بدّد المغرب آمالَ الإسبانِ بتشبّثهِ بقرار إغلاقِ المعابر الحدوديّة التّجارية المحاذية للثّغرين، وبالتّالي منْع أنشطة التّهريب المعيشي الذي يمثّلُ مصدرَ عيش عدد من ساكنة الشّمال، مبرّراً موقفه ب"تعرّض النساء اللواتي يمارسن التهريب المعيشي لسوء معاملة وتحرش وسرقة وأمراض". وكانت الأوساط الإسبانية الرّسمية تتوقّع أن يتّجه الوضع إلى هدنة "ظرفية"، خاصة في ظلّ الوضع الاقتصادي الصّعب الذي فرضته جائحة "كورونا"، غير أنّ وزير الدّاخلية، عبد الوافي لفتيت، قطع الشّك باليقين مؤكّداً أنّ "قرار الإغلاق نهائي وسيتمّ تعويض الفئات المتضرّرة من تبعاته". ويشير الجانب الرّسمي المغربي إلى أنّ "نشاط التّهريب المعيشي لا يضر بالاقتصاد المحلي والوطني فحسب، بل أيضًا بصورة المرأة المغربية العاملة في نشاط لا تستفيد منه دائمًا". وتبرّر الرباط موقفها النّهائي القاضي بغلق المعابر التجارية بتعرّض النساء اللواتي يمارسن التهريب المعيشي "لسوء معاملة وتحرش وسرقة وأمراض"، مقدرةً عددهن بنحو 3500 امرأة من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى نحو 200 قاصر. ويدخل إلى سبتةالمحتلة حوالي ثلاثة آلاف مغربي يمتهنون التهريب المعيشي. ووفقاً لما نقلته صحيفة "كونفيدوثيال" الإسبانية فإنّ "الضّغط الكبير على هذه المعابر التجارية أدى إلى إغلاقها مؤقتاً قبل أن يتحوّل القرار إلى شبه نهائي". ولا ينكر الحقوقي المغربي عبد الإله الخضري مظاهر الإذلال والتعسف والقمع والمعاناة الشديدة التي تتكبدها تلك النسوة خلال نقلهن حمولات فوق طاقتهن كما وحجما عبر المعابر الحدودية، لكنّه يستدركُ قائلا: "حرمانهن من مصدر قوتهن اليومي ذلك، دون إيجاد بديل حقيقي، يعتبر أكثر إساءة لهن وأشد مرارة في نفوسهن". وطالبَ الحقوقي ذاته الحكومة المغربية بالعمل وبشكل مستعجل على توفير بدائل لتلك المهنة المهينة، "خاصة أن المنطقة شهدت تزايدا مضطردا للسكان خلال العقدين الأخيرين، بعد توافد آلاف النساء لممارسة التهريب المعيشي على ضفاف الثغرين المحتلين". ومن أهم المبادرات الممكنة، يقترحُ الخضري "دعم الشركات الإنتاجية الناشئة هناك، وإنشاء أسواق خاصة بالبضائع بعد إدخالها إلى نظام الجمركة بشروط تفضيلية، مع التأكيد على ضرورة إخراج نظام الدعم الشهري لفائدة النساء المسنات والأرامل للوجود". كما يقترحُ رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان إحداث أسواقٍ بشروط جمركية تفضيلية لترويج المنتجات التي كانت موضوع التّهريب، ستعمّ فائدتها كلا الطّرفين، خاصة إذا ما توفّرت الوسائل اللوجستيكية الكافية لخلق خطوط إمداد نحو الدّول الإفريقية.