استضاف الصحافي المخضرم، ريز خان، على قناة الجزيرة الدولية الأمير مولاي هشام بن عبد الله، ابن عم الملك محمد السادس، أمس الأربعاء ودار النقاش بين الأمير والصحافي من جهة والمشاهدين من جهة أخرى حول الانتخابات الأخيرة في المغرب والحاجة إلى إصلاح سياسي واقتصادي في الشرق الأوسط. وفي بداية اللقاء الحي من برينستون، حيث يستقر الأمير حاليا، قدم ريز خان الأمير مولاي هشام على أنه من أبرز المنادين بالإصلاح السياسي في المنطقة العربية، ولذلك أصبح شخصا غير مرحب به في المحيط الملكي. وفي هذا الصدد، قال الأمير مولاي هشام إنه من الأفضل عدم التركيز على المسائل الشخصية والتركيز بالمقابل على مسائل أخرى أكثر أهمية كأنظمة الحكم والسياسات في المنطقة العربية. وعند سأله ريز خان هل ما زال يطالب بالإصلاح السياسي في المغرب كما كان في البداية، أوضح الأمير أن مفهومه للعملية الديمقراطية لا يتمثل في حرمان الملكية من سلطاتها وأن الهدف هو عقلنة دورها في المجتمع من أجل تنمية الاقتصاد، مضيفا أن من أهم مشاكل المنطقة الأنظمة الاستبدادية لكن، حسب الأمير دائما، هذه الأنظمة لا تتشابه، فهناك أنظمة متقدمة شيئا ما وأخرى متأخرة شيئا ما كذلك. وفي سؤال آخر عن الإصلاح السياسي منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، قال الأمير إن هناك عملية إصلاح سياسي لكنها عملية بطيئة وتتمثل أساسا في سياسة ليبرالية تتسم بالانفتاح انطلقت منذ التسعينيات في أواخر عهد الحسن الثاني وما زالت مستمرة. لكن الأمير أضاف أن الأمر لا يتعلق بانتقال ديمقراطي لأن المغرب لم يصل بعد إلى هذه المرحلة، ولكنه في تطور مستمر، واصفا ذلك بأنها صورة غير متوازنة. وفي سؤال لأحد المشاهدين المغاربة حول الانتخابات الأخيرة للسابع من شتنبر وحرية الصحافة وحظوظ الإصلاح السياسي في ضوء ذلك، أجاب الأمير أن الانتخابات الأخيرة هي نظيفة بالمقارنة مع سابقاتها، لكنه استطرد قائلا إن الانتخابات ليست هي أساس الديمقراطية وأن المغرب في حاجة إلى إصلاح دستوري لكي نتحدث عن وجود انتقال حقيقي، وأن النتائج التي حصلت عليها الأحزاب، يقول الأمير، راجعة إلى عدة عوامل، فمثلا، وجود الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لمدة عشر سنوات في الحكم أفقده مصداقيته؛ إلى جانب ذلك، فرغم الأساس القوي لحزب العدالة والتنمية يعتقد البعض أن مرجعيته الإسلامية تطرح بعض الإشكالات، كما أن البعض الآخر يعتقد أنه ليس هناك أي اختلاف بينه والأحزاب الأخرى، لذلك تمت معاقبتهم من طرف الناخبين وهذا ما أدى إلى بلقنة المشهد السياسي. من جهة أخرى، قال الأمير ردا على سؤال لأحد المشاهدين حول الهوة بين العائلات الملكية والشعوب في المنطقة، إنه من ضمن جميع الأنظمة السياسية في المنطقة فالملكيات هي الأنظمة التي يمكنها أن تتقدم بالإصلاح إلى الأمام مقارنة بالنخب السياسية الأخرى، والسبب بسيط، يقول الأمير، لأنه طريقة لضمان استمراريتها، مؤكدا أن ما يقوله ليس دفاعا عن الملكية، مضيفا أن نموذج الملكية بالنسبة له هو أن يلعب الدستور دور الحكم ويبعد نفسه عن كل الشبهات. علاوة على ذلك، يضيف الأمير، يجب الابتعاد عن الصور النمطية للملوك والأمراء والأميرات والتركيز في المقابل على الدور الذي يلعبه الدستور، هل يشكل مثلا دور ممثل الشعب أم يعمل على تسهيل التغيير... أحد المشاهدين المغاربة في الخارج طلب رأي الأمير حول إحباط المغاربة بسبب انتخابات 2002 و2007 وذلك عكس ما كانوا يتوقعونه عند وصول الملك الشاب إلى سدة الحكم. وفي رده على هذا السؤال، قال الأمير إنه ليست هناك مؤسسات خالدة أو مقدسات، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة -37 في المائة- ونسبة ال80 في المائة من المقاطعين تمثل رسالة جدية، حيث قد يتعلق الأمر بلامبالاة وفتور وهي عوامل نفسية يمكن أن تتحول إلى عنف أو شيء آخر. وأضاف الأمير أنه يتمنى أن تقرأ النخب السياسية والأحزاب والمؤسسة الملكية هذه الرسالة الجدية، مضيفا أن معالجة الأمر ليست أمرا سهلا وأنه ليست هناك وصفة سحرية. وفي نفس السياق، أجاب الأمير ردا على سؤال لأحد المشاهدين حول ضرورة إيلاء الأهمية لدمقرطة الاقتصاد أكثر من دمقرطة السياسة، أنه عندما تكون هناك مؤسسات وعدالة اجتماعية وحكامة يحاسبها الشعب فقد تكون للحكومة وسائل لتنفيذ البرامج الاقتصادية بطرق ديمقراطية وبالتالي تحقيق العدالة الاقتصادية. وفي سؤال حول فشل الجيل الجديد من الحكام في المنطقة العربية، أجاب الأمير أن الجيل الجديد والإصلاح هما مفهومان مختلفان. فمثلا لا يمكن مقارنة الأردن والمغرب بسوريا ولا يجب الخلط بينهما. فالمغرب والأردن، حسب الأمير، وخاصة المغرب يتوفر على العديد من الإمكانيات الإيجابية التي يجب استغلالها وتطويرها عكس سوريا التي تعيش في نظام منغلق. وفي نفس السياق، يضيف الأمير أن الإيجابيات التي يقصدها تكمن في ثقافة حقوق الإنسان والقرارات الإيجابية التي تم اتخاذها في هذا الصدد. عن المساء