب.لكن الإبن عبد الله والذي يرأس المجلس الإقليمي للدريوش ترك الحصان وتقاليد الأب ,واختار العصرنة والليبرالية والسلام والحمام .لكنه بدوره سقط سهواً وكان ضحية حساباته الخاطئة عندما ظن أن الرئيس الحالي للحزب ” مزوار” والذي كان من عرابي تحالف الثمانية وكما اعتقد كثيرين سيظفر برئاسة الحكومة كما وعده الأب الروحي ” البام” ,الشيئ الذي كان جلياً في خرجات وقفشات مزوار,حيث كان واثقاً من أنه سيصبح أول رئيس حكومة جديد بالمغرب ,لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن البوكيلي ووجد نفسه في حزب معارض يعادي الأغلبية وخرج مبكراً للمعارضة بتوجيهات من الأب الروحي .ورأى أنه وبقية النواب كانوا ضحية مزوار وحساباته الزيرو وهوما اتضح من خلال المعارضة الشرسة التي لاقها من أعضاء ونواب في الحزب بعد ذلك .بدوره السيد عبد الله البوكيلي وجد نفسه في مكان محرج ,وهو ابن الشيخ الهرم الذي بقي وفيا للدولة وللحكام ,ليجد نفسه تابعاُ لمزوار المغضوب عليه من طرف القصر.على عكس فؤاد الدرقاوي ,فإن عبد الله حالة خاصة لم نره في تجمعات كبرى خلال حملته الإنتخابية ولم يستقدم كوادر حزبه من الرباط ,ولم يتفاعل ويقابل أناساً كثر بل اكتفى بالمتخصصين من المحيطين به واختاروا أماكن بعينها ,ليرى في الحلم أنه فاز,وصدق الحلم وفاز عبد الله البوكيلي.الشيء الذي أفلح فيه أنه لم يعد أحداً بشيء و”خرج من باب واسع” ,لم يقدم برنامجاً خاصاً به قابلاً للتطبيق كما هو الحال مع بقية المتنافسين ,بل قدم برنامجاً للإستهلاك الإعلامي والإشهاري.سلك منهج :سأفعل لكم ,لن أقول لكم. المختار غامبو أو بعبارة أخرى محمد الفضيلي - عندما كشف المختار غامبوعن أوراق ترشحه للإنتخابات البرلمانية ,رأى كثيرين أنه سيمنى بهزيمة ثقيلة وسيخرج خاوي الوفاض من السباق في منطقة تعرف تطاحناً كبيراً خاصة مع وجود الوزانيين.لكن هؤلاء كانوا لا يعرفون أن خلف الرجل ,صقراً شرساً اسمه محمد الفضيلي أحد أبرز حصادي السنابل والذي مهد لغامبو الطريق ليكسب أصواته التي زرعها في المنطقة وباتت تنبت له فقط.فكيف لرجل رغم قدراته الفكرية والعلمية والتي لا يعترف بها غالبا السباق السياسي نحو البرلمان بالمغرب وليس بأمريكا ,ومكوثه الطويل بالخارج وضعف اطلاعه بخبايا الأمورفي السياسة المغربية الداخلية والتي تعتبر الأحزاب أحد مرتكزاتها,أن يظفر بالمقعد ودون الهالة الإشهارية والتعبوية الكبرى التي اعتمدها منافسوه بالإقليم .فغامبو لم يعد أستاذاً وبدا تلميذا نجيبا للفضيلي وحفظ دروسه عن ظهر قلب ,إلى أن جاء الإمتحان فعز غامبو ولم يهان.تلكم هي السياسة التي انتهجها الأستاذ الجامعي في أمريكا.وليس أيضاً من الغريب أن يصبغ سريعاً بألوان السنبلة ,ليدخل الحقل ليشمر على سواعده ويبدأ في حصد الأصوات ,رغم أن الجرار والحمامة كانا بالمرصاد وكادا يتلفان كل المحصول. لتعلن النتائج ويفكك حلف الثمانية الهش ,الذي كان حزب السنبلة أحد أعمدته ليقفز من على الجرار ويمسك القنديل ليكتشف أنه كان صائبا في ذلك .ليظفر ” ستالين ” المغرب امحند العنصر بعد مشاورات ماراطونية مع الإخوان بأربع حقائب وزارية وليدخل الإطمئنان لنفوس نواب الحزب ومنهم المختار غامبو ,الذي كان يدعي ليل نهار أن يكون في الجبهة المسيرة لدواليب الحكومة ,لاعتبارات عدة ,أهمها أنه رأى أن بمقدرته الشخصية الدخول لمعترك السياسة بالمغرب من بابه الواسع وانتزاع مركز مهم ,وزير مثلاً كما كان يروج إبان حملته الإنتخابية أو أي مركز سام في الدولة لأنه يعتبر أنه خدم المغرب كثيراُ بالخارج بعد أن ظل في الولاياتالمتحدةالأمريكية على رأس المعهد المغربي-الأمريكي ,والذي تأسس في مارس 2003 في نيويورك,وللعلاقات المتشعبة التي نسجها مع مسؤولين أمريكيين بحكم اشتغاله أستاذاً جامعياً في جامعة يال.كما أن غامبو ربط علاقة وثيقة مع وزير السياحة الحالي لحسن حداد الذي كان يقيم ويعمل بدوره في أمريكا ,حيث كان يعتمد عليه في تنشيط ندوات ولقاءات تنظمها المجموعة المغربية – الأمريكية والتي تعتبر خلية تفكير. إضافة طبعاُ للمساندة الخفية من صقر الحركة الشعبية محمد الفاضيلي ,لكن ذلك لم يتأتى له نظراً للمفاوضات العسيرة التي خرج بها حزب السنبلة بأربعة حقائب بشق الأنفس ووزعت على صقور الحزب ومقربي المرأة الحديدية بالحزب. لكن الذي يهمنا نحن هو ماذا سيقدم المختار غامبو بصفته نائباً عن الشعب الذي انتخبه وأوصله للبرلمان وهو في الأغلبية الحكومية.هل سيبقى دائماُ يستعين بمحمد الفاضيلي كحديقة خلفية ,الرجل الذي أصبح مستهلكاً وغير مرغوب فيه أم أنه سيستخدم قدراته العلمية وعلاقاته المتشعبة في أن يفيد ساكنة الإقليم لما تحبه وترضاه.هذا إن لم يسعفه كرسيه البرلماني عن ذلك. لأنتهي من كلامي ,أوجه نداءً ورسالة للمجتمع المدني ولمختلف القوى الحية بالإقليم أن تبقى متيقظة ,واعية حريصة على تتبع سير أداء برلمانيي الإقليم وذلك لتقييم عملهم وإن استطاعوا عقد لقاءات مفتوحة معهم قصد اقتراح وتدارس المشاكل والمقترحات التي تخص الإقليم في مختلف المجالات ,لنكون بذلك أعطينا صوتنا لمن يستحق ولنكون أسمعناهم ما يجب أن يسمعوه لا ما يحب أن يسمعوه.